لبنان.. الحكومة إلى أجل غير مسمى!

لبنان.. الحكومة إلى أجل غير مسمى!
الإثنين ٠٢ نوفمبر ٢٠٢٠ - ٠٩:٥٠ بتوقيت غرينتش

علقت عجلات الحكومة العتيدة في وحول التأليف بعد انتهاء فترة التكليف السريعة، وبعد سلسلة مواقف أوحت بالتفاؤل، يبدو أن أمور الولادة أمامها عقبات وشياطين التفاصيل، والمرجح أن تؤجل لما بعد انتخابات الرئاسة الأميركية.

العالم_لبنان

لم تظهر على الشاشة السياسية الداخلية صلة للتعقيدات التي واجهت الصيغة الحكومية بمتغيرات خارجية، بقدر ما ظهر دخول مساعي الجمع بين حكومة مصغّرة ومشروع المداورة في طريق مسدود ودوران محاولات تدوير الزوايا في حلقة مفرغة، فكلما جرت السيطرة على مشكلة تثيرها المداورة ظهرت بنتيجتها مشكلة ناتجة عن تصغير العدد، وكلما تم التعامل مع مشكلات العدد ظهرت مشاكل جديدة في الحقائب في ظل المداورة.

مصادر على صلة بملف المفاوضات لتشكيل الحكومة وبحسب صحيفة "البناء" قالت إن الحلقة المفرغة التي تواجه الحكومة الجديدة موضوعية ناجمة عن مجافاة صيغة الحكومة المصغّرة والبعيدة عن السياسة، وفي الشكل، لجوهر اتفاق الطائف الذي صار دستور البلاد، حيث الحكومة هي رأس السلطة الإجرائية، في توقيت يشهد مفاوضات ترسيم الحدود بما لها من تأثير على الملفات الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية، وتوقيت سيشهد مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ومفاوضات تتصل بالخصخصة، ما يجعل الحكومة سياسية بامتياز تحرص كل القوى على فحص توازناتها المختبئة بين تفاصيل أسماء "الاختصاصيين". وبالتوازي فإن هذه الحكومة التي قيل عنها إنها حكومة مهمة إصلاحية حصرية لا يمكن حصرها بها، بسبب المسؤولية الدستورية المفتوحة للحكومة، قيل عنها إنها حكومة مهلة معينة تمتدّ بين ستة وثمانية شهور، لا يمكن حصر عمرها بمهلة وفقاً للدستور من جهة، وللمعطيات السياسية التي تقول بصعوبة البحث بحكومة غيرها بعد شهور، ما يعني بقاء هذه الحكومة لموعد الانتخابات النيابية، وربما نهاية العهد الذي أنهى أربع سنوات وينتظر سنتين يسعى أن تكون الحكومة خلالهما تشبه ما يرغب بتحقيقه.

أما صحيفة "الجمهورية" فقالت إن دينامية التأليف، التي انطلقت بنحو مُتسارع وغير مسبوق، إصطدمت بالتعقيدات التي واجهت كل الحكومات المتعاقبة، بدءاً من حجم الحكومة، مروراً بحجم القوى المشاركة، وصولاً إلى الحقائب السيادية والخدماتية والثلث المعطّل. ولا يبدو حتى اللحظة انّ إمكانية حلحلة هذه العقد قبل موعد الانتخابات الأميركية غداً متوافرة. وبالتالي، إنّ السرعة، التي كان الهدف منها الخروج بحكومة قبل الانتخابات، أصبحت متعذرة مبدئياً، فيما وقت التأليف ما بعد هذه الانتخابات يصبح مفتوحاً. وهذا لا يعني العودة إلى النقطة الصفر في التأليف، لأنه في اللحظة التي يَنوجِد فيها قرار التأليف تُذَلّل كل التعقيدات كما يحصل دائماً حيث تولد الحكومات بين ليلة وضحاها، خصوصاً أنّ القوى المتشاركة في التأليف لها مصلحة بولادة هذه الحكومة، ولكن لم يعرف بعد ما إذا كانت أسباب التأخير تتعلق برغبة البعض في انتظار نتيجة الانتخابات الأميركية، أم أنها تتصل بنزاع الحصص والنفوذ المعهودين. ولكن في مطلق الحالات ستتألف الحكومة عاجلاً أم آجلاً، ولا يبدو أنها ستكون مختلفة عن الحكومة المستقيلة.

وقالت أوساط عليمة على صِلة بحركة التشكيل الحكومي لـ"الجمهورية" إنّ العوائق التي برزت أمام ولادة الحكومة متعددة الوجوه، بما يوحي أنّ الخلافات التي أخفاها الصمت لم تعد سراً في جوانب محدودة منها. وانّ الخلاف الذي نشأ عند تنفيذ مبدأ المداورة ما بين الحقائب التي استثنت وزارة المال وشملت كل من وزارات الخارجية والداخلية والأشغال والطاقة والعدل والصحة قد بلغ الذروة، ما أعادَ كرة التأليف الى المربّع الأول، ذلك انّ رئيس "التيار الوطني الحر" أحيا نظرية انّ استثناء وزارة المال يُحفّز على استثناء وزارة الطاقة، خصوصاً بعدما طالبَ بها تيار "المردة"، ولا يُخفى على أحد الرفض او التحذير الدولي الذي نَمَا الى المسؤولين الكبار من انّ إبقاء وزارة المال لدى حركة "أمل" ووضع وزارة الأشغال في عهدة "حزب الله" قد أحيا نظرية تناقض مضمون العقوبات الأميركية التي طاوَلت وزيري الحقيبتين السابقين، هذا عدا عن التوغّل السياسي في تشكيل حكومة قيل إنها ستأتي بوزراء حياديين من خارج الوسط الحزبي، وهو ما لن يشجّع على استعادة ما وعد به لبنان من مساعدات.