الانتخابات الرئاسية عنوان مرحلة جديدة في مستقبل سوريا

الانتخابات الرئاسية عنوان مرحلة جديدة في مستقبل سوريا
الخميس ٢٢ أبريل ٢٠٢١ - ٠٢:١٦ بتوقيت غرينتش

في مشهد واضح، دمشق افتتحت الطريق في اتجاه انتخابات رئاسة الجمهورية، وتجاوزت التهويل الغربي، لتحدد الـ 26 من أيار/مايو موعدا للانتخابات الرئاسية التي فتح باب الترشح إليها، لتملك لانتخابات الرئاسة السورية، فرادة في الظروف الميدانية والسياسية والتحديات الخارجية، ودمشق الاقدر على تنظيمها وانجاحها.

العالم - كشكول
كما كان متوقّعاً، لم يتأخر مجلس الشعب عن اعلان موعد إجراء الانتخابات الرئاسية، الثانية من نوعها، خلال سنوات الحرب بموجب دستور عام 2012، ويحمل هذا التوقيت رمزية خاصة، كونه يأتي بعد شهر كامل من مرور عشر سنوات على الحرب التي فرضت على سورية، في تجسيد واضح للمؤسسات الدستورية، ليحمل هذا الفاصل الزمني، قوة الرمز لاستمرار المؤسسات الدستورية السورية، وقدرتها على تنظيم الانتخابات الرئاسية، بالرغم من الحرب العسكرية، والإرهاب الاقتصادي، في رسال واضحة ان الاستحقاق السوري وما بعده، يحمل املا بفجر جديد، ويطلق سوريا ما بعد الحرب، التي بدأت ضمن حراك إزالة اثار الحرب على المستوى الاجتماعي، ومكافحة الفساد، وفق تصور المؤسسات السورية التي أنجزت استراتيجية لمكافحة التضخم، وإصدار قوانين تتماشى مع الوضع الاقتصادي، والتلاعب بالأسعار، كقانون حماية المستهلك الجديد، ليشكل الرئيس الأسد فيها الضامن الحقيقي للقمة عيش المواطن، من اصغر مؤسسة اقتصادية، وصولا الى الاستحقاق الدستوري للانتخابات، والقائد الفعلي لرسم ملامح سوريا ما بعد الحرب، ضمن جهد سوري خالص.
الانتخابات الرئاسية السورية أطلقت العديد من الرسائل، في فضاء دوائر القرار السياسي الإقليمي والدولي، أبرز هذه المضامين المرسلة، توجه نحو منظومة العلاقات الاقليمية والدولية، وتحديدا المرتبطة منها بالحرب المفروضة على سوريا، لتخبر الجميع ان البنى السياسية والإدارية السورية قادرة على التكامل مع السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وهذا يعني ان الدولة السورية هي دولة مؤسسات، لم تستطع منظومة الإرهاب بكافة اشكاله من التأثير عليها، وهو نجاح سوري جديد بعد الإنجازات العسكرية والأمنية، ولاحقا التصدي للإرهاب الاقتصادي، ليلحق بهم التطبيق الكامل للاستحقاقات الدستورية، ومنها الانتخابات التشريعية ومن ثم الانتخابات الرئاسية، دون تأجيل او تعطيل، في معركة صامتة، عطلت فيها دمشق محاولات دول العدوان، تعميم الفوضى، وتدمير بنية الدولة السورية، مستمدة شرعيتها من الشعب السوري، بعد ان ادارت ظهرها لكل أنواع الدول الكبرى والصغرى، والتحالفات والاصطفافات الإقليمية، مكرسةً مبدأ سيادة الشعب، ومؤكدةً الاهلية السياسية للشعب السوري، وعدم السماح لاي من قوى العدوان لمصادرة القرار المستقل للشعب، كون الدوائر المغلقة في غرف الاستخبارات الغربية وحلفائها من الإقليم لا تتوقف