الشيخ النمر رمز المقاومة الحتمية في السعودية..

الشيخ النمر رمز المقاومة الحتمية في السعودية..
السبت ٠٢ يناير ٢٠٢١ - ٠٤:٢٦ بتوقيت غرينتش

ليس خافياً على أحد أن الملوك الذين تداوروا على حكم السعودية نُصِّبوا حكاماً عليها من قبل الإستعمار البريطاني سابقاً ثم الأمريكي. هذا الدعم المطلق لآل سعود، بل التعيين المباشر من قبل الإستعمار الأجنبي، منحهم قوّة غير متناهية للسيطرة على بلاد الجزيرة العربية، وترسيخ حكمهم فيها بالدم والسيف.

العالم - السعودية

واقعٌ لم يتنكر له آل سعود أنفسهم، فلطالما تفاخر آل سعود بذلك، ومجّدوا الجرائم التي ارتكبوها بحق أهالي الجزيرة العربية.

إلى جانب انتهاج سياسة القمع والتنكيل، حكم آل سعود بلاد الحرمين وفق مبدأ “فرّق تسد”، إذ عملوا على إنشاء الفكر الوهابي المتطرف الذي يكيل العداء لجميع المذاهب الإسلامية.

وهو الأمر الذي أثار الفرقة بين المكونات الشعبية وزاد من الفتن الطائفية والإقتتال الداخلي.

وبطبيعة الحال كانت سلطات آل سعود ولا تزال المستفيد الأول والوحيد من هذا الصراع، لمنع الشعب من التوحّد والإستعداد لمواجهة الطغيان.

كل حكم ديكتاتوري في العالم، يعيش رهاب الثورة، تماماً كآل سعود، الذين لا زالوا ينكّلون حتى الآن بكل من دعم أو شارك أو اشتبه بمشاركته في التظاهرات السلمية التي اندلعت عام 2011 في القطيف والأحساء.

وليس من المبالغة القول أن ثمة الكثيرون من النشطاء والعلماء في المنطقة الشرقية اعتقلوا وقتلوا أو حكم عليهم بالإعدام على خلفية التعبير عن رأي معين في تغريدة، أو تصوير التظاهرات، أو رفع لافتات تحمل مطالب معيشية محقة. هذه الأنشطة السلمية والبديهية، تصنف بحسب النظام السعودي في دائرة الردّة والخيانة العظمى للوطن.

تبدع سلطات الرياض بحماية عروش آل سعود، وذلك من خلال ابتكار الفتاوى الوهابية أولاً التي تفصّل بحسب الطلب، فتُحرِّم الثورات والإحتجاجات السلمية ليرتدع جزء من الشعب بهذا الأسلوب.

وثانياً تمعن في الاعتقالات والمطاردات وارتكاب جرائم الإغتيالات والإعدامات وذلك لردع الجزء المتبقي من الشعب الذين لم يقتنعوا بالنص الديني الذي ابتكرته السلطات السعودية لتجريم الثورة وإبعاد الشعب عن المواجهة، كي يبقى آل سعود يسيطرون على جميع ثروات البلاد ونفطها ومعادنها وأموالها، وكي يتسنى لهم صرفها على ملذاتهم الخاصة، وتمويل الحروب والصراعات التي يخوضونها على امتداد العالم الإسلامي، وليمنحوا جزءً كبيراً منها للأمريكيين حتى يؤمنون حماية عروشهم.

لكن مهما بلغت جرائم الطغيان وحيله، تبقى المقاومة هي الحل الأجدى لمقارعة الظلم والطغاة. إذ أن مقاومة الطغيان هي السبيل الوحيد لتحصيل الحقوق والحريات التي تتوق لها شعوب الأرض، ومن ظن أن الطغاة سيمنحون الشعوب حقوقاً وحريات بالمجان وبدون ثمن فهو واهم، لأن هذه الحقوق لا تُهدى من قبل الطغاة إنما تنتزع انتزاعاً من أحشائهم.

لذا كانت مقارعة الطغيان والمقاومة الحقة على مر العصور المنبع الحقيقي لتدفق سائر الحقوق المسلوبة والسبيل الوحيد لاستعادة الكرامة البشرية وإثبات إرادة الشعب ودوره المؤثر في شكل الحكم وطريقته. تتخذ مقاومة الطغيان أشكالاً عديدة، فقد تكون من خلال التظاهر السلمي الذي عادةً ما يتمظهر على هيئة تجمعات شعبية سلمية للمطالبة بالحقوق المسلوبة وإجراء الإصلاحات المنشودة.

أو تكون عبر الإضراب العام وهو اتفاق بين جمع من المواطنين الذين يتبؤون مناصب معينة في دولتهم للإعلان عن رفضهم لانتهاك لحقوقهم أو الإضرار بمصالحهم من جانب السلطة السياسية.

