العالم - سوريا
وأفادت مصادر اعلامية من شمال حلب، بأن قيادة فصائل “الجيش الوطني” أقرّت بعد سلسلة من الاجتماعات التي أجرتها في مدينتي “كلس” التركية و”أعزاز” السورية، عملية إعادة تشكيل الفصائل المنضوية ضمن الفيالق الثلاثة المكوِّنة لـ “الوطني”، وفق المعطيات ومجريات الأحداث يشهدها ريف حلب الشمالي منذ اندلاع الصراع الأخير بين “هيئة تحرير الشام” و”الفيلق الثالث” في منطقة عفرين.
ولعل من أبرز ما حملته التشكيلات الجديدة التي تمت بمباركة تركية، كان تسليم قيادة “الفيلق الثاني” لفصيل “فرقة السلطان مراد” التركماني بزعامة القيادي “فهيم عيسى”، الذي كان أظهر نفسه بموقف المحايد خلال الصراع الأخير في عفرين، دون أن يتدخل وفصيله آنذاك إلى جانب أي من أطراف الصراع، ما منحه الأفضلية لقيادة “الفيلق”، الذي بات يضم ثاني أكبر فصيل تركماني في الشمال “فرقة سليمان شاه” المعروف باسم “العمشات”، بحسب التشكيلات الجديدة.
ووفق قول محللين ومتابعين لمجريات الأحداث الميدانية ، فإن التشكيلات الجديدة وخاصة المتعلقة بـ “الفيلق الثاني” صبّت في مصلحة “أبو محمد الجولاني”، وزادت من قوة أذرعه التي يعتمد عليها في ريف حلب الشمالي، مستشهدين بداية بنقطة تسليم قيادة “الفيلق الثاني” لـ “فهيم عيسى”، الذي وإن كان أبدى موقف الحياد من جميع الفصائل المتصارعة في العلن، إلا أنه يرتبط بعلاقات جيدة جداً مع “الجولاني” بشكل ضمني.
كما استدل المحللون خلال حديثهم حول مكاسب “النصرة”، عبر مسألة ضم فصائل “الحمزة” و”العمشات” و”المعتصم” وبعض كتائب “أحرار الشام” إلى “الفيلق الثاني”، كون جميعها فصائل مدعومة من قبل “الجولاني”، الذي لطالما كان لبى نداءاتها سابقاً خلال صراعاتها الداخلية مع باقي الفصائل، وخاصة ضد “الجبهة الشامية”.
وأوضح المحللون ، بأنه وفي ظل التحالفات الجديدة، أصبحت جميع أذرع “النصرة” ضمن شمال حلب، متحدةً ومتحكمة تماماً بـ “الفيلق الثاني”، أي بنحو ثلث “الجيش الوطني” بشكل عام، وبالتالي فإن “الجولاني” بات موجوداً بقوة ومتحكماً إلى حدٍ كبير في مناطق شمال حلب، دون الحاجة إلى الزج بمسلحيه هناك بشكل علني، وبعيداً عن أي ردة فعل غاضبة قد تصدر عن أنقرة.
ويرى المحللون أن المكاسب التي حققتها “تحرير الشام” لم تأتِ من فراغ، وإنما جاءت بعد “مسلسل” متميز بـ “حبكة السيناريو”، لعبت “حركة أحرار الشام” بطولته بإخراج من “الجولاني”، حيث كانت الحلقة الأولى مع إعلان عدة كتائب في الحركة، الانشقاق عن صفوفها وتشكيل “حركة إنقلابية” أطاحت بقائدها السابق “عامر الشيخ” وعيّنت “يوسف الحموي” خلفاً له، وقدمت الفرصة الجاهزة لـ “الجولاني” كي يعود إلى التلويح باقتحام الريف الشمالي مجدداً لنصرة حليفه “الشيخ”.
ولترسيخ مسألة توجه “الجولاني” مجدداً إلى اقتحام الريف الشمالي، عملت تنسيقيات ومعرفات “أحرار الشام” على نشر أخبار كاذبة، تحدثت عن اندلاع اشتباكات إثر هجمات نفذتها “النصرة” نحو معسكر يضم الكتائب المنقلبة على “الشيخ” في قرية “ترندة” بريف عفرين، وهو ما نفته مصادر محلية جملة وتفصيلاً، مؤكدة أن الأمر لم يكن سوى رشقات محدودة من الرصاص أطلقتها مجموعة تابعة للقائد المعزول نحو المعسكر، تم الترويج لها عبر التنسيقيات على أنها هجوم لـ “النصرة”، بغية ترهيب فصائل “الجيش الوطني” من عودة مرتقبة لمسلحي “الجولاني” إلى مناطقهم، والضغط عليها لتشكيل التحالفات الجديدة.
وشهدت السنوات الماضية، العديد من المحاولات التي بذلها متزعم “هيئة تحرير الشام” “أبو محمد الجولاني”، للتوغل في مناطق ريف حلب الشمالي الخاضعة لسيطرة “الجيش الوطني”، سواء من خلال التدخل المباشر في الصراعات الداخلية بين فصائل “الوطني”، أو عبر إنشاء تحالفات سرية مع بعض فصائل الشمال، بينما تُفضل أنقرة الإبقاء على “الجولاني” بعيداً عن مناطق نفوذها في شمال حلب، لاستخدامه كـ “فزاعة” تُرهب بها كل من يحاول شق عصا الطاعة عليها بين الفصائل.