الإمارات تستعين بكيان الاحتلال لتوفير الحماية لمعرض 'إكسبو'!

الإمارات تستعين بكيان الاحتلال لتوفير الحماية لمعرض 'إكسبو'!
الخميس ١٥ يوليو ٢٠٢١ - ٠١:٠٤ بتوقيت غرينتش

كشفت وسائل إعلام عبرية عن استعانة الإمارات بحكومة لاحتلال الاسرائيلي لتوفير الحماية الأمنية لمعرض "إكسبو دبي" المقرر افتتاحه في 31 تشرين أول/أكتوبر المقبل ويستمر ستة أشهر.

العالم - الامارات

وحسب موقع "الامارات ليكس"، "قالت صحيفة جلوبس العبرية إن طائرات مسيرة إسرائيلية ستحمي المشاركين في معرض إكسبو 2020 في دبي، وذكرت الصحيفة أن شرطة دبي اختارت منظومة طائرات مسيرة من شركة إسرائيلية سيتم نشرها في جميع أنحاء المدينة من أجل تقصير وقت استجابة الشرطة للأحداث خلال المعرض.

وتورط النظام الحاكم في الإمارات بتعاون أمني واستخباراتي بشكل سري منذ سنوات وعلى نطاق قبل إشهار اتفاق التطبيع بين الجانبين برعاية أمريكية في آب/أغسطس 2020.

وجاء الإعلان الرسمي عن تطبيع العلاقات الإماراتية، مع سلطات الاحتلال، ليُشَرعِن مساراً طويلاً من التعاون الثنائي الممتد لسنوات، ويستند على ملفات عديدة، قادت خطوات مسؤولي الامارات وكيان "اسرائيل".

وتعود القنوات المفتوحة بين أبو ظبي، وتل أبيب، لفترة تسبق بكثير لحظة الإعلان الرسمي عن شرعنة العلاقة، برعاية أمريكية، للمسار الذي خلف موجة استنكار واسع.

ويُحصي العارفون بخبايا العلاقة بين الامارات وكيان "اسرائيل"، عشرات المواقف، واللقاءات، والاتصالات، التي كانت تتم بين قادة ومسؤولي الامارات وكيان "اسرائيل" على أعلى مستوى، تكللت بالاتفاق الثلاثي.

ويكمن الفرق الوحيد هذه المرة، أن الأمر صار مفضوحاً، فلم تكن إلى وقت قريب تتسرب علناً تفاصيل العلاقة، وخفايا اللقاءات التي تدار خلف الأبواب المغلقة. تغيرت قواعد اللعبة، لحظة قررت سلطات الاحتلال اللعب على المكشوف، وتخلت عن سياسة التحفظ، وامتناعها سابقاً عن إفشاء أسرار علاقاتها مع دول عربية لا توجد معها علاقات دبلوماسية.

ووجدت تل أبيب أن تعهداتها بتجنُّب إحراج هذه الدول، لم تحقق لها النتائج المرجوة من تطلعاتها، وقررت الانتقال إلى مرحلة العلن وفضح كل المسارات، والإعلان عن الخطوات التي تجمعها بتلك العواصم.

وأصبحت العلاقات الإسرائيلية العربية أكثر انكشافاً مع بعض الدول، وفي مقدمتها الإمارات، في وقت لم تعد فيه أبو ظبي تجد حرجاً في التصريح بها رسمياً.

التحولات التي شهدتها الإمارات منذ استلام، أو استيلاء محمد بن زايد على السلطة، استندت أساساً على توطيد العلاقة مع واشنطن، والتقرب من اللوبي اليهودي المتنفذ في الولايات المتحدة. وكان الحاكم الفعلي للإمارات يدرك سلفاً أن طموحاته التوسعية، وخططه في بسط نفوذه في المنطقة والترويج لمقارباته في تضييق الخناق على قوى الثورة في الدول العربية، لن تتحقق من دون خط مفتوح مباشر بين أبو ظبي وتل أبيب.

مسار طويل

لم تصل العلاقات الإماراتية ـ الإسرائيلية هذا السقف دفعة واحدة، وكانت نتاج نقلات، ومسارات متعددة، وطبخت على نار هادئة، خلال سنوات متواصلة.