عن حياكة المؤامرات، وإنتاج هيئات وائتلافات لا تملك أي رصيد، سوى ما يوضع لها في البنوك من أموال، لمواجهة الشعب السوري، ومصادرة رأيه وقراره وقدرته على صناعة المستقبل، عبر اغراقه بأزمات كثيرة، الا ان قافلة الشرعية السورية وإرادة الشعب تسير، في معركة ضمن حرب يدافع فيها السوريون من اجل المحافظة على هيكلية الدولة، وما الانتخابات الى معركة دفاعية في سياق حرب اضرمت نارها، بقرار غربي وبأموال عربية، لإسقاط السيادة السورية، ومنبر العزة والكرامة للعرب والإنسانية.
ان تنظيم الانتخابات الرئاسية في هذا التوقيت بالذات، تشكل قوة المثال والنموذج الحقيقي لدول المحيط وشعوبها، وبدائرة أوسع للإقليم، لتمارس حقها السيادي وتختار قادتها، بكامل ارادتها، بعيدا عن الاملاء الخارجي والتوافقات الدولية، وفرصة لتقرأ رسالة الشعب السوري الواضحة جدا، انه لا عودة للوصاية الغربية، بكافة اشكالها، ان كانت معلنة او مقنعة، فمنصب رئيس الجمهورية، يجب ان يعبر اختبار الشعبية في وطنه، ومن قِبل مواطنيه، ولن يقبل السوريون سلطةً سياسية تحضر في مؤتمرات دولية على قياس الغرب وأذياله، وتسعى للتفريط بالثوابت السورية في المقاومة والتحرير، والدفاع المقدس عن البلاد، وفي هذا الاستحقاق ينطلق الشعب السوري ودولته ومؤسساته من قاعدة مهمة في المعركة الصامتة، وهي ان كل ورقة انتخاب تسقط في صندوق الاقتراع هي كالرصاصة او القذيفة التي تسقط على مواقع العدوان، فالمساهمة في الانتخابات الرئاسية نراها نوع من الاعمال الدفاعية عن سورية، ومن هنا نرى الاهمية المطلقة للمساهمة في نجاح العملية الانتخابية ترشيحا واقتراعا، وان هذه الانتخابات ليست من اجل اختيار رئيس للجمهورية فحسب، بل هي من اجل تثبيت الجمهورية المستقلة وتمكين الدولة من المحافظة على سيادتها .
لذلك، تأتي الانتخابات الرئاسية كعنوان لمرحلة هامة تكمل انتصار سوريا الدولة والمجتمع على مفاعيل الحرب، وتشّرع للسوريين دروب البناء والنهوض وتزيل كل المعطّلات أمام الحياة السورية، من هنا يبرز أيضا حرص الدولة على مشاركة جميع أبنائها بصنع القرار، وما فتح السفارات السورية في الخارج للاقتراع بما ينص عليه الدستور، الا جزء من هذا الحرص، ليرمي الكرة في ملعب القوى التي تتاجر بمفاهيم الحقوق والحريات والديمقراطية، فهي إما ان تسمح للمواطنين السوريين على أراضيها بممارسة حقهم الطبيعي في الانتخاب ضمن سفارتهم، او انها ستكشف مرة أخرى عن وجهها الحقيقي الذي لا يتجاوب مع اية عملية انتخابية تترجم ارادة الشعوب.
بالنتيجة، هي معركة ضمن حرب، ونجاح هذه الانتخابات هو لبنة جديدة في بناء النصر السوري، الذي أوقف كل مشاريع التجزئة والتفتيت، ويعني بالقدر ذاته افشال محاولات الاستيلاء الغربي على القرار السياسي السوري، فالغرب الداعم لقوى العدوان، لم ينتبه الى ان سورية هي مكون اساسي من محور احترف انزال الهزائم بقوى العدوان، وان زمن الانتصار هو زمنه الان بعد ان ولى زمن الهزائم .

* حسام زيدان