ما إنعكاسات فوز ترامب أو بايدن على منطقة لبنان؟

ما إنعكاسات فوز ترامب أو بايدن على منطقة لبنان؟
الإثنين ٠٢ نوفمبر ٢٠٢٠ - ٠٩:٥٧ بتوقيت غرينتش

تعطي جهات عدّة في الداخل والخارج، أهمّية كُبرى لنتائج الإنتخابات الرئاسيّة الأميركيّة التي ستجري الثلاثاء، تصل إلى حدّ الرهان على فوز الرئيس الجُمهوري ​دونالد ترامب​ بولاية رئاسيّة ثانية، في مُقابل الرهان على فوز مُنافسه المُرشّح الديمقراطي ​جو بايدن​. فما هي إنعكاسات فوز ترامب أو بايدن على المنطقة، وخُصوصًا على ​لبنان​؟.

العالم_لبنان

و كتب الخبير اللبناني ناجي البستاني اليوم الاثنين في موقع النشرة الاخباري على الرغم من أنّ يوم الثلاثاء 3 تشرين الثاني(نوفمبر) هو موعد إتمام عمليّات التصويت في ما خصّ الإنتخابات الرئاسيّة الأميركيّة، فإنّ النتائج لن تظهر قبل يوم الأربعاء بسبب فارق الوقت، مع وُجود إحتمال كبير أن تتأخّر عمليّات الفرز أكثر. وفي كلّ الأحوال، النتيجة ستظهر، وإمّا سيبقى الرئيس ترامب في البيت الأبيض لولاية ثانية، وإما سيحلّ منافسه بايدن مكانه. وفي الحالين، سيكون هناك إنعكاسات كبيرة على الأوضاع في العالم أجمع، ومنها في منطقة الشرق الأوسط ككل، وفي لبنان بطبيعة الحال.

في حال فوز ترامب، فإنّ كباشه الإقتصادي مع الصين سيستمرّ، وهو سيُحاول توقيع إتفاق في الملف النووي مع روسيا​، لكن ما يهمّنا هو علاقته مع إيران​، بسبب الإنعكاسات على ملفّات منطقة الشرق الأوسط الساخنة.

وبحسب المُحلّلين الغربيّين، إنّ ترامب الذي تنكّر لإتفاق سلفه باراك أوباما مع إيران طوال فترة ولايته الأولى، من دون أن يتمكّن من إسقاط هذا الإتفاق النووي بشكل كامل، بسبب مُعارضة الدول الأوروبيّة والغربيّة لهذه الخُطوة، سيُواصل ضغطه القوي على طهران​، والذي كان قد بلغ ذروته في السابق بإغتيال القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني​، وذلك بهدف حمل إيران في نهاية المطاف على الذهاب إلى إتفاق جديد مع الولايات المُتحدة الأميركيّة، يشمل وضع ضوابط قاسية على صواريخها الباليستيّة، ويحدّ من تدخّلاتها الأمنيّة والسياسيّة في دول المنطقة، ويُوقف ما تصفه إدارة ترامب دعم طهران للمُنظّمات الإرهابيّة. وبالتالي، ستبقى منطقة الشرق الأوسط ككلّ ضحيّة هذا الصراع الحاد بين واشنطن وطهران، إلى حين التوصّل إلى إتفاق–تسوية جديد بينهما، وهذا الصراع يشمل ملفّات سوريا و​اليمن ولبنان وغيرها.

في المُقابل، في حال فوز بايدن بالرئاسة، فهو مُستعدّ لإعادة إحياء الإتفاق النووي الذي وُقّع في عهد أوباما، بشرط واحد يتمثّل في إلتزام طهران مُجدّدًا ببنود هذا الإتفاق الخاص بنسب تخصيب اليورانيوم لأغراض سلميّة وغير عسكريّة. وبالتالي، من شأن فوز بايدن أن يُخفّف الضغط على إيران، ما سيسمح لها بالتمدّد أكثر وبشكل مريح في منطقة الشرق الأوسط، كما حصل في النصف الأوّل من العقد الحالي.

