أزمة الكهرباء على حالها في لبنان

أزمة الكهرباء على حالها في لبنان
الإثنين ١١ أكتوبر ٢٠٢١ - ١٠:٥٥ بتوقيت غرينتش

في وقت أجّل احتياطي مخزون الجيش الللبناني من المحروقات مشكلة الدخول في العتمة الشاملة في لبنان ، يبدو أن هذه الأزمة ستستمر في ظل عدم وجود التمويل اللازم وعدم وجود كميات كافية من الفيول لتشغيل المعامل، بانتظار أن تكتمل فصول المساعي الرامية لتأمين الكهرباء من الأردن والغاز من مصر.

العالم_لبنان

أزمة الكهرباء مستمرّة وشحّ الفيول يهدد المعامل بالإطفاء دائماً. والعتمة الشاملة التي رافقت نهاية الأسبوع يمكن أن تعود مراراً. ويبدو جلياً أن الاعتماد على الفيول العراقي فقط لن يكون كافياً لتأمين استقرار الشبكة. وإلى حين وصول الغاز المصري، لا بديل عن احترام مصرف لبنان للقانون وتأمين حاجة كهرباء لبنان من الدولارات لشراء الفيول.

ليس لدى مؤسسة كهرباء لبنان أي حلول جدّية لأزمة الكهرباء. فالعتمة الشاملة التي استمرت لأكثر من 24 ساعة لم تتمكّن خلالها المؤسسة من إعادة تشغيل الشبكة. لان الأزمة أزمة فيول، وهي أزمة ممتدّة. وطالما أن الفيول غير متوفّر فإن الكهرباء ستبقى مقطوعة، في ظل عدم قدرة المولّدات الخاصة على تعويض الفارق، بسبب نقص المازوت والخشية من أن يؤدي التشغيل الإضافي إلى المزيد من إلغاء الاشتراكات بسبب الارتفاع الكبير في قيمة الفواتير.

في المقابل، فإن كهرباء لبنان تحوّلت إلى مؤسسة عاجزة عن أداء وظيفتها، فلا كهرباء تُنتج ولا كهرباء تُنقل. حتى مفهوم إدارة الأزمة غير متوفر، في ظل الشحّ الشديد بالفيول والمازوت، كما ان بيانات المؤسسة، التي زادت وتيرتها في الآونة الأخيرة، تهدف إلى رفع مسؤوليتها عن الوضع الذي وصلت إليه التغذية بالتيار، لذلك فانها تُكرر الاعلان عن استعدادها للعودة إلى المستويات الطبيعية للإنتاج فوراً، أي إلى ما يقارب 1800 ميغاواط، بمجرد توفّر الفيول.

كان ذلك طبعاً قبل فصل الباخرتين التركيتين عن الشبكة. مع ذلك، بالإمكان الوصول اليوم إلى ما يقارب 1500 ميغاواط من الإنتاج، وبالتالي زيادة ساعات التغذية إلى نحو 15 ساعة. لكنّ ذلك يحتاج، وفق الأسعار الحالية للنفط، إلى ما يزيد على 1.5 مليار دولار في العام، فيما الفيول العراقي هو حالياً المصدر الوحيد للفيول، وهو غير كافٍ لتأمين الحد الأدنى من الإنتاج الكفيل باستقرار الشبكة، وحتى دين الـ100 مليون دولار الذي اقترضته الحكومة من مصرف لبنان لمصلحة كهرباء لبنان لن يُحدث فرقاً جدياً في الإنتاج.

أمام هذا الواقع، لم يكن مفاجئاً إطفاء معملَي دير عمار والزهراني بسبب نفاد مخزونهما من الغاز أويل، ما أدى إلى انخفاض التغذية إلى ما دون 270 ميغاواط تأمّن أغلبها من معملَي الزوق والجية الجديدين، بعدما أعيد تشغيلهما بمجرد وصول باخرة الفيول Grade B.

