'العتمة الامريكية' في سوريا.. من سرقة النفط والقمح الى ضرب الكهرباء!

'العتمة الامريكية' في سوريا.. من سرقة النفط والقمح الى ضرب الكهرباء!
السبت ٢٧ أغسطس ٢٠٢٢ - ١٢:٤٥ بتوقيت غرينتش

مازالت سوريا تشد الاحزمة كهربائيا، وهي تبحث عن دقائق من التيار للفظ العتمة الشاملة، حيث باتت مشكلة الكهرباء في البلاد ثاني أكبر مشكلة يعاني منها المواطن، بعد غلاء الأسعار والمعيشة.

العالم - كشكول
يترقب الشعب السوري ما ينتشله من ظلام دامس يعيشه، ويبقى متعلقاً بهذا الحبل من النور، لينقذهم من بؤس الظلام ووطأة البرد في شتائهم القارس، وحرقة ليالي الصيف الحائلة دون حصولهم على قسط كاف من النوم، دون ان يرف لذلك جفن أي من أعضاء المجتمع الدولي، بل على العكس من ذلك، دول كثيرة تساند الولايات المتحدة الامريكية في حصارها، الذي يلعب الدور الرئيسي في تفاقم ازمة الكهرباء في البلاد، عبر تعزيز الحصار الاقتصادي، والسيطرة على منافذ الطاقة المتجددة وغير المتجددة، بعد تخريب محطات توليد وتحويل الكهرباء عبر أيام الحرب وسنواتها في سوريا، وتعلم واشنطن ان ما تستهدفه هو العامود الفقري للدولة، على كافة الأصعدة والمجالات، والركيزة الأساسية لحياة المواطن، وهو حاجة أساسية للمعيشة كالطعام والماء، الامر الذي استغلته وجعلته أداة ضغط فعالة في وجه الدولة السورية، لإخضاعها لمصالحها.
مراحل الازمة:

ان فطرة التأقلم البشرية أجبرت المواطن السوري على التأقلم مع ازمة الكهرباء، تلك الازمة التي بدأت منذ بداية الحرب التي فرضت على البلاد، فتوجهت كل جهود الدول الداعمة للمجموعات المسلحة، في المرحلة الأولى، نحو التخريب العشوائي، لكل المرافق الحيوية ومنها الكهرباء، عبر التفجيرات والقصف، بالإضافة الى الحصار الاقتصادي، حيث تشير الاحصائيات ان المجموعات المسلحة دمّرت ثلاث محطات أساسية لتوليد الكهرباء، وهي محطة حلب الحرارية عام 2015 و ومحطة زيزون في إدلب عام 2016 ومحطة التيم في دير الزور عام ، هذه المحطات كانت تشكل 18.25% من مجمل الإنتاج من الكهرباء، كما وصلت الهجمات محطاتي محردة والزارة قرب حماة، ومحطة تشرين قرب دمشق. في العام 2019، اما على صعيد قطاع نقل الكهرباء، تشير المعلومات الى تعرض 165 برجًا من اصل 345 للتدمير أو الضرر أو السرقة، كما تسببت الأضرار التي لحقت بخطي التوتر العالي (400 و230 كيلوفولط) بفصل محطات الكهرباء الأكبر حجما عن باقي الشبكة، وعلى صعيد الغاز المشغل للمحطات الكهربائية، فقد تعرض خط أنابيب الغاز العربي، الذي ينقل الغاز من مصر، للاستهداف في العام 2014، كذلك طالت الهجمات، خطوط الأنابيب في الصحراء السورية غرب تدمر، والخط الذي يربط حقل الشاعر بمعمل إيبلا لمعالجة الغاز، واستهدف ايضا معمل غاز الجبيسة، توقفت عن الخدمة محطتا الزارة والتيم لتوليد الكهرباء بسبب انقطاع الإمداد بالغاز. اما على صعيد الوقود المشغل لمحطات توليد الكهرباء، فالجميع يعلم ان القوات الأمريكية احتلت شرق الفرات، لتمنع الحكومة من استخراج نفطها وغازها لتشغيل معامل الكهرباء، والذي يمنع

