نقاط ضعف السياسة الخارجية الأمريكية في غرب آسيا

نقاط ضعف السياسة الخارجية الأمريكية في غرب آسيا
الأحد ١٤ مايو ٢٠٢٣ - ٠٦:٠٦ بتوقيت غرينتش

نشهد خلال هذه الأيام وقوع أحداث مصيرية في المنطقة، من بينها ارتباطات استراتيجية وتكتيكية معينة. ومن أهم القضايا عودة سوريا المشرفة إلى الجامعة العربية .

العالم - مقالات

وفي هذا البين لا يمكننا إهمال تحليل مقاربة الجهات الغربية تجاه بلورة دبلوماسية إقليمية جديدة في المنطقة، وذلك مع الدور الفاعل لجبهة المقاومة، خاصة وأن كلا من سوريا وإيران لعبت وستستمر في لعب دور كبير في تحقيق هذا المسار. غالبية وسائل الإعلام الغربية نقلت نبأ عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية إلى الرأي العام العالمي في اطار خبري، متجاهلة القيمة الاستراتيجية والدعم الإقليمي والخارجي لهذا الحدث المهم!. في وقت قيام أجهزة المخابرات الأمريكية والكيان الصهيوني بتأسيس تنظيم "داعش" الارهابي ، لم يكن كبار المسؤولين الغربيين يتخيلون أنه بعد عقد من الزمان، سيضطرون إلى قبول حقيقة تسمى بقاء الحكومة السورية والعودة القوية للجامعة العربية. الخطة المشؤومة لإسقاط النظام السوري وقطع الصلات بين مكونات جبهة المقاومة مع بعضها البعض كان قد تم طبخها مرات عديدة من قبل في غرف التخطيط الغربية والصهيونية، وفي هذه الحسابات لم ترد اي احتمالات لعودة سوريا إلى الجامعة العربية!.

كما اشرنا تعد عودة سوريا إلى الجامعة العربية النقطة الكاشفة لفشل أمريكا الاستراتيجي في المنطقة، وهذه القاعدة تنطبق أيضا على حلفاء واشنطن الأوروبيين والصهاينة. استراتيجية تحويل سوريا والعراق إلى أرض محروقة تغيرت الآن لتصبح استراتيجية كيفية قبول النظام الإقليمي الجديد في غرب آسيا بمحورية جبهة المقاومة!. يعتبر هذا أسوأ خطأ وفشل استراتيجي للغرب. بالتأكيد، في هذه المعادلة تعرض اللاعبون الغربيون، بما في ذلك فرنسا وإنجلترا وألمانيا، بصفتهم حافزا لأمريكا في دفع خطة الإطاحة بالنظام السوري، إلى آثار وعواقب هذا الفشل الكبير. والآن، نشأت صراعات جديدة بين اللاعبين الغربيين حول الدراسة المستقبلية للتطورات في المنطقة (فيما يتعلق بعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية) ، والتي باتت تخرج من الخفاء إلى العلن.

معظم هذا الصراع يرتكز على الرؤى التي رسمها اللاعبون الأمريكيون والأوروبيون في السنوات الأولى من القرن الحادي والعشرين، والتي تتعارض بشكل كبير مع الظروف والحقائق الحالية من حيث الماهية. لاشكاإن طبيعة الأحداث الجارية في غرب آسيا لا تصب في مصلحة امريكا والاتحاد الأوروبي وتتعارض مع خارطة الطريق والاستراتيجية في بداية إنشاء "داعش". بعد وصول بوش الابن واحتلال واشنطن لأفغانستان والعراق، حظيت هذه الفرضية الوهمية (ضرورة تحديد بنية النظام العالمي الجديد من قبل الولايات المتحدة) بمزيد من الاهتمام من السياسيين الغربيين. وأصبحت نظريات صراع الحضارات لـ"هنتنغتون" ونهاية تاريخ لـ"فوكوياما" هي أيضا الخطوط النظرية لهذا النظام المزعوم. وفقا لما يعترف به الاستراتيجيون الغربيون وبمقاييس عديدة، فإن نفوذ أمريكا ووجودها في غرب آسيا آخذ في

السعودية تسعى للسلام مع إيران، وأقرب شركاء أمريكا من العرب يعكفون على اعادة سوريا إلى الحضن العربي. وكما نرى فان أمريكا فشلت في رسم شبكة تدعمها وخلق روابط استراتيجية جديدة مع حلفائها الإقليميين والتقليديين. لذلك ، لا تعتبر عودة سوريا إلى الجامعة العربية انتصارا تكتيكيا أو مؤقتا لجبهة المقاومة والدبلوماسية الإقليمية الجديدة (التي تحدد النظام الإقليمي الجديد بعيدا عن التدخل الغربي المزمن) ، ولا يمكن تجاهل التجربة استراتيجية وتأثيرها على العلاقات الأمنية الكلية في منطقة غرب آسيا

حنیف غفاری