لماذا استثنی الامريكان مناطق قسد من 'قيصر'؟

لماذا استثنی الامريكان مناطق قسد من 'قيصر'؟
الجمعة ١٣ مايو ٢٠٢٢ - ٠٥:٠٧ بتوقيت غرينتش

استثناءات من فصيلة قانون قيصر وضعته أميركا، سيدخل حيز التنفيذ في مناطق سيطرة قسد في شمال شرق سوريا، استثناءات تحمل رؤوسا انشطارية، وتقرع طبول مؤامرة جديدة على الشعب السوري، حيث أقرت الولايات المتحدة استثناءات تشمل الاستثمارات الأجنبية في مناطق شمال شرق سورية حيث قسد، زاعمة أن هذا القرار هو استراتيجية تستهدف هزيمة تنظيم داعش من خلال تحقيق ما أسمته الاستقرار الاقتصادي.

العالم - كشكول

القرار الذي جاء في بيان رسمي نشرته وزارة الخزانة الامريكية حدد أنشطة 12 قطاعا مستثناة من قيصر، بينها الزراعة والبناء والتمويل، حيث سيسمح للأجانب الاستثمار بها، تحت ما سمّتها الرخصة السورية العامة رقم 22. وبحسب البيان، أخرجت الولايات المتحدة من قائمة العقوبات قطاعات الزراعة والاتصالات والبنية التحتية (كهرباء – ماء – نفايات) والبناء والطاقة النظيفة والتمويل والنقل والتخزين، إضافة إلى القطاعات المتعلقة بالخدمات الصحية والتعليم والتصنيع والتجارة"، كذلك سمح الاستثناء بشراء المنتجات النفطية المكررة ذات المنشأ السوري للاستخدام في سورية، باعتبار أنه ضروري للأنشطة المذكورة أعلاه، في حين أن استيراد النفط ذات المنشأ السوري إلى الولايات المتحدة ما يزال محظوراً.

ابعاد سياسية واقتصادية بالعدوان الأمريكي الجديد على الشعب السوري، ومن اهم تلك الحلقات التي يجب الانتباه اليها، ان قسد ما زالت تعتبر عند الأمريكي، بالشريك فوق العادة، في تنفيذ كل ما تسعى له واشنطن في المنطقة، وعلى كافة الأصعدة، والاهم فيها هو تقديم هذا الميزات الاقتصادية لمناطق قسد، وحصر العقوبات في مناطق سيطرة الدولة السورية، فهي خطوة غير مفاجئة ابدا، بعد المقترح الذي قدمته قسد للإدارة الامريكية في بداية العام لاستثناء مناطقها من العقوبات، كما كانت تمارس ضغوطا على الإدارة الامريكية عبر مناصريها في واشنطن، كان ابرز هذه الضغوط مع وصول بريت ماكغورك في منصب منسق شؤون الشرق الأوسط وأفريقيا في مجلس الأمن القومي الأمريكي، والذي يعتبر من اهم الحلفاء لقسد، والذي لاقى تعيينه ردود فعل إيجابية من جانب قيادات من قسد وغالبية الأطراف السياسية الكردية، ليصبح المخطط واضح ، عبر زيادة العمل على تثبيت الانفصالية لدى قسد، عبر سلخها اقتصاديا عن الدولة السورية، وتوسيع التفاوت الاقتصادي بين شطري البلاد، وخلق بنيتن اجتماعيتين متباينتين على الأرض، والأكثر أهمية هو تحويل النفط السوري من مادة يتم تهريبها عبر القوات الامريكية، الى استثمار ترعاها الولايات المتحدة الامريكية، بصناعتها المختلفة، حيث تؤكد المصادر ان اهم الاستثمارات التي سيتم جلبها للمنطقة، هي الاستثمارات النفطية، عبر التنقيب والصيانة والاستخراج والتكرير والبيع، وذلك سيفتح الباب واسعا امام قسد لتحويلها لكيان سياسي اقتصادي معترف فيه دوليا، عبر عقد اتفاقات مع دولة أخرى وشركات دولية وعابر للحدود، ومن هذه الشركات الشركة الأمريكية "ديلتا كريسنت إنيرجي"، التي وقعت في تموز 2020 عقد مع قسد ينص على صيانة وتطوير وتحديث الحقول النفطية الواقعة ضمن مناطق سيطرة قسد، ويقضي بتأسيس مصفاتي نفط متنقلتين شرق الفرات، بحيث تنتجان حوالي 20 ألف برميل يوميا، هذه الشركة كانت فاوضت الإدارة الامريكية على ترخيص مكتب مراقبة الأصول الأجنبية الأمريكي OFAC بهدف العمل في سوريا، الا ان إدارة مراقبة الأصول الامريكية لم تلغي العقد مع قسد، بل طلبت التريث، والان بعد الاستثناءات احكمت الإدارة الامريكية السيطرة على نفط الأراضي السورية الذي تنتشر معظم حقوله في محافظتي دير الزور والحسكة في شمال وشرق البلاد، ما يعني جني الولايات المتحدة العائد الأكبر من تجارة النفط السوري والاستئثار بها.

ان جماعة قسد تعمل على انضاج هذا الاتفاق مع الإدارة الامريكية منذ أيار مايو 2020، حين أصدرت في وقته، بيانًا طالبت فيه بإعادة النظر في تداعيات قانون قيصر، وكان مبررها يومها ان رقع قانون قيصر عن مناطق تواجدها، سيساهم في استمرارها اقتصاديا واداريا وسياسيا، وسيغنيها عن التنسيق مع الدولة السورية، بالتالي افشال أي محادثات بين الدولة السورية، وتعميق الهوة بين الجانبين، ما يعني انه سيساهم في تعزيز دور الولايات المتحدة الامريكية، التي تسعى لتكون صاحبة يد مشاركة في رسم الخرائط الجيوسياسية في سوريا، وبملاحظة بسيطة فإن ما تقوم به الإدارة الامريكية على المستوى العسكرية وتعزيز قواعدها بالإضافة الى الشق الاقتصادي المتعلق بالعقوبات، يؤكد ان ما يجري يدخل بشكل فعلي في اطار العدوان على السيادة السورية، وانتهاك ميثاق الأمم المتحدة.

إن هذا القرار الأمريكي هو وسيلة من وسائل العدوان على سوريّا، تمّ الترتيب له بين أطراف دوليّة واقليميّة معروفة، وأهدافه فهي مختلفة تماماً عمّا كانت عليه أهداف العدوان في مراحله السابقة، باعتبار أن أطراف العدوان فشلت في تحقيق تلك الاهداف، وهذه الاطراف تدرك تماماً أنّها عاجزة عن تحقيق ذات الأهداف في عدوانها الجديد.

بقلم - حسام زيدان