لقاء خاص.. ما الذي حصل بعد عام على انفجار مرفأ بيروت؟

الأربعاء ٠٤ أغسطس ٢٠٢١ - ٠٥:٤٢ بتوقيت غرينتش

اكد مدير مرفأ بيروت عمر عيتاني، ان العنبر رقم 12 والذي يسمى بمستودع المحروقات او المواد الكيميائية، كان يحوي نترات الامونيوم  بجانب مواد اخرى قابلة للاشتعال حسب التقارير الواردة بهذا الشأن.

العالم- خاص بالعالم

وقال عيتاني في حديث لقناة العالم خلال برنامج "لقاء خاص" بمناسبة مرور عام على حادث انفجار مرفأ بيروت: انه كانت هناك فجوة في هذا العنبر، وطُلب من احدى الشركات الخاصة بعمل صيانة لها، وبعدها لا احد يعلم ما الذي جرى.

وفيما يلي اليكم نص المقابلة:

العالم: اذا بدأنا بالحدث عن حصاد عام على انفجار مرفأ بيروت، بكل تحدياته ومعاناته وما لحق بهذا المرفأ وبالمدينة من تداعيات واضرار، ما نتائج التحقيقات لغاية اليوم ماذا حصل خلال عام؟ وما الاجوبة التي قدمت لغاية اليوم؟

عيتاني: مازلنا بانتظار التحقيقات التي كما نسمع عنها في الاعلام، حيث انتقل التحقيق الى مسارين ومن قاضي الى قاضي آخر، وهو موضوع قضائي وليس بامكاننا التدخل فيه. وفيما يخصنا نحن فقد قدمنا كل الطلبات والمستندات والتسهيلات، على أتم وجه واكدنا الجهوزية دوماً.

العالم: هل كنتم تتوقعون ان تتاخر نتائج التحقيق لغاية اليوم، بمعنى ان يمرّ عام على وقوع هذا الانفجار دون الحصول على اي جواب لحد الان، على الاقل كيف حصل الانفجار؟ هل هو عمل تخريبي؟ ام ناتج عن اهمال؟

عيتاني: كما هو معروف لا احد يستطيع التدخل في القضاء، ونحن نسمع فقط كما يسمع العالم سواء في الاعلام والصحف او في السوشيا ميديا، ولكن بامكاننا القول بان عنبر المرفأ كان يحوي مواداً بالاضافة الى مواد اخرى، اما عن سبب التفجير فاننا بانتظار نتائج التحقيق.

العالم: كثير من الفرق الالمانية والفرنسية والامريكية شاركت في التحقيق، الى اي مدى بتقديرك ستسهم هذه الفرق في الوصول الى نتائج جلية وواضحة لاسباب التفجير والمسؤولين عنه؟

عيتاني: كل الفرق اجرت تحقيقات وخرجت بتقارير وسلمتها للقضاء اللبناني، وما يخرج من معلومات نسمعها فقط في الصحف.

العالم: باعتباركم ادارة مرفأ لا تتزودون بأي معلومات عن هذه التحقيقات؟

عيتاني: لا ابداً، التقارير سرية، وننفذ فقط ما يطلب منا من تسليم بعض الوثائق والمستندات.

العالم: كان من الملفت ان المحقق القضائي طلب استنابات قضائية تقريبا الى اكثر من 10 دول للحصول على صور من الاقمار الصناعية لمرفأ بيروت في لحظة الانفجار، ولم يكن هناك اي تجاوبا منها كفرنسا والمانيا وامريكا وغيرها مع هذا المطلب، لماذا بتقديرك؟ وهل فعلا من المنطقي أن لا يكون هناك وجود لقمر صناعي صوّر لحظة وقوع الانفجار؟

عيتاني: بصراحة مثل هذه الاسئلة اسمعها كما تسمعونها انتم ، ليس لدينا اي تفاصيل يمكننا قولها، فقط سمعنا بان هناك تقريراً تم تقديمه واخر تم تأخيره، انا افتقر الى اي معلومات موثقة، فقط مثلكم اسمع من الاعلام.

العالم: استلمت حديثاً منصب مدير عام مرفأ بيروت، ولكن لديك باع طويل في كل ما يجري لمدة 23 عاماً كنت موظفاً في المرفأ، بتقديرك الشخصي هل ما حصل نتيجة امر ناتج عن اهمال أم عملا مدبراً وتخريبيا وعملا مقصودا باحداث هذا الانفجار؟

عيتاني: كل ما استطيع قوله ان العنبر 12 كما سمعنا كان يحوي مواداً نترات الامونيوم تم تخزينها منذ عام 2013، ووضعوا حارس قضائي على هذا العنبر، وهذه المواد كما هو معلوم كان بجانبها مواداً اخرى قابلة للاشتعار حسب التقارير في هذا العنبر الذي سمي بمستودع المحروقات او المواد الكيمياوية.

