العالم - كشكول
بن والاس وخلال زيارته للمنطقة إستغل اللقاء الذي أجرته معه "قناة الجزيرة" لمهاجمة إيران، محاولا إقناع الرأي العام الخليجي بأن بريطانيا قادرة على حماية أمن الخليج الفارسي، حتى وإن قررت أمريكا التخفيف من تواجدها العسكري هناك.
وحين قرر الإستشهاد بصحة كلامة أشار إلى سفينة "مونتروز" الحربية التابعة للبحرية البريطانية، مدعياً أنها هي من تبقي مضيق هرمز مفتوحاً ضد ما وصفه بتدخل الحرس الثوري الإيراني حسب زعمه.
لكن المضحك في الأمر هو أن الفرقاطة "مونتروز" البريطانية التي يفتخر بها بن والاس، كان لها تجربة مريرة مع القوات البحرية التابعة للحرس الثوري في صيف تموز العام الفائت، حين قررت بحرية الحرس سحب ناقلة النفط البريطانية "ستينا إمبيرو" من أمام أعين الفرقاطة البريطانية التي كانت ترافقها، بعد أن إنتهكت قوانين الملاحة الدولية.
وللتذكير فإنه بحسب تسجيلات الاتصالات اللاسلكية والمشاهد المصورة التي نشرها حرس الثورة الاسلامية في ذلك الوقت، فإن بحرية الحرس الثوري حذرت الفرطاقة البريطانية بنبرة عسكرية، وقالت لها بوضوح: "(ستينا امبيرو) تحت سيطرتنا، آمركم أن لا تتدخلوا في مهمتي؛ لا تعرضوا أنفسكم للخطر".
العملية الإيرانية تمت بنجاح والفرقاطة البريطانية التي يفتخر بها بن والاس وقفت عاجزة عن فعل أي حركة؛ برأيكم لماذا؟
الجواب المنطقي هم أنهم أدركوا حينها أن إيران لم تكن تمزح، وهم على معرفة حقيقة بقوتها، هم أيضا يعلمون أن إيران إذا ما أرادت فعل شيء ستفعله، وعليه فكان من الأجدر بوزير الدفاع البريطاني بن والاس ألا يستشهد بفرقاطة "مونتروز" التي هي أعجز من تحمي نفسها ووقفت أمام بحرية الحرس كفرقاطة "مخرومة".
إذن السؤال الآن من يوفر الأمن ومن الذي يعمل على زعزعة إستقرار المنطقة؟
مما لا شك فيه هو أن إيران تمتلك أكبر ساحل مطل على الخليج الفارسي بالمقارنة مع جميع الدول المطلة عليه، ولذلك فإن إيران تعتبر نفسها المسؤولة عن توفير الأمن في الخليج الفارسي، وهذا أمر أكد عليه جميع المسؤولين الايرانيين، و "مبادرة هرمز للسلام"، أو خطة إيران لإرساء الأمن والاستقرار في منطقة الخليج الفارسي التي أعلن عنها الرئيس حسن روحاني سبتمبر الماضي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة تحت مسمى "تحالف الأمل" مع باقي الدول العربية في الخليج الفارسي، هي خير دليل على نية إيران السليمة تجاه جيرانها، كما أنها جاءت انسجاما مع رؤية دول العالم التي تدور حول تأمين حرية مرور الطاقة والتجارة الدولية في الخليج الفارسي عبر مضيق هرمز.
المبادرة الإيرانية في ذلك الوقت حظيت بتأييد عدد من قادة دول العالم، بمن فيهم المستشارة الألمانية ووزير الخارجية الروسي، إلا أنها لم تحظ بترحيب أميركا وبريطانيا اللتان تمتلكان عددا كبيرا من القواعد العسكرية في دول مجلس التعاون، لأنه لو إعتمدت دول مجلس التعاون على نفسها في حماية أمن الخليج فلن يعود للتواجد الأميركي والغربي في المنطقة داع أصلا.
وهذا ما حذرت منه ايران مرارا وتكرارا، لتؤكد ان التواجد العسكري الاميركي والاجنبي وتخزين السلاح في الخليج الفارسي، هو من يعمل على تقويض الأمن.
ايران بهذه المبادرة ألقت الحجة على الجميع، وعلى رأسهم جيرانها الخليجيين، وحذرتهم من مغبة التطبيع مع الاحتلال والإنجرار وراء الإملاءات الأميركية التي تدفع نحو تشكل حلف بين دول عربية والكيان الاسرائيلي برئاسة اميركا لمواجهة ايران، والحرس الثوري قالها بوضوح: "إدخال الصهاينة إلى الخليج وبحر عمان لن يجلب الأمن لأحد بل سيسبب عدم الاستقرار"، والعاقل من يتعظ قبل أن يبلغ السيل الزبى.
*علي القطان