أمريكا.. والغرق في وهم الهيمنة على العالم

أمريكا.. والغرق في وهم الهيمنة على العالم
الإثنين ٠٦ مارس ٢٠٢٣ - ٠٦:٠٨ بتوقيت غرينتش

يبدو ان الهزائم والإخفاقات التي منيت بها امريكا في افغانستان والعراق ومناطق اخرى من العالم ، دفعت العديد من الكتاب والمفكرين الامريكيين، للتشكيك بقدرة امريكا على مواصلة دور "زعيمة" العالم، التي تتدخل في كل شاردة وواردة من شؤونه، مطالبين الادارات الامريكية بالكف عن الغرق في وهم زائف ، وهو وهم الهيمنة على العالم.

العالم كشكول

من الذين تناولوا موضوع "استغراق الولايات المتحدة في أوهام زائفة للهيمنة على العالم"، الكاتب أندرو جيه باسيفيتش، الاستاذ الفخري للعلاقات الدولية والتاريخ بجامعة بوسطن، عبر مقال نشره في مجلة "فورين أفيرز"، اشار فيه الى الاسباب التي جعلت امريكا، تؤمن بضرورة التفوق العسكري والميل إلى استخدام القوة، حتى أصبح ذلك قناعة لدى الامريكيين لا يتطرق إليها الشك.

يذكر كاتب المقال ان انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، كان فاتحة لعهد جديد تفرض فيه امريكا هيمنتها على العالم، لذلك ظلت الحرب العالمية "بالنسبة لمعظم الأميركيين مصدرا مرجعيا لذاكرتهم المعاصرة، وكانت الحرب الباردة بمثابة تكملة لتلك الذاكرة".

رغم ان امريكا لم تنفك عن استخدام القوة كوسيلة لتحقيق اهدفها، الا انها واجهت منافسين لها، لذلك احتلت الحروب حيزا كبيرا في تاريخها الحديث، فتبين ان هيمنتها على العالم، ليست سوى أوهام. ففي ستينيات القرن الماضي، بدا أن الحرب المكلفة والمثيرة للانقسام في فيتنام قد قضت على تلك الأوهام، لكن انهيار الشيوعية في نهاية الثمانينيات أحياها مؤقتا.

يرى باسيفيتش ان مغامرات امريكا في "حربها ضد الارهاب" في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، فضحت وهم هيمنها، وخدعة تفوقها العسكري، وكان من المفترض ان تكون النتائج الكارثية لتلك الحروب التي خاضتها أميركا في أفغانستان والعراق بمثابة دعوة للاستيقاظ، مماثلة لتلك التي مرت بها بريطانيا إبان حرب السويس عام 1956. وقد أجبرت تلك الحرب البريطانيين على الاعتراف بأن مشروعهم الإمبراطوري قد وصل إلى طريق مسدود، الا ان مؤسسة السياسة الخارجية الأميركية تشبثت باعتقادها الخاطئ بأن ما يحتاجه العالم هو المزيد من القوة العسكرية الأميركية.

ما لا نتفق عليه مع باسيفيتش، هو محاولته تحميل روسيا مسؤولية عدم إعتبار أمريكا من هزائمها واخفاقاتها، والتهرب من الاعتراف بوصولها الى نهاية عصر الهيمنة، بسبب "هجومها" على اوكرانيا، فقد ساهم الهجوم الروسي على أوكرانيا لكي تعود أميركا إلى سياسة استعراض عضلاتها، متناسيا ان الحرب في اوكرانيا، ما كانت لتقع لولا اصرار مريكا على مواصلة وهم الهيمنة وتجسيد دور "زعيمة العالم"، من خلال تحريض اوكرانيا للانضمام الى الناتو بهدف محاصرة روسيا.