وكان عام 2019 الفترة الذهبية في ازدهار العلاقة السرية، وحملت في طياتها خطوات تطبيعية متصاعدة، بدأت تلفت الأنظار، لحجمها، واتساعها، وجرأتها.

وشكلت زيارة وزير خارجية كيان الاحتلال يسرائيل كاتز، مطلع تموز/يوليو 2019 إلى أبو ظبي، القاطرة التي نقلت العلاقات الثنائية بين الامارات وكيان "اسرائيل"، نحو محطتها النهائية.

وخلال مشاركة المسؤول الإسرائيلي في مؤتمر الأمم المتحدة لشؤون البيئة، التقى مسؤولاً إماراتياً كبيراً، وصرّح علناً أنه طرح مبادرة للسلام الإقليمي.

لم يُكشف لحظتها عن المسؤول الإماراتي الكبير الذي التقاه، لكن بجمع قطع الأحجية، والاستناد على التسريبات الإسرائيلية، يتكشف أن المسؤول الكبير، هو ذاته حاكم الإمارات الفعلي، وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد.

وبالعودة لما نقلته المصادر الإسرائيلية يومها عن الزيارة، نفهم السياق العام للمبادرة التي حيكت في جناح الظلام.

واعترف وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، أنه يزور أبو ظبي لتمثيل مصالح كيان "إسرائيل" مع دول الخليج (الفارسي)، وتعهد بمواصلة العمل مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لتعزيز سياسة التعاون، بناءً على ما وصفه قدرات إسرائيل، في مجالات الأمن والمخابرات وفي المجالات المدنية المختلفة.

ومر تصريح وزير الخارجية الإسرائيلي في ختام زيارته للإمارات منتصف 2019 مرور الكرام، ولم ينتبه لمضمونه إلا قلة، حينما قال أنه قدم مبادرة “مسارات السلام الإقليمي” التي تشتمل على اتصال اقتصادي واستراتيجي بين المملكة العربية السعودية، ودول الخليج (الفارسي) عبر الأردن، وشبكة السكك الحديدية الإسرائيلية وميناء حيفا في البحر الأبيض المتوسط.

عند التوقف في الجملة الأخيرة من تصريح الوزير الإسرائيلي، تكون الصورة النهائية للمشهد اكتملت، ولن تنتظر الأطراف المطبعة مع سلطات الاحتلال طويلاً، لتكشف عن المخطط النهائي، والذي يتضمن أيضاً خط سكة حديد يربط القدس المحتلة مع مكة.

تعاون أمني واستخباراتي رفيع

يستند التنسيق الإسرائيلي الإماراتي، على ملفات أمنية واستخباراتية مشتركة، افتضحت علناً عام 2010 ومن لحظة اغتيال القيادي في حركة حماس محمود المبحوح في قلب دبي، تُفتضح جوانب من المؤامرة، والأطراف الضالعة في العملية، التي نفذتها المخابرات الإسرائيلية “الموساد”. وتدريجياً بدأت تتكشف تفاصيل المخطط السري للعملية، وسيناريو الاغتيال، ومعه إرث عريق من التعاون والتنسيق الأمني، الإماراتي ـ الإسرائيلي.

وكان واضحاً أن الخرجات الإعلامية لقائد شرطة دبي وقتها الفريق ضاحي خلفان، وتطرقه لسيناريوهات عملية اغتيال المبحوح، كان الهدف الأساسي منها التغطية على الحقائق الأخرى، التي تفضح تورط الإمارات في العملية، وهو ما تسرب لاحقاً.

قنوات أبوظبي – تل أبيب السرية في المجال الأمني، لم تقف عند حادثة المبحوح، وتسربت لاحقاً تفاصيل عدد من الصفقات والاتفاقيات المشتركة، لشراء برامج ومعدات التجسس الإسرائيلية الرائدة في مجالها.

وفي عام 2014 وقعت الإمارات عقداً مع شركة Verint Systems المتخصصة في الأمن الإلكتروني، والتي تُدار من "إسرائيل"، بقيمة أكثر من 100 مليون دولار.

