النيجر تشهد اليوم أول 'انتقال سلمي للسلطة' في تاريخها

النيجر تشهد اليوم أول 'انتقال سلمي للسلطة' في تاريخها
الأحد ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٠ - ٠٦:٠٦ بتوقيت غرينتش

تُجري النيجر، إحدى أفقر دول العالم التي قوضتها هجمات الجماعات الإرهابية، أول انتقال ديمقراطي سلمي للسلطة في تاريخها، من خلال انتخابات رئاسية تنظّم اليوم الأحد.

العالم - افريقيا

ويغادر على إثرها، الرئيس محمدو يوسفو الذي يحكم البلاد منذ 2011، السلطة بعد انقضاء ولايتيه الدستوريتين.

ولم يشهد هذا البلد الواقع في منطقة الساحل في السابق أي انتقال للسلطة بين رئيسين منتخبين منذ استقلال الدولة عن فرنسا في عام 1960، جراء الانقلابات التي كانت تطيح الرؤساء (1974 و1996 و1999 و2010).

وسيكون الانتقال مهماً ليس فقط في النيجر، وإنما في غرب أفريقيا بالكامل، حيث تمسك الزعماء أخيراً بفترات ثالثة متنازع عليها في غينيا وساحل العاج. وسيتعين على الرئيس المقبل في النيجر التعامل مع مشكلات كبيرة، على رأسها مهمة الأمن ومكافحة الجماعات المتطرفة، فضلاً عن الفقر والنزوح والفساد.

ولقي انسحاب يوسفو ترحيباً في الساحة الدولية فيما يتمسك العديد من رؤساء الدول الأفريقية بالسلطة. وقال يوسفو "إن تسليم السلطة في عام 2021 لخليفة منتخب ديمقراطياً، سيكون أعظم إنجاز لي، وسيكون سابقة في تاريخ بلادنا".

وسيتنافس ثلاثون مرشحاً للحصول على أصوات حوالي 7,4 ملايين ناخب من أصل حوالي 23 مليون نسمة، بينما ينتخب أيضاً نواب لنحو 171 مقعداً في الجمعية الوطنية.

وإن لم يفز مرشح واحد بأكثر من 50 بالمائة من الأصوات للانتخابات الرئاسية، فسيصوت ناخبو النيجر في جولة إعادة تجرى يوم 21 فبراير/ شباط المقبل.

المرشح الأوفر حظاً هو محمد بازوم، وزير الداخلية والخارجية الأسبق، الذي يُعتبر الذراع اليمنى للرئيس يوسفو. ويطمح بازوم للفوز في الجولة الأولى، وهو ما لم يحدث في تاريخ البلاد سابقاً.

ويتمتع هذا الرجل البالغ من العمر 60 عاماً، بنفوذ كبير جراء الفوز الساحق الذي حققه "الحزب النيجري من أجل الديمقراطية والاشتراكية" الذي ينتمي إليه في الانتخابات المحلية التي أُجريت في 13 ديسمبر/كانون الأول الحالي. وقد وضع نفسه "على خطى يوسفو" ووعد بتسليط الضوء على الأمن والتعليم وخصوصاً للفتيات.

من المرشحين الآخرين أيضاً رئيس الدولة السابق الذي قام بانقلاب في 2010، الجنرال المتقاعد سالو جيبو، والذي قال إن أفضل ما سيفعله مكافحة التطرف.

يخوض السباق معهما كذلك، إبراهيم يعقوبو، وزير الخارجية السابق في حكومة يوسفو، والذي طُرد من الحزب الحاكم بسبب مخالفات وانتقل إلى المعارضة، ويتعلق برنامجه الانتخابي بمكافحة الفساد.

لكن أبرز منافسة لبزوم تأتي من الرئيس السابق ماهامان عثمان، الذي يحظى بدعم زعيم المعارضة هاما أمادو، الذي رفضت المحكمة الدستورية ترشحه بسبب إدانته في عام 2017 في قضية اتجار برضّع.

وينكر أمادو الاتهامات ويصفها بأنها مسيّسة. وهناك أيضاً رئيس الوزراء السابق أبوبا البادي، الذي يعتبره البعض خصماً رئيسياً لبازوم كذلك في غياب أمادو.

ورأى مصدر مطلع على السياسة النيجيرية في حديث لـ"فرانس برس"، "أننا في حملة مضحكة"، مضيفاً "لدينا انطباع بأن بازوم (الذي يعتز لكونه زار 240 بلدية من أصل 266 في البلاد) هو الوحيد الذي يقوم بحملة".

وأشار المصدر إلى عدم تجديد الطبقة السياسية، مع ترشح ما لا يقل عن رئيسين سابقين وسبعة وزراء سابقين، ويزيد معدل أعمارهم عن 60 عاماً في بلد يشكل الشباب فيه غالبية السكان.

ووسط هذه المعركة الانتخابية، تفرض مسألة الأمن نفسها على المشهد. فقد كانت هجمات شنّها متطرفون قد أثرت على الانتخابات المحلية قبل أسبوعين، عندما قتل متمردون على صلة بجماعة "بوكو حرام"، في 12 ديسمبر الحالي، 34 شخصاً في تومور بمنطقة ديفا قبل يوم من التصويت.

ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية، حدث هجوم آخر، في الغرب قتل فيه 7 جنود في 21 ديسمبر الحالي، حيث ينشط تنظيم "داعش" في الصحراء الكبرى بشكل منتظم، وهو ما يذكر بأهمية مسألة الأمن.

وتقاتل النيجر منذ سنوات الجماعات المتطرفة في منطقة الساحل في جنوب غرب البلاد وجماعة "بوكو حرام" في جنوب شرقها، ولا تزال بعيدة عن إلحاق الهزيمة بها على الرغم من التعاون الإقليمي والمساعدات العسكرية.

فقد سقط الآلاف من القتلى كما نزح مئات الآلاف في السنوات الأخيرة على الرغم من تواجد آلاف من الجنود المحليين والدوليين.

وكان يسوفو ربط قراره بعدم الترشح بعد ولايتين بمسألة الأمن، قائلاً: "لا يمكن تحقيق أي شيء بدون الأمن"، فيما قال بازوم في حديث مع وكالة "فرانس برس"، إن "على النيجر تجنيد مزيد من رجال الشرطة والدرك، بدلاً من الاستثمار بشكل كبير في المعدات العسكرية"، مضيفاً "إنها حرب غير متكافئة.

الزج بقوافل عسكرية كبيرة وبالأسلحة أشبه بالرغبة في قتل ذبابة بمطرقة. سنعزز قوى الأمن الداخلي لمحاربة هؤلاء الإرهابيين". ومن خطط بازوم دمج الشباب من المناطق المتأثرة بالهجمات المسلحة في الحرس الوطني.

إذ يعارض هذا المرشح تشكيل مليشيات أو جماعات الدفاع الذاتي كما هي الحال في بوركينا فاسو أو مالي، لكنه يؤكد أن اندماج الشباب "سيحدث فرقاً"، ويأمل أن يكون هذا هو "الحل" لمواجهة المتطرفين.