العالم: هل كان هناك خصوصية معينة في عنبر رقم 12 غير عنبر المحروقات او المواد الكيميائية؟

عيتاني: حسب ما سمعت كان هذا العنبر مخصصا للمواد التي يتم حجزها من قبل الجمارك، وكل هذا الحديث من وسائل الاعلام نسمعه. والمنوفيست التي تخص البضاعة الموجودة التي كانت في العنبر تم تسليمها للقضاء بناء على طلبه ومن ادارة الجمارك.

العالم: كمدير عام للمرفأ، من يحدد مسؤولية هذا العنبر، ماذا يكون به من مواد، والعنابر الاخرى ايضاً، ومن يحدد دخول وخروج المواد ومراقبة كل مادة تدخل الى مرفأ بيروت، وصلاحية مَنْ؟

عيتاني: بشكل عام يحوي مرفأ بيروت 21 مستودعاً، مقسماً الى لبات سيرات واخرى للمواد الغذائية، وفي الفترة الاخيرة انخفضت عدد العنابر عملياً، بمعنى تحول العمل اكثر الى المنطقة الحرة (اللوجستيكي) وذلك بسبب قلة الموظفين وعدم التوظيف جراء القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء اللبناني.

كان اخر توظيف عام 1997 للدولة اللبنانية في مرفأ بيروت، من بعدها وبسبب عدم القدرة على توظيف اشخاص جدد اصبحت ادارة المرفأ بيد شركات خاصة حلت محل النقص الموجود، وذلك نظراً لان المرفأ في السابق كان يحوي 21 مستودعاً ما يتطلب عدداً كبيراً من الموظفين والغير موجودين حالياً.

العالم: هل تم تحويل المهمة الى شركات خاصة تتولى امور عنابر مرفأ بيروت بالكامل؟

عيتاني: لم تبق جميع العنابر موجودة وتناقص عددها التي هي من ضمن صلاحية ادارة مرفأ بيروت، واتجهنا اكثر لتفعيل العمل ببضائع عامة وتخزينها لفترة اكثر من 50 او 60 بالمئة، فيما اتجهنا لتخزين المستودعات اللوجستية والتي انشأت في المنطقة الحرة من قبل شركات خاصة بعقود خاصة التي اصبحت تتولى عملية التخزين، فيما بقية العنابر التي كانت تضم عدد قليل من الموظفين، كنا مسؤولين عنهم.

هناك موظف من ادارة المرفأ يملك مفتاحاً لهذا العنبر رقم 12 او المستودع، بالاضافة الى مثيله من موظف الجمارك.

العالم: العنبر رقم 12، من كان المعني بمتابعته بما يحويه، من يحمل مفاتيحه؟

عيتاني: كل عنابر مرفأ بيروت كانت الادارة تملك مفاتيحاً لها وكذلك ادارة الجمارك، وفي الصباح لايفتح اي عنبر الا بوجود هذين الموظفين وبمفتاحين.

العالم: عندما فتح عنبر رقم 12، هل كان هناك موظف امن مرفأ بيروت وموظفا آخر من الجمارك؟

عيتاني: عنبر رقم 12 لم يفتح، وانما كان يحوي بضائع محجوزة من نترات الامونيوم الى جانب بضائع اخرى. كما كان هناك حارساً قضائياً معينا على ادارة العنبر من قبل ادارة المرفأ.

العالم: عندما بدأ فتيل الاشتعال وبداية الانفجار الكبير الذي حصل، هل كان العنبر مقفلاً تماماً؟

عيتاني: صحيح كان مقفلاً.

العالم: والحديث انه كان هناك تجري عمليات تلحيم؟

عيتاني: كانت هناك فجوة في هذا العنبر، وطلبت احدى الشركات الخاصة بعمل صيانة لهذه الفجوة، وبعدها لا نعلم ما الذي جرى.

العالم: في حال الحاجة الى اجراء صيانة، هل تأتي شركة خاصة وليست من ادارة مرفأ بيروت بسبب قلة عدد موظفيها؟

عيتاني: ادارة المرفأ هي التي كلفت هذه الشركة، رغم ان الصيانة تقع على عاتقها، ولكن لعدم وجود موظفين، كلفت شركة خاصة باشراف ادارة المرفأ كي تعمل هذه الصيانة.

