هل يمكن للضحية ان تشكر الجلاد على ما احدثه من الم وتشويه؟

هل يمكن للضحية ان تشكر الجلاد على ما احدثه من الم وتشويه؟
الخميس ٢٤ مارس ٢٠٢٢ - ٠٧:٠٣ بتوقيت غرينتش

فقط عندما اقدم شاب فلسطيني من النقب على تنفيذ عملية ادت الى مقتل ثلاثة "اسرائيليين" واصابة اخرين بجراح تذكر بعض اركان حكومة بينت العنصرية انهم يمارسون ابارتهايد حقيقي ضد الفلسطينيين في النقب.

العالم - قضية اليوم

ان عملية الطعن وضعت امام السياسيين والامنيين الاسرائيليين للمرة الاولى اشارة قف - وان كانت قناعتي انها اشارة سيقفون عندها مؤقتا - لما هو قادم من تغيير للمزاج الشعبي الفلسطيني وسقوط لنظريات العنجهية والتعالي التي يعيشونها والتي تتعاطى مع الفلسطينيين حتى الذين يحملون الجنسية "الاسرائيلية" بانهم مواطنون من الدرجة الرابعة او الخامسة ، المهم في المشهد ليس العملية بحد ذاتها ولكن ما وراء العملية من حالة غضب تزداد بين بدو النقب الذين يصلون الى قراهم الغير معترف بها والتي لا يسمح لهم فيها باقامة جدار لحماية المنزل من خلال ما تسمى بمدن "اسرائيلية" فيها كل اسباب الرفاهية والحداثة ، الشعور لدى بدو النقب بأن المؤسسة الاسرائيلية تتعاطى معهم كطارئين وبانها لا تريدهم في هذه المنطقة الحساسة والاستراتيجية بدأ يزداد في السنوات الاخيرة مع عمليات الهدم التي نفذها الاحتلال في عدة قرى وعمليات الترانسفير القسري والقهري لهم واستشهاد عدد منهم بالرصاص الاسرائيلي ، بدو النقب الذين يعرفون الصحراء جيدا ويعرفون ذرات رمالها الصفراء برغم العقود التي مرت على اكبر عملية تهجير تمت بعد الاحتلال الاسرائيلي عام ١٩٤٨ ورغم محاولات الاسرلة لهم وتجنيد بعضهم في الجيش الاسرائيلي الا ان امتدادهم الطبيعي نحو الشمال والشرق والتمييز العنصري ضدهم يجعلهم قنبلة موقوتة شديدة الانفجار وتاثيرها اكبر من اي انفجار اخر ، الغريب ابداء المسؤولين الاسرائيليين الامنيين والسياسيين على حد سواء الصدمة مما حدث والاستغراب من قيام هذا البدوي بتنفيذ العملية في عاصمة النقب مدينة بئر السبع والتي كانت يوما تعج بالفلسطينيين وتحولت بين ليلة وضحاها الى مدينة ذات اغلبية يهودية ، ان العنصرية الاسرائيلية والعنجهية تجعل المسؤولين الاسرائيليين يفقدون البوصلة وتجعلهم غير قادرين على القراءة الصحيحة للمشهد وهذا سببه التعالي والشعور الدائم بالقوة والتفوق وعليه تاتي دائما النتائج صادمة لهم ولجمهورهم الذي لا يقل عنهم عنجهية ، فهل كان المسؤولون الاسرائيلييون يتوقعون ان يقدموا على كل هذه الجرائم والتمييز والظلم والقهر والاضطهاد وان تكون النتيجة تقديم الضحية الشكر للجلاد على ما احدثه في جسدها من الام وتشويه لا يمحوه الزمن ، لا تكفي كلمة قالها بعد العملية احد السياسيين الاسرائيليين تحت وقع الصدمة بانهم اهملوا النقب وهذه هي النتيجة ، ان المؤسسة الاسرائيلية غير قادرة على ان تفهم ان عنصريتها اتجاه الفلسطينيين والعرب هي التي تجعلها تتوسع وتتعمق لتصل الى عنصرية داخلية بين اليهود انفسهم ، فالتمييز العنصري الذي يحدث اليوم اتجاه الفلاشا (اليهود الاثيوبيين )وعنصرية الاشكيناز (اليهودالغربيين ) اتجاه السفرديم (اليهود الشرقيين ) منبعها العنصرية اتجاه ما هو غير يهودي ، العنصرية لا تتجزأ وهي وان كانت في الاساس اتجاه الفلسطيني فحين تصبح سمة في المجتمع تمتد الى كل شيء وتدمره ، ان مشهد النقب المقبل لن يكون كباقي المشاهد وهذا ما ستحمله الايام المقبلة وسنكون عليها شهود .

فارس الصرفندي