تكون أيضاً من خلال العصيان المدني الذي يمثّل إجماعاً شعبياً على الرفض الصريح والمقاطعة الشاملة للسلطة القائمة في محاولة للضغط عليها وإجبارها على الانصياع للإرادة. أما المواجهة الأمثل والأشرس فتكون من خلال الثورة الشعبية التي تشكل رد فعل جمعي وعنيف ضد انتهاكات النظام وتجاوزاته يصل إلى حد المطالبة بتغيير النظام برمته في سبيل إعادة بناء نظام سياسي جديد يختلف عن سابقه.

لقد عرفت السعودية رجلاً مقاوماً صدحت حنجرته بالحق في عقر دار الطغيان غير آبهاً لنتائج فعاله، وما سيترتب عليه من ألم ومعاناة. فخرج إلى الملأ بعنفوان منقطع النظير محاولاً استنهاض الشعب وتوجيه طاقاتهم نحو مواجهة آل سعود، لتحصيل حقوقهم بالقوة، وهو الشيخ الشهيد نمر باقر النمر.

ولعل أبرز الشهادات على جهود الشيخ الشهيد في هذا المضمار، خطابه الذي ألقاه في 9 مارس 2012، والذي قال فيه: “مشكلتنا ليست مع التمييز الطائفي، لأنه نتيجة لسياسات النظام.. بل مشكلتنا مع التمييز السلطوي، ذلك أن التمييز الطائفي هو صنيعة السلطة ليبقى الشيعة يتشاجرون مع السُنّة وكلاهما يحتاج للسطلة والشعب معتدى عليه في حين يبقى الحاكم متسلّط على الطرفين”.

وتابع: “النظام يقول للسنة هؤلاء الشيعة كفار تعالوا نساعدكم لتقفوا ضدهم، ثم يأتي يقول للشيعة أنتم أقلية هنا وإذا فتحنا للسنة مجالاً سيأتون ويقتلونكم. وبالتالي نتصارع ببعضنا بينما السلطة هي المسيطرة على الجميع”.

وفي 11 نوفمبر 2011، أعلن سماحته عدم شرعية حكم آل سعود للبلاد قائلاً: “هذه الولاية هي لله وللرسول ولآل بيته، ولمن يحمل الراية من بعدهم ويسير على نهجهم من العلماء الربانيين وكل ما دون ذلك لا ولاية له، فنحن نتولى الله ورسوله وآل بيته فقط ولا نتولى حاكم أبداً.

السلطة لا تعطي الولاية ولا تعطي شرعية للولاية لأن هذا يعطى من الله فقط ولا يجعل الله ولاية لظالم” وتابع “صريح القرآن أن الظالم ليست له ولاية (ولا تركنوا للذين ظلموا فتمسكم النار)”. متسائلاً “من هو هذا الوطن أهو هذا النظام الذي يظلمني؟ يسرق مالي ويسفك دمي؟ وينتهك عرضي؟ الولاء لله ولمن جعله الله ولياً فقط لا لآل سعود ولا لأي دولة أخرى”.

تناول الشيخ النمر سوء إدارة آل سعود للبلاد، وعدم إشراك الشعب في عملية الحكم، فقال في 22 يونيو 2012: “لو ثمّة مدير في وشركة ما، كبر وأصبح عاجزاً عن الإدارة تلقائياً يُحال إلى التقاعد فماذا الحال لو كانت دولة كاملة فيها شركات ومؤسسات يحكمها ملك أصبح عاجزاً فلماذا لا يُحال للتقاعد؟”.

وأردف: “نايف لا يُحال للتقاعد أهل يجب أن يأتي ملك الموت ليسلب روحه حتى يرتاح الشعب؟ إذاً إلى متى السكوت بأي حق سلمان يعين ولي عهد ونحن صامتون، أيها السّنة لماذا لا تردّون عليهم.. ردّوا عليهم احيوهم حتى يحيكم الله جزاكم الله خيراً نسأل الله أن يجعلنا ممن يقل كلمة حق أمام سلطان جائر ولو كان فيها دمنا فبدمنا حين نستشهد تنمو وتكبر وتينع شجرة الكرامة والعدل والحرية”.

إلى ذلك بيّن الشيخ الشهيد سياسات البطش وسفك الدماء والإفقار التي تنتهجها السلطات السعودية، مستنهضاً روحية الشباب الثوري للإقدام والمواجهة حتى لو كانت النتيجة الاعتقال أو القتل، فقد جاء في خطبته في 22 مارس 2012: “آل سعود يتمتعون بالملك وبسفك دماء الناس، أسينفعهم ذلك في أبواب جهنم المفتوحة لهم؟ لذلك نحن لا نخاف مهما قتَلوا وجَرحوا واعتَقلوا.

نحن بمشيئة الله أبواب الجنان مفتوحة لنا وأبواب جهنم مفتوحة لآل سعود المجرمين الذين يستحوذون على السلطة. ودماء شهدائنا الذين يبحثون عن الكرامة والعزة والحرية والعدالة رافضين للإستعباد حتى يتحرر المجتمع من حكم آل سعود الذين أفقروا الناس غالية جداً”.

زينب فرحات مرآة الجزيرة