العالم: دخلت هذه المواد بسب حجز قضائي عليها، الى اي مدى هناك صلاحية لمدير مرفأ بيروت بالتصرف بها وربما اخراجها، خاصة وان هناك تقرير للاف بي آي الامريكي يقول ان المواد المتفجرة من حجم نترات الامونيوم كان 550 طن، بينما الحديث التي تم تداوله كان اساس هذه المواد 2750 طن، بمعنى ان هناك فرضيتان، أين ذهبت الكمية المتبقية؟ هل من سبيل لجهات معينة ان تخرج هذه المواد سراً او جهراً من مرفأ بيروت؟

عيتاني: هذا الامر ضروري وحساس جداً كما يقولون، وانا اظن انه لا يوجد احداً بامكانه معرفة هذا الشيء الا عبر التحقيقات الجارية.

العالم: تقديراتكم كمدير مرفأ بيروت هل خرجت فعلا هذه المواد أم بقيت؟

عيتاني: انا اقول بشكل عام عن الآلية لاخراج البضائع من المستودعات في المرفأ، في الحالة الطبيعية يكون هناك اذناً مدفوعاً، اما الحالة التي كانت فيها نترات الامونيوم فهي كانت محجوزة..

العالم: هل هناك وسيلة قانونية لاخراجها؟

عيتاني: من اجل اخراجها يجب ان يفك حجزها اولاً من قبل القضاء او اذن استنابي قضائي..

العالم: وهذا لم يحصل؟

عيتاني: بحسب معلوماتي لم يحصل هذا الامر لادارة المرفأ، بشكل عام اي بضاعة تخرج من المستودع يجب ان يكون فيها دفع رسوم جمركية، وغير محجوزة، وتبرز هذه القسيمة ان كانت جمركية او مرفئية، كي يتم بعدها اخراج البضاعة وفقاً لتفاصيل القسيمة التي تظهر على باب المدخل.

العالم: كعملية إجرائية يمكن أن تخرج هذه المواد بالمرور بأكثر من محطة، الا أن هذا لم يحصل، هل يعني قد يكون هناك سيناريو آخر بأن هذه المواد المتفجرة كانت موجودة ولكنها لم تنفجر كونها تحتاج الى تقنيات خاصة؟

عيتاني: نعم نقول من الناحية الروتينية هذه هي الآلية لاخراج البضائع من المرفأ، ولا أعلم ما حصل بوقتها، وبرأيي الخاص أن هذه البضاعة محجوزة وهذا العنبر كان مغلقا غير عرضة للتداول اليومي، وهو عنبر حجز وبوجود الحارس القضائي كان المفتاح معه، ولم تظهر هنالك مؤشرات لخروج البضائع.

العالم: بالنسبة للأهمية الاستراتيجية لمرفأ بيروت في الشرق الأوسط والمنطقة الى أي مدى تضرر هذا المرفأ ونال هذا الانفجار من الأهمية الاستراتيجية للمرفأ؟

عيتاني: الضرر الذي لحق بالمرفأ هو ضرر معنوي بالنسبة للعاملين ولكل المواطنين اللبنانيين بالاضافة الى ضرر جائحة كورونا والذي أثر عالميا على انخفاض نسبة تشغيل المرفأ، وكل المرافيء، بالاضافة الى انخفاض قيمة العملة الوطنية اللبنانية وفقدان عملة الدولار في السوق، والوضع الاقتصادي الذي يعانيه الشعب اللبناني بشكل عام أدى الى انخفاض قيمة الاستيراد من الخارج، حيث يقتصر الاستيراد على البضائع الضرورية للحياة اليومية وللغذاء وللمستلزمات الطبية، وأما البضائع الغالية الثمن فلا يتم استيرادها الا بناء على طلب خاص، وقد أثرت جائحة كورونا بالاغلاق.

العالم: يعني جاءت هذه الأسباب، وبعدها حصل الانفجار في المرفأ؟

عيتاني: كان الانفجار ضربة قوية حيث قضى الانفجار على 21 مستودعا في المرفأ ولم يتبق لدينا أي مستودع كنا نقوم بعملية تخزين البضائع في هذه المستودعات، والمستودعات التي كنا قد تكلمنا عنها هي مستودعات لوجستية وخاصة في المنطقة الحرة أيضا تضررت، وتحاول الشركات حاليا إعادة إحيائها وإعادة إعمارها من جديد بطريقة ما.

