جيل منتصب القامة في الاغوار والجلمة

جيل منتصب القامة في الاغوار والجلمة
الخميس ١٥ سبتمبر ٢٠٢٢ - ٠٥:٥٢ بتوقيت غرينتش

قبل عشرين عاما او اكثر نشر كتاب باللغة العبرية يتحدث عن جيل فلسطيني جديد في المناطق المحتلة عام ١٩٤٨ وتحديدا في الجامعات يتمسك بفلسطينيته ضمن موجة الاسرلة ويقاوم المشروع "الاسرائيلي" رغم ان هذا الجيل يتحدث العبرية بطلاقة ويتعلم في الجامعات "الاسرائيلية"، وحمل الكتاب اسم (جيل منتصب القامة ).

العالم - قضية اليوم

اليوم بعد عملية الجلمة وايضا بعد عملية الاغوار يبدو ان جيلا يخرج بين ظهرانينا منتصب القامة ولا يعرف لغة الانحناء بل يتقن لغة الانتصاب والمواجهة ويحاور الاحتلال بطريقته ولا يعترف بجغرافيا ولا يقرأ افكارا حركية بالية ولا ينتمي لجيل الانقسام ولا يعترف بحدود التنظيمات ولا بتبايناتها السياسية والفكرية ولايرى فلسطين الا وفق منظاره ولا يستمع كثيرا الى الخطباء المفوهين ولا يراهن كثيرا على السياسيين البراغماتيين ولا ينتظر من المفاوضين المتمرسين ان ياتوه بحلول ولا من المقاومين المتفرغين ان يمنحوه الدعم ، هذا جيل عجيب غريب خرج بعد انتفاضة فلسطينية ثانية كانت هي الاقسى على الفلسطينيين وانقسام اسود احبط الجيل السابق ونظريات سياسية واقتصادية كان هدفها ان تحبط الاجيال التاليه، غريب هذا الجيل الذي يقاوم لا يهمه ماذا تكتب الصحف ولا ما ينقل عبر وسائل الاعلام ولم يتعرف على ابطال الفضائيات من السياسيين والخبراء والمحللين والمثقفين، تعامل وفق الجينات الفلسطينية الحقيقية وبناء على النظريات الكلاسيكية التي تقول ان شعبا محتلا من الطبيعي ان يقاوم وان يصد عن نفسه العدوان، الغريب في هذا الجيل الجديد انه وبعد قراءة لاخر عمليتين ادرك فنون التخطيط ولم يهب دون ان يرسم الاهداف والخطط ، عملية الاغوار تمت بتخطيط مركب وفق المصادر الامنية الاسرائيلية وعملية الجلمة كذلك مما يعني ان حتى مشهد الانتفاضة التي قد تكون شرارتها انطلقت فعلا من جنين لن يكون كذات المشهد في الانتفاضة الاولى والثانية قد يكون المشهد جديدا يرسمه جيل جديد فاجا الجميع وهاهو ياخذ زمام المبادرة، لكن من الضروري ان تفهم السلطة وتليها الفصائل بان الطبيعة لا تقبل الفراغ والحالة الفلسطينية اثبتت ان الفراغ فيها غير ممكن اما ان يملأه الجيل الذي يقود في هذه المرحلة والا فان جيلا مستعدا لان يكون هو البديل ، وعلى الاحتلال ان يفهم ان المعركة مع هذا الجيل ستكون مختلفة وفيها تفاصيل كثيرة لن يستطيع جمعها او التعامل معها وعليه فاعتقد ان اجهزة امن الاحتلال المتفاجاة والمرتبكة بدات بالفعل تدرس التعامل مع المشهد الجديد والمعادلة التي يفرضها هذا الجيل وتحاول الان ان ترسم حدوده وان تضع مقابلا لفرضياته وان تحاكي افكاره كي تستطيع كبح جماحه وهذا بحد ذاته انتصارا جديدا للفلسطينيين سواء من خلال عنصر المفاجاة او من خلال تصدر جيل جديد للمواجهة .

فارس الصرفندي