أمريكا.. بين بطة عرجاء وبطة مشلولة

أمريكا.. بين بطة عرجاء وبطة مشلولة
السبت ٢٨ نوفمبر ٢٠٢٠ - ١٠:٢١ بتوقيت غرينتش

قرأنا وسمعنا الكثير عن "المؤسسات" التي تحكُم امريكا، والتي "تحول" دون "تحكّم" أهواء شخص واحد بمصير امريكا، وهذا الشخص عادة ما يكون شخص الرئيس الامريكي، لاسيما في الظروف العصبة وفي مواجهة الازمات الخطيرة. ولكن ما نشهده اليوم في امريكا ليس غياب تلك "المؤسسات" ، التي كثر الحديث عنها، فحسب ، بل غياب دور الكونغرس الامريكي عن المشهد المخزي الذي ظهرت عليه امريكا في ظل ادارة رئيس أرعن مثل ترامب.

العالم كشكول

من منا لم يسمع بـ"البطة العرجاء" ، المصطلح السياسي الامريكي الذي يطلق علي الرئيس الامريكي في السنة الأخيرة من عهده، لبيان حال الرؤساء الأميركيين في آخر فترات مأموريتهم الرئاسية، والتي عادة ما يفتقرون إلى الدعم السياسي المطلوب لتمرير السياسات وتقدم بمشاريع مهمة جديدة، وهو اصطلاح يكثف عادة دور "المؤسسات" الامريكية ، كما قرأنا وسمعنا، في مقابل دور الرئيس. ولكن ما نشهده اليوم في امريكا، يكشف ان ترامب الذي تجاوز مرحلة "البطة العرجاء" ، وهي السنة الاخيرة من دورته، الى مرحلة "البطة المشلولة"، بعد ان خسر الانتخابات ولم يتبق له سوى اسابيع على خروجه من البيت الابيض، مازال يتحكم بكل مقاليد الامور، ويعزل ويعين وزراء، ويطعن بالنظام السياسي الامريكي، ويهدد بشن هجوم على ايران، ويرفض تسليم السلطة للرئيس المنتخب، والاكثر من ذلك، يهدد وينفذ تهديداته وبصوت عال بانه سيفسد على الرئيس المقبل ولايته ويسمم دورته ويمنعه من تنفيذ سياساته ومنها اعادة امريكا الى الاتفاق النووي لإخراج امريكا من عزلتها الدولية.

اللافت ان ترامب، يعلن عن كل ذلك على الملأ، وسط صمت مطبق للكونغرس و "المؤسسات" التي صدعوا رؤوسنا بها، وهي تسمع وترى تهديداته بقصف منشآت نووية ايرانية، وارساله حاملة طائرات امريكية الى الخليج الفارسي، وطائرات بي 52 العملاقة، وإيحاءاته بتورطه في جريمة اغتيال العالم الايراني الشهيد محسن فخري زادة، من اجل توريط امريكا في حرب لا افق لها من الحيلولة دون عودة بايدن الى الاتفاق النووي، بينما لا يفصله عن الخروج من البيت الابيض سوى 50 يوما.

ظاهرة ترامب، كشفت عن الوجه الحقيقي لامريكا، فكل ما قيل عن "ديمقراطية" و "عظمة" و "جبروت" و " مؤسسات" و "كونغرس" امريكا، كلام فارغ، فهذه الدولة بكل ما تملك من امكانيات ليست سوى عصا غليظة تستخدمها الصهيونية العالمية بشكل فج ، لتحقيق مصالحها غير المشروعة في العالم، وما تحكم "البطة المشلولة" ترامب بمقدراتها بهذه البلطجة الوقحة، لصالح الصهيونية رغم انف الامريكيين، الا جانبا من هذه الحقيقة.