العالم: كيف استطعتم أمام هذا الواقع أن تعيدوا تشغيل مرفأ بيروت بزمن قياسي وما هي نسبة التشغيل فيه؟

عيتاني: لقد كنا منذ اليوم الثالث أو الرابع بعد وقوع الانفجار نقوم بتفريغ البواخر بنسبة 70% ثم بنسبة 90% بعد إجراء الكشف على الموجودات، كما تضررت جزءا من الرافعات، وان عمل المرفأ عادة يكون بنسبة 70- 80 % كمستودعات، يعني أكثر من البضائع العامة.

العالم: كان الرئيس الفرنسي ماكرون في الزيارة الأولى بعد حصول الإنفجار قد قدم وعودا سخية لتقديم المساعدات وتسريع إعادة إعمار المرفأ في أقرب وقت ممكن، وقد مر عاما على انفجار المرفأ ولم تتحقق هذه الوعود، لماذا بتقديركم؟

عيتاني: جاءت شركات فرنسية كثيرة بتجمعاتها بالاضافة الى شركة (ال سي كروب) التي تعمل مع الوزراء المعنيين لاعادة تدوير الحبوب المتبقية وهم حاليا يعملون على ذلك.

العالم: هل يعني ذلك انه لغاية اليوم لم تظهر الا الدراسات والاستشارات ولم يقدم دعم واضح لاعادة تشغيل مرفأ بيروت بشكل كامل؟

عيتاني: نعم هذا صحيح وقد جاءت شركات عرضت خططها وحاليا في الواقع لم تفعل شيئا.

العالم: ما نسبة تشغيل مرفأ بيروت قياسا ما قبل تاريخ الانفجار الذي حصل؟

عيتاني: ان محطة الحاويات لديها مشكلة من نوع آخر، بمعنى أن ضعف تشغيل محطة الحاويات تعود الى ضعف السيولة والدولار أو فتح الاعتمادات حتى تستطيع استيراد المعدات لإصلاح هذه الرافعات، وقد بدأ هذا السبب بعد تاريخ 17 من شهر تشرين عندما حجزت الأموال بالمصارف ما أدى الى عدم استطاعة الشركة لتشغيل تلك الحاويات وتصليح تلك المعدات، ولم تستطيع شراء المعدات من الخارج ولم تكن قادرة على فتح الاعتمادات ما أدى الى تراجع الرافعات تدريجيا بطريقة عملها، فقد كان لدينا 16 رافعة واليوم يوجد 5 فقط تعمل من أصل 16 رافعة.

البواخر التي تقوم سابقا بعملية التفريغ ب12 ساعة أصبحت اليوم بمدة يومين تقوم بتلك العملية، ما أدى الى تأخير تفريغ السفن، وبالتالي كل شيء له تبعاته، وان الأموال المأخوذة من التجار هي بالليرة اللبنانية بما يعادل الـ 1500 مما أثر على مداخيل المرفأ ما أدى الى عدم القدرة على صيانة المرفأ وعرقلة تشغيله. حتى الآن منذ يومين أو أكثر يقومون بتصليح الزجاج حيث مضت الشتاء ونحن نضع اشياء لمنع ما يدخل الى المكاتب، ولم ينجز اصلاح الزجاج بكامله.

العالم: تحدثتم عن التداعيات والآثار السلبية التي لحقت بالمرفأ منذ ما قبل حصول الانفجار بدءا من تراجع الليرة اللبنانية وتدني الاستيراد ثم جاء الانفجار ليقضي على الأهمية الاستراتيجية لمرفأ بيروت، اليوم بتقديركم إذا تمت المقارنة بإعادة تفعيل وبروز مرفأ حيفا هل تستشعر أمر بوجود توجه ضد مرفأ بيروت لمصلحة مرفأ حيفا من حيث الدور الإقليمي للمرفأ؟

عيتاني: بصراحة ان تلك الاستنتاجات إن كانت سياسية أو غيرها فانني أقرأ الواقع واستنتج اقتصاديا ونعمل حاليا لإعادة هذا الدور للمرفأ وإعادته للخريطة العالمية التي كان موجوداً عليها قبل الانفجار، وأما كلامكم فيمكن أن توجد هنالك فائدة مباشرة.

العالم: هل سيعود مرفأ بيروت الى الدور الذي كان يتمتع به قبل الانفجار وحتى قبل بدء هذه التراجعات؟

عيتاني: بالتأكيد كلنا أمل كموظفين في إدارة المرفأ بأن يعود المرفأ كما كان سابقا رائداً عربيا وعالميا على الحوض الشرقي للبحر المتوسط والذي كان كعلامة فارقة من بين المرافيء في وقت قريب.