هل سيطلق أردوغان معركته في الشمال السوري ومن سيردعه؟

هل سيطلق أردوغان معركته في الشمال السوري ومن سيردعه؟
السبت ٠٤ يونيو ٢٠٢٢ - ١٢:١١ بتوقيت غرينتش

تهب على الشمال السوري رياح الخماسين الحار والتي تحمل الكثير من الغبار وتهديدات تركية بشن عدوان جديد يستهدف مناطق شمال البلاد، تهدف العملية العسكرية إلى إنشاء منطقة آمنة تمتد من نهر الفرات غربا -حيث مدينة جرابلس- حتى المالكية في أقصى الشمال الشرقي عند مثلث الحدود التركية العراقية بعمق ثلاثين كيلومترا، يقابل ببرودة أعصاب عسكرية روسية سورية إيرانية، وتخبط أميركي متوافق عليه. 

العالم - كشكول
أيام عديدة مرت على الترويج الإعلامي والعمل السياسي والدبلوماسي التركي، تحضيرا لصفقات سياسية او مزيد من التوتر العسكري، بحجة محاربة الاكراد، ومع مرور الأيام وبرد الرأس الحامي التركي، انخفض سقف التهديد التركي نحو التهديد بعدوان في تل رفعت ومنبج بريف حلب، تلك المناطق التي تتواجد فيها قوات روسية، تمركزت ضمن اتفاق 2019، دفعت بالروسي الى وسط الحلبة، وجعلت من تلك المناطق ضمن الحقيبة التفاوضية للتركي الذي يستغل العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا لتمرير أحلامه في شمال وشمال شرق سوريا.

كل هذه البلاغات تنبئ بأن العملية العسكرية التركية – ان نفذها اردوغان - ستكون محدودة، فالأميركي ترك الحصان التركي وحيدا ، والروسي لم يغادر بعد منطقة القلق، والتركي الذي يبدو انه في عجلة من امره، تحرك بشكل متسارع وعلى عدة زوايا، مستخدما كل ادواته السياسية والدبلوماسية والإعلامية، ليتفاوض مع الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الامريكية، والهدف زيادة الضغط على الدولة السورية والحليف الروسي في المنطقة، لتنخفض سقوف اردوغان العدوانية، نحو منطقة تل رفعت ومنبج بريف حلب، لعدة أسباب، واهمها احراج الروسي في تلك المنطقة، بعد ان ثبت فيها الروسي تفاهمات مع التركي منذ زمن، وكان من ضمن تلك التفاهمات ان تخرج تلك المناطق من دائرة التوتر، وان يلتزم التركي بذلك، الا انه منذ اتفاق 2019 لم يلتزم بأي من هذه التفاهمات، وكان الضغط على تلك المناطق مستمراً، والجميع يذكر ان القمة الروسية التركية التي عقدها الرئيس بوتين مع اردوغان في نهاية شهر أيلول من 2021، كان تتزامن مع اعلان تركيا في ذلك الوقت عن عزمها اطلاق عملية عسكرية في تل رفعت ومنبج، وتلك القمة كانت للتبريد ولإنهاء هذا الملف والتوتر، حيث تسعى تركيا للعدوان على تل رفعت كونها تشكل ثغرة في التواصل الجغرافي المريح بين مناطق ادلب وعفرين ومناطق سيطرة المجموعات المسلحة المدعومة تركيا، وزيادة الضغط والتأثير على مدينة حلب من خاصرتها الشمالية، اما سيطرة الاتراك على منبج تعني قطع التواصل الجغرافي لقسد بشكل نهائي بين غرب الفرات وشرقه، ما يعني حصر تواجد قسد في مناطق الشرق، والتأثير على قسد اقتصاديا كون منبج احد معابر التبادل التجاري والتهريب، نحو مناطق مختلفة في الشمال السوري، والتي تديرها قسد، في المقابل، دفع الجيش السوري بتعزيزات عسكرية على تلك الجبهات، وتتحدث الانباء التي تصل من هناك عن استلام الجيش السوري لعدة مناطق في منغ وتل ومرعناز وعين دقنة بشمال حلب، ورفع العلم السوري عليها.

لكن يبقى السؤال المطروح، لماذا هذا التصعيد تجاه تل رفعت ومنبج في ريف حلب في هذا التوقيت بالذات، بالتدقيق يتضح ان منبج وتل رفعت، هي جزء من هدف تركيا التاريخ بضم مناطق في شمال سوريا، وتل رفعت ومنبج جزء من هذه المناطق، وفقا للحدود التي رسمت فيما يسمى بالميثاق الملكي التركي عام 1920، اما على صعيد الوقائع، يعتقد التركي ان هذه العملية ستفتح له باب المقايضة واسعا في قضية فتح الطريق الدولي الواصل بين اللاذقية وحلب، وسحب المجموعات الإرهابية من محيطه، بالإضافة الى حاجة اردوغان الى تحقيق انجاز عسكري جديد، لينقذ شعبيته التي باتت تذوب بشكل تدريجي، ليقدم للرأي العام التركي انتصار عسكري.

إن دخول الجيش التركي الى الأراضي السورية محتلاً، يأتي بعد الظن من الرئيس التركي انه سيكون له دورا في الضغط على القوى الإقليمية والدولية، وانهاء الفوضى لضمان استقرار تركيا، لكن ينسى انه هو من ساهم في تمدد الإرهاب في سوريا، حين فتح الحدود وجند وسلح ومول، وأعطى المشروعية لهولاء، بطلب وتفويض من الأمريكي وفي مرحلة من الكيان الإسرائيلي، وصولا الى اهداف امريكي وإسرائيلية صرفة، بعد ان ادرك بايدن، من خلال مؤسّسات عميقة في الإدارة الأمريكيّة، أنّ النفوذ الأمريكيّ يتراجع على مستوى مواقع هامة من العالم، لصالح قوى جديدة صاعدة، أهمها على مستوى منطقتنا، لذلك فإن إعادة خلط الأوراق من جديد، وإعادة التوتر والحرب الى الشمال السوري، هو طوق النجاة الوحيد للفشل الأمريكي ومن خلفه التركي والإسرائيلي في المنطقة.

*بقلم حسام زيدان