ضغوط الإمارات على البرهان لدعم تصورها لسد النهضة تقلق مصر

ضغوط الإمارات على البرهان لدعم تصورها لسد النهضة تقلق مصر
السبت ١٩ مارس ٢٠٢٢ - ٠٩:٣٠ بتوقيت غرينتش

لا تزال مفاوضات سد النهضة الإثيوبي تراوح مكانها، من دون التوصل إلى اتفاق قانوني وملزم للأطراف الثلاثة؛ مصر والسودان وإثيوبيا، فيما تواصل أديس أبابا العمليات الإنشائية في موقع السد، تمهيدا للملء الثالث المقرر في يوليو/تموز المقبل، في ظل تصاعد القلق المصري من تفويت الفرص المتعلقة بالتوصل لحل من شأنه مراعاة المخاوف المتعلقة بالأمن المائي

العالم - مصر

ففي هذا الصدد، كشفت مصادر مصرية في أحاديث خاصة لـ"العربي الجديد"، عن تطور وصفته بـ"الخطير"، قائلة "إن الزيارة التي قام بها رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان في 10 مارس/آذار الحالي لدولة الإمارات، شهدت تطورا بالغ السوء بالنسبة للقاهرة".

وأوضحت أن "المسؤولين في أبوظبي يصرون على فرض رؤيتهم لحل الأزمة، والتي لا تتوافق مع الرؤى المصرية لضمان السيطرة الكاملة على أمننا المائي وعدم ترك مصير الأجيال المقبلة معلقا بأيدي آخرين، وقد اتضح التوجه الإماراتي إلى حد كبير من خلال الاتصالات مع الطرف السوداني".

وقالت المصادر إنه "خلال زيارة البرهان الأخيرة للإمارات، تم التطرق لملف سد النهضة، في ضوء الوساطة التي تسعى أبوظبي للعبها، وفي ظل ما تمتلكه من نفوذ لدى أطراف الأزمة، وما يربطها بعلاقات قوية برئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد".

المسؤولون في أبوظبي يصرون على فرض رؤيتهم لحل الأزمة، والتي لا تتوافق مع الرؤى المصرية

وكشفت أن "مصر والسودان كانتا بصدد الإعلان عن خطوات مشتركة تم التوصل إليها أخيرا متعلقة بالأزمة، لتحريك الملف وإخراجه من حالة الجمود والسكون التي يمر بها، في ظل تجاهل إثيوبيا للمطالبات المتكررة ببدء جولة جديدة من المفاوضات".

وأشارت المصادر إلى أن المسؤولين في الإمارات "أقنعوا البرهان بدعم الوساطة الإماراتية في الأزمة، والقبول بالتصور الذي طرحته أبوظبي، والمتعلق بتقديم امتيازات اقتصادية، ومجموعة من المشروعات المشتركة بين الدول الثلاث، بتمويل إماراتي، بحيث يتم ربط مصير الدول الثلاث بهذه المشروعات، ويجعل من الصعب على أديس أبابا اتخاذ قرار وقف تمرير المياه لدولتي المصب".

وهذا التصور "تتحفظ عليه القاهرة، بل وترفضه"، بحسب تعبير أحد المصادر.

وكشفت المصادر أن المسؤولين الإماراتيين الذين التقاهم البرهان في أبوظبي "أكدوا له خلال الزيارة أن إثيوبيا لن تقبل بالطرح المصري الخاص باتفاق قانوني ملزم متعلق بعمليتي الملء والتشغيل".

كما أكد هؤلاء المسؤولون للبرهان أن هذا الاتفاق الذي تسعى له القاهرة "بات غير مجد في أحد جوانبه، وهو الجانب المتعلق بعملية الملء التي باتت أمرا واقعا وأوشكت أيضا على الانتهاء، في حين أن الجانب الآخر المتعلق بالتشغيل، لن تقبل به الحكومة الإثيوبية باعتبار أنه يمثل تدخلا مباشرا في شأن خاص بها".

ضغط إماراتي على البرهان من بوابة الاقتصاد

وأوضحت المصادر أنه خلال المشاورات مع البرهان في الإمارات، "عرضت أبوظبي على رئيس مجلس السيادة السوداني، زيادة قيمة الاستثمارات التي ستمولها ضمن طرحها لحل الأزمة، لتصل إلى 20 مليار دولار موزعة على الدول الثلاث".

وقالت المصادر إن "أخطر ما في التطور الأخير، هو إبداء البرهان قبولا وقناعة بالتصور الإماراتي تحت ضغط الوضع الاقتصادي الصعب الذي يواجهه السودان".

وأشارت إلى أن "المسؤولين الإماراتيين أوصلوا رسائل ضمنية للبرهان بأنه لن يكون في مقدورهم تقديم مساعدات اقتصادية للخرطوم في أزمته الراهنة في محاولة للضغط عليه، وهو ما يعني أنه حال عدم توفير مجلس السيادة والحكومة الحالية الاحتياجات الملحة للسودانيين، فلن يكون أمامهم سوى القبول بالرؤية الإماراتية التي تتضمن أيضا بنودا متعلقة بحسم الخلاف السوداني الإثيوبي المتعلقة بالمناطق الحدودية المتنازع عليها".

وكان البرهان يعتزم إجراء زيارة للسعودية عقب انتهاء زيارته للإمارات، قبل أن يتم الإعلان عن إرجائها. وبحسب المصادر، فإن البرهان كان سيطلب من المسؤولين في المملكة، دعما اقتصاديا عاجلا لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها بلاده في الوقت الحالي، في وقت تتصاعد فيه الاحتجاجات السياسية في الخرطوم.

وبحسب المصادر المصرية، فإن القاهرة "ترفض الاعتداد بالمقترح الإماراتي لحل الأزمة، كونه لا يتضمن أي إلزام لإثيوبيا بتمرير المياه إلى دولتي المصب، وكذلك لا يتضمن أي إشارة للحصص المائية التاريخية للقاهرة والخرطوم".

إذ ترى أبو ظبي أنه "سيكون هناك التزام مصالح في ظل وجود استثمارات مشتركة بين البلدان الثلاثة، يجعل إثيوبيا تلتزم بتمرير المياه، وهو ما تراه مصر تقويضا لقرارها وكذلك أمنها وجعله رهينة في أيدي المسؤولين في أديس أبابا"، وفق المصادر.