من جهة أخرى، في حال فوز ترامب بولاية ثانية، فإنّ عمليّات التطبيع التي ترعاها إدارته بين إسرائيل من جهة وعدد من الدول العربيّة والخليجيّة من جهة أخرى ستستمرّ، وستفتح الباب أمام تكثيف وتسريع إدارة ترامب مُحاولاتها لتمرير رؤيتها لتسوية للصراع الإسرائيلي–الفلسطيني، أو ما يُعرف بإسم "صفقة القرن". وبطبيعة الحال، إنّ هذا الملفّ لن يمرّ مُرور الكرام بالنسبة إلى إيران التي ستضع ثقلها لعرقلته، بكل الوسائل المُتاحة، أي سياسيًا وإعلاميًا وخُصوصًا أمنيًا عبر الفصائل المُموّلة والمُسلّحة من قبلها، من لبنان إلى اليمن مُرورًا بسوريا و​العراق وقطاع غزّة. كما سيُحافظ ترامب على علاقة واشنطن الإستراتيجيّة مع الرياض بإعتبار أنّ المملكة حليف إستراتيجي ضُدّ إيران.

في المُقابل، في حال فوز بايدن، فهو سيُواصل الدعم الأميركي السياسي المُطلق لإسرائيل بطبيعة الحال، وسيُحاول إستغلال وتوظيف الخرق الذي حقّقته إدارة ترامب على مُستوى التطبيع بين إسرائيل وبعض دول المنطقة، لكنّه سيكون أقلّ تساهلاً مع سياسة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الإستيطانيّة التوسّعية، وسيتمسّك بحلّ الدولتين. من جهة أخرى، سيكون بايدن أكثر تشدّدًا مع قيادات إقليميّة مُختلفة، ومنها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان​، ووليّ العهد السُعودي محمد بن سلمان وغيرهما، بحجج مُختلفة منها رفض المُغامرات الإقليميّة غير المُناسبة للمصالح الأميركيّة، ومنها رفض إنتهاكات حُقوق الإنسان​، إلخ. لكن إشارة إلى أنّ سياسة الديمقراطيّين والجُمهوريّين مُتشابهة بالنسبة إلى إعتبار إسرائيل حليفًا أساسيًا لواشنطن في المنطقة، وبالنسبة إلى تصنيف أميركا العديد من المُنظّمات إرهابيّة، ومنها "حزب الله"، وبالنسبة إلى مُواصلة دعم الجيش اللبناني من قبل نظيره الأميركي، حيث أنّ لا تغيير مهم في ما خصّ الملفّ اللبناني بالتحديد، بغضّ النظر عن هويّة الفائز.

ومن ضُمن المُفارقات اللافتة، أنّ كلاً من إيران وحزب الله اللذين يعتبران أنّ السياسية الأميركيّة مُعادية لهما ومُنحازة بالمُطلق لصالح إسرائيل، بغضّ النظر عن هويّة الرئيس في البيت الأبيض، يُفضّلان فوز بايدن وليس ترامب، من مُنطلق تفضيل أهون الشرور، بينما سوريا تُفضّل فوز ترامب وليس بايدن، لأنّ الأوّل مُصرّ على إتمام إنسحاب القوّات الأميركيّة من كل من سوريا والعراق و​أفغانستان في المُستقبل القريب، بينما بايدن في حال فوزه، مع عودة العسكريّين الأميركيّين إلى بلادهم، لكن ليس بشكل مُتسارع ومن دون خُطّة واضحة تحفظ المصالح الأميركيّة في هذه الدول.

أكثر من ذلك، إنّ بايدن الذي يُمثّل إمتدادًا لسياسة باراك أوباما، يتساهل بشكل أكبر بكثير من ترامب مع "الإخوان المُسلمين" ومع مُختلف الجماعات الإسلاميّة، الأمر الذي لا يُناسب الرئيس السوري بشّار الأسد، خاصة وأنّ حربه مع ما يصفه بالتكفير الإسلامي لم تنته بعد، ومن شأن إلتقاط هذه الجماعات أنفاسها في المُستقبل القريب، أن يعيد تأزيم الأمور أمنيًا وربما عسكريًا في الداخل السُوري.

في الخُلاصة، على الرغم من أنّ السياسة الإستراتيجيّة الكبرى للولايات المُتحدة الأميركيّة لا تتغيّر، بغضّ النظر إذا كان رأس الحُكم بيد الجُمهوريّين أو الديمقراطيّين، فإن الإختلافات التكتيّة بين الطرفين، وكذلك إختلاف سياسة وأسلوب وشخصيّة كلّ رئيس، تترك كلّها إنعكاسات مهمّة على الملفّات الساخنة في العالم. وكل الأمل ألا ّيذهب لبنان فرق عملة في الصراعات الإقليميّة والدوليّة، وأن ينجح في تحييد نفسه عنها، وأن يُحافظ على علاقات دوليّة جيّدة مع مُختلف الأطراف المعنيّة.