من استفادة الحكومة من طاقة سد الفرات الكهربائية، وكان دور داعش بإيعاز امريكي كبيراً حيث استهداف داعش بأمر أمريكي لجميع محطات توليد الكهرباء وكل ما يتعلق بمراكز توليد ونقل وتوزيع الكهرباء، بالإضافة إلى استهداف مصادر إنتاج الطاقة الكهربائية.
اما المرحلة الثانية، فكانت الحصار الاقتصادي، حيث فرضت واشنطن عقوبات اقتصادية تستهدف قطاع الطاقة أدت الى تراجع كميات الفيول الواردة إلى البلاد واللازمة لتشغيل محطات توليد الكهرباء، ووصلت خسائر قطاع الكهرباء بسبب الحصار الأمريكي، ما يقارب 4 مليارات دولار بسبب العقوبات الاقتصادية الأمريكية، واثناء الحصار مازالت الولايات المتحدة الامريكية تعيق قدرة الشركات غير السورية على الاستثمار، وثانيا تحد من قدرة دمشق على تمويل هذه المشاريع بسبب حظر المعاملات المالية عبر النظام المصرفي الدولي، ثالثا، تحبط هذه العقوبات وصول سوريا إلى أسواق الطاقة لشراء الوقود ونقله، كما تمنع سوريا من استثمار النفط والغاز عبر فرض عقوبات على أي شركة او مؤسسة غير سورية تسعى لذلك، وتعطيل قدرة سوريا على الإنتاج النفطي المساهم في توليد الكهرباء، والذي تملك سوريا احتياطي مهم بحسب تقديرات مركز فيريل للدراسات في برلين، الذي توقع أن تحتل سوريا المركز الثالث عالمياً في إنتاج الغاز، كون الإحتياطات السورية من الغاز تقدّر بـ 28 تريليون متر مكعب. وتحتل المرتبة 42 عالميًا.

هل الحل مفاعل نووي:
وزارة الكهرباء السورية، وعبر جهود حثيثة، وعبر الالتفاف على قانون قيصر، استطاعت إعادة تأهيل 72 محطة تحويل، و7259 مركز تحويل، و5900 كم من شبكات التوزيع. لكن المشكلة الحقيقية في كمية الكهرباء المنتجة، وهذا ما دفع المتابعون لشؤون الطاقة في البلاد، غبر وسائل اعلام مكتوبة ومرئية، الى إعادة طرح فكرة استخدام الطاقة النووية في إنتاج الكهرباء، حيث يستعيد بعض المختصين ما كشفه الرئيس الروسي السابق، ديمتري ميدفيديف، خلال زيارته دمشق في أيار من عام 2010، حيم أعلن أن موسكو تدرس بناء محطّة كهرباء نووية في سوريا، ثمّ جاءت وثيقة نشرتها "الوكالة الدولية للطاقة الذرّية" في عام 2011، لتُظهر أيضاً أن "سوريا تدرس بناء أولى محطاتها النووية بحلول عام 2020، لتلبية الطلب المتسارع على الكهرباء".

المتابعون وعبر تصريحات لهم، يؤكدون ان مشروع المحطّة النووية الروسية، " لا يبدو أنه سيُكتب له أن يبصر النور على المدى القريب، وربما المتوسّط أيضاً، وذلك لسببين: الأوّل متعلّق بالتكلفة العالية التي باتت سوريا بفعل الحرب وأضرارها الكارثية عاجزة عن تحمّلها، أمّا السبب الثاني، فيتمثّل في موقف الدول الكبرى المعنيّة باستخدامات الطاقة النووية، والتي لا تزال إلى الآن تعارض أيّ مساهمة دولية في عملية إعادة الإعمار، وتالياً فهي ستكون رافضة بحزم لأيّ توجّه سوري نحو الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، متذرّعة بحجج كثيرة، أهمّها عدم الثقة بحقيقة النوايا السورية من مشروع كهذا، في ظلّ حضور العامل الإسرائيلي، والمخاوف المرتبطة بأمن تلك المنشآت."