التقارب السعودي الإيراني..من المستفيد ومن هو الخاسر الأكبر؟

التقارب السعودي الإيراني..من المستفيد ومن هو الخاسر الأكبر؟
الجمعة ١٠ مارس ٢٠٢٣ - ٠٤:٣٨ بتوقيت غرينتش

يكتب التاريخ اليوم مرحلة فاصلة وهامة في تاريخ الشرق الأوسط، عنوانها إنتهاء 7 سنوات من الجمود في العلاقات الإيرانية - السعودية.

العالم - كشكول

فهذا التطور في العلاقات بين القوتين الإقليميتين في المنطقة ينظر اليه على أنه سيفضي إلى تعزيز الإستقرار والأمن الإقليميين وزيادة التعاون بين دول الخليج الفارسي والعالم الإسلامي لمواجهة التحديات القائمة وبالتالي تعزيز السلام والاستقرار والتعاون الدولي.

وما إن أعلنت طهران والرياض اتفقاهما في بكين على استئناف العلاقات الدبلوماسية وإعادة فتح السفارتين والممثليات الدبلوماسية خلال مدة أقصاها شهران، حتى انهالت الترحيبات من دول المنطقة وعلى رأسها العراق وعمان اللتان استضافتا الجولات الخمس الماضية للمفاوضات الأولية بين البلدين، والتي كان لها دور كبير في التوصل إلى الاتفاق النهائي الذي سيصب في مصلحة المنطقة وشعوبها التي ستكون المستفيد الأكبر من هذا التقارب.

ومما لا شك فيه فإن الخاسر الأكبر من عودة العلاقات الدبلوماسية بين طهران والرياض هو الكيان الإسرائيلي الذي كان يرمي لحشد دول المنطقة نحو العداء مع إيران.

الغضب الإسرائيلي من هذا التقارب تجلى بوضوح على لسان زعيم المعارضة الإسرائيلية، ورئيس الوزراء السابق يائير لبيد، الذي قال "ان الاتفاق بين السعودية وإيران هو فشل كامل وخطير للسياسة الخارجية لحكومة نتنياهو، وهذا انهيار لجدار الدفاع الإقليمي الذي بدأنا ببنائه ضد إيران".

فمراكز البحوث الإسرائيلية حذرت في وقت سابق من التقارب الإيراني السعودي، وأكدت أنه سيشكل خرقا هاما في الجبهة المناهضة لإيران التي سعت "تل أبيب" لعرضها، كما أنه سيزيل عاملا مركزيا من جبهة المعارضة للعودة الأمريكية للاتفاق النووي.

أيضا التقارب الايراني السعودي سيضرب المشروع الاميركي الاسرائيلي، الهادف للحيلولة دون بناء علاقات بناءة بين قوتين اقليميتين سياسيا واقتصاديا وعسكريا، لأن في هذه العلاقة خطرا على هيمنة الكيان الاسرائيلي، وهذا الكيان الغاصب هو جزء لا يتجزأ من الامن القومي الأميركي.

وسياسة أميركا و"اسرائيل" قائمة، على مبدأ " فرق تسد"، وقائمة ايضا على مبدأ "التوريط " او "التشبيك"، فظنت "تل ابيب" أن التطبيع مع دول مجلس التعاون سيخلق جفاء و عداء بين الدول المطبعة وايران، وسيساهم في عزل ايران عن بيئتها وعن محيطها، وكان هذا احد أهداف التطبيع، لكن هذا الهدف فشل فشلا ذريعا، وإيران لم تقع في هذا الفخ، بل على العكس عززت خطواتها الإقليمية، وكثفت من سياسة حسن الجوار وأعتبرته أمرا محوريا لتقريب وجهات النظر ورفع سوء التفاهم مع الدول الجارة.

كذلك تدرك "تل أبيب" أن الزمن يمضي لصالح ايران والمقاومة في المنطقة، وايران تتقدم، ليس فقط على الصعيد النووي السلمي، وانما في كافة المجالات العسكرية والتقنية، كما ان إعلان إيران بالتوجه نحو المحيط الهادئ، وتحديداً قناة بنما، يعد إشارة إلى تعاظم قدرات طهران العسكرية ودورها على المهم على الساحة الدولية، لاسيما في ظل التحالفات الايرانية الروسية الصينية.

هذا من جانب، ومن جانب آخر يعيش الكيان الاسرائيلي اليوم وضعا متأزما، "سياسياً و اجتماعياً و أمنياً" ، حتى أن المجتمع الاسرائيلي انقسم الى مؤيد ومعارض للحكومة المتطرفة ، برئاسة بينامين نتنياهو، وسط دعوات منظمة و مبرمجة لهجرة عكسيّة من الكيان المحتل الى أميركا و دول اخرى، مع تعاظم المقاومة الباسلة في الضفة الغربية، وتوسع وتعدد في فصائل المقاومة.

وأمام هذا الواقع المتأزم للكيان، تحاول حكومة نتنياهو تحويل أزمتها الداخلية نحو التهديد بعمل عسكري ضد ايران، وهو ما لا تجرؤ عليه، فالحرب ، إن وقعت ، لن تكون كالحروب السابقة، بل ستكون حربا مفتوحة جغرافيا وزمنيا. ولن تستطيع أميركا برعاية وادارة حربين في آن واحد ؛ حرب في اوكرانيا وحرب في الشرق الاوسط.

وحرب للكيان المحتل من دون دعم ومشاركة أميركا ستكون نهاية ما يسمى "اسرائيل". ولن تستطيع أميركا ولا الغرب المتحالف تحمل خسارتين استراتيجيتن ؛ احداهما في اوكرانيا والاخرى في الشرق الاوسط .

ومجمل ما تراه تل أبيب الان وخاصة في استئناف العلاقات السعودية الإيرانية، هو تطور خطير بالنسبة لـ"إسرائيل" ويمثل انتصارا سياسيا لإيران.