ثم باعت شركة NSO Technologies Ltd الإسرائيلية برنامجها الخاص بالمراقبة إلى الإمارات، وهو البرنامج الذي تسرب علناً، مع انتشار فضيحة اختراق حسابات الناشطين والمعارضين العرب، بحسب ما أعلنته شركة واتساب.

وبعدها مباشرة افتضح أمر السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة الذي نشر موقع “إنترسبت الأمريكي” في 2017 عينات من البريد الإلكتروني المخترق، وكَشفت بعض الرسائل، تنسيقاً بين الإمارات، ومؤسسات موالية لـ"إسرائيل".

وأظهرت الرسائل اتصالًا إماراتيًا أمريكيًا لمنع عقد مؤتمر لحماس في الدوحة، كما كشفت تنسيقًا بين الإمارات ووزير الدفاع الأمريكي السابق، روبرت كيتس.

علاقات اقتصادية نشطة

قبل التوصل لاتفاق تطبيع العلاقات الإماراتية الإسرائيلية، كانت الماكينة الاقتصادية للامارات وكيان "اسرائيل"، تتحرك في الاتجاهين. وتشير العديد من التسريبات أن العلاقات التجارية بين الامارات وكيان "اسرائيل" قائمة ومستمرة ومتواصلة، وحجم الأعمال المشترك بحسب تسريبات عدة، يقارب نصف المليار دولار. وفضحت عدد من التسريبات عشرات الأسماء لمسؤولين إسرائيليين ينشطون في الأسواق الإماراتية، ويديرون شركات خاصة، وحتى استثمارات ثنائية، تحديداً في المجالات الأمنية.

ومن أبرز الأسماء ديفيد ميدان، وهو مستشار بنيامين نتنياهو السابق، وعمل لمدة 35 عاماً مع الموساد الإسرائيلي، ويعمل الآن مع الإمارات عن طريق شركة “ديفيد ميدان بروجكتس” ويجري تعاوناً أمنياً بين الجانبين منذ سنوات.

كما يتحرك في الفضاءات الإماراتية وأسواقها، رجل الأعمال آفي لؤمي، وهو مدير سابق لأنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلي ” ADS” وأمّن عام 2012 عقداً لبيع طائرات مسيرة إسرائيلية للإمارات.

وكان رجل الأعمال والمسؤول الأمني السابق مآتي كوخابي، من رواد الأعمال الإسرائيليين الذين تمكنوا من تثبيت أقدامهم في السوق الأمني الإماراتي، وفاز بسلسلة عقود مع حكومة أبو ظبي بدءاً من العام 2005.

تنسيق أمني وعسكري

التعاون الأمني بين الامارات وكيان "اسرائيل"، يمتد أيضاً إلى المجالات العسكرية، حيث سبق وأن كشفت أنباء العديد من التمارين المشتركة، على غرار مشاركة طيارين من الامارات وكيان "اسرائيل" سنة 2016 في مناورات مشتركة. كما عقدت في 2017 القوات الجوية الإسرائيلية والقوات الجوية الإماراتية تدريبات مشتركة مع القوات الجوية الأمريكية، والإيطالية واليونانية، في اليونان، والتي أطلق عليها إنيوهوس 2017.

هذا التعاون المثمر، حفز سلطات الاحتلال لاقتراح عشرات الأسماء من الخبراء العسكريين والأمنيين المتقاعدين والمتفرغين للعمل لصالح الشركات العسكرية والأمنية الإماراتية، والمساهمة في تطوير عشرات البرامج الخاصة.

وكانت محصلة كل هذه المسارات ذلك الإعلان الثلاثي، الذي شَرعنَ رسمياً، تفاصيل علاقة استراتيجية بين الامارات وكيان "اسرائيل"، تجمعهما مصالح مشتركة، وهما الإمارات، وسلطات الاحتلال الإسرائيلي.

وستكون الفترة المقبلة، حبلى بالمزيد من الأنباء، والاتفاقات المشتركة، التي سيتم الاحتفاء بها علناً في التلفزيون الرسمي الإماراتي، والقنوات المحسوبة عليها، وتباركها الدول ذاتها التي احتفت بالتطبيع العلني لعلاقات الامارات وكيان "اسرائيل" تجمعهما ملفات مشتركة، واهتمامات ثنائية، ولهما ذات الأهداف.