ورغم أن المؤسسة كانت تُدرك أنه يستحيل الحفاظ على استقرار الشبكة بهذه الكمية المتدنية من الإنتاج، إلا أنه لم يتم القيام بأي إجراء قبل انفصالهما عن الشبكة، بعدما تبيّن أن منشآت النفط غير قادرة على بيع المؤسسة أي كمّيات لعدم توفّرها. وفيما كان متوقّعاً أن تبقى العتمة لثلاثة أيام، أي إلى حين وصول شحنة الفيول Grade B (وصلت السبت) وفحصها تمهيداً لإعادة تشغيل معملَي الزوق والجية القديمين وإضافة نحو 300 ميغاواط إلى الشبكة، أُجريت اتصالات عدة تولّتها وزارة الطاقة ورئاسة الحكومة ووزارة الدفاع وقيادة الجيش، أدت إلى تقديم الجيش لـ6000 كيلو ليتر من الديزل، وُزّعت بالتساوي على معملَي دير عمار والزهراني وساهمت في إعادة بناء الشبكة.

بحسب بيان كهرباء لبنان، فإن هذه الكمية ستكفي لتشغيل المعملين ثلاثة أيام، لكن المُشكلة أن لا موعد واضحاً لوصول أي شحنة جديدة من الديزل (ما بين العشرين والثلاثين من الشهر الجاري) ما يعني الإبقاء على أكبر معملين مطفأَين لفترة طويلة. لكنّ الأسوأ أنه في حال تأخر شحنة الفيول عن نهاية الشهر، فإن النتيجة ستكون مجدداً الإطفاء الشامل، لأن مخزون الفيول بنوعَيه لن يصمد أكثر من عشرين يوماً.

و كتبت صحيفة الاخبار اليوم الاثنين بناءً عليه، تقول مصادر مؤسسة كهرباء لبنان إن الهاجس اليوم هو «تسيير» الأمور لأن الخطر هدّد بتوقف تغذية مرافق أساسية من المرفأ إلى المطار إلى مؤسسات المياه، إضافة إلى المقارّ الرسمية الأساسية. علماً أنه حتى مع وصول باخرة الديزل، لن يصل الإنتاج إلى 650 ميغاواط، ما يعني بقاء الأمور على حالها، فالكمية المعمول بها حالياً لا تكفي حتى لتوفير 4 ساعات للجميع.

هذه الحلقة المفرغة التي تدور حولها أزمة الفيول الخاص بمعامل الكهرباء تشي بأن الحلول بعيدة، حتى لو كانت متوفّرة. فبمجرد تعامل السلطة مع الكهرباء بوصفها حاجة استراتيجية، سيكون من السهل إبعادها عن مزاجية مصرف لبنان، الذي يصرّ على خنق القطاع. فهو لطالما فضّل صرف الدولارات على استيراد المازوت للمولدات بدلاً من تأمين حاجة كهرباء لبنان من الفيول. ولطالما ماطل في صرف الأموال المخصّصة للصيانة، قبل أن يتوقف تماماً عن تمويل كل ما له علاقة بالكهرباء، من دون طلب رسمي و«قانوني» من الحكومة. ولذلك، هو قادر اليوم على إنقاذ القطاع من العتمة التي تبين مدى خطورة انقطاعها عن المرافق العامة، فقط من خلال لعب دوره كمصرف للقطاع العام. ولذلك، تصرّ مؤسسة كهرباء على حقّها في شراء كمية من الدولارات وفقاً لما يسمح لها القانون، كون حساباتها في مصرف لبنان تحوي نحو 200 مليار ليرة، وكون القانون يتيح لها شراء دولارات وفق السعر الرسمي، كما يفعل مع مؤسسات وقطاعات أخرى، ومنها الجيش، على سبيل المثال، الذي لا يزال يدفع ثمن المازوت على سعر 1500 ليرة للدولار.

كلمات دليلية :