العالم بودكاست..

فنانة تشكيلية لا ترى في الريشة أداة رسم بل أداة للبوح والحكاية!

الخميس ٢٤ أبريل ٢٠٢٥
٠١:٢٦ بتوقيت غرينتش
يُقال إن للفن أصواتاً لا تُقمع وللريشة أثراً لا يزول. في فلسطين، لا تُعلق اللوحات على الجدران فقط، بل على الذاكرة. حيث أن اللوحات ليست مجرد ألوان، بل سلاح ومقاومة. وفي الوقت الذي تُحاصر فيه الحكايات وتُقمع فيه الروايات، يبقى الفن أسلوباً للمقاومة.

العالم العالم بودكاست

وأجرت قناة العالم ببرنامج "العالم بوكاست" لقاء مع فنانة تشكيلية لا ترى في الريشة أداة رسم فحسب، بل أداة للبوح والحكاية هي الفنانة"ميس أبو صاع".

وقالت الفنانة التشكيلية ميس أبو صاع:" فنان لدرجة أنه كان يُحاسب على لوحاته، يعني يُعتقل بسببها. لأنه إذا كنت فناناً بدون قضية أو هدف أو رسالة أو مضمون قوي وراء فنك، فلا قيمة لك ولا لفنك. نحن حالياً غير قادرين على إقامة معارض أو الخروج للعالم، لنعلمهم الحب قبل أي شيء آخر، لأنه عندما يحبونك يأخذون منك المادة بكل شغف. لكن يبقى هناك دائماً بصيص أمل عندنا، فلا بد أن تجد شعاعاً من البياض في لوحاتنا حتى لو كانت مليئة بالألم، لتعطي أملاً للمستقبل بأن هذه الأرض ستتحرر يوماً ما وتعيش بسلام.

وقالت: أنا مصرّ، أنا مقهور ومظلوم ومحتل وأرضي مغتصبة، ولكني غير راضٍ.

المرة الأولى التي أمسكت فيها الفنانة ميس"الريشة"

وبسؤال ميس عن المرة الأولى التي أمسكت فيها الريشة قالت: أستغرب لأنني لم يخطر ببالي أبداً أنني فنانة. لم أكن أعرف أصلاً. قررت دخول كلية الفنون عندما توفي والدي، رحمه الله، وأردت أن أكمل مسيرته لأنه كان فناناً تشكيلياً لكنه لم يدرس الفنون لعدم وجود تخصص جامعي في زمنه. أحببت أن أحقق حلمه، فدخلت كلية الفنون. قبل ذلك، لم يكن الأمر في بالي أبداً ولم أكن أرسم الشمس أو غيرها.

وتابعت ميس: قرار دخولي لكلية الفنون كان نابعاً من حبي لوالدي. العائلة بشكل عام فنانة، فوالدي فنان وأخي كان يرسم أيضاً. والدي كان يمثل مسرحياً ويكتب الشعر، وأخي يلحن. لكننا كنا صغاراً عندما توفي والدي، فكنت على وشك صاعدة للمرحلة التوجيهية. لم يكن يظهر في البيت سوى والدي كفنان. حيث كان فناناً لدرجة أنه كان يُحاسب على لوحاته، يُعتقل بسببها.

"الفن" ملجأ ورسالة، وليس مجرد صدفة أو هواية

وأضافت ميس: الفن هو استكمال لرحلة الوالد الذي كانت لديه مبادئ وآراء وأفكار وقضايا ومواقف. فأنت تتبنى موقفاً وتكمل حياتك بناءً عليه. لأنه إذا كنت فناناً بدون قضية أو هدف أو رسالة أو مضمون قوي وراء فنك، فلا قيمة لك ولا لفنك.

وقالت: الفن ليس مجرد هواية، فالهواية موجودة، لكن عليك وضعها في المكان الصحيح. إذا كنت فناناً ولا أستغل فني في شيء يفيد المجتمع أو يقدم رسالة، فلن أترك أثراً، وبالتالي الجيل القادم لن يتذكرني. أريد أن يتذكروني بالقضايا التي طرحتها، كما أنا أجدد القضايا والأفكار التي كان والدي يتبناها. أنا الآن أؤدي نفس الرسالة.

شاهد أيضا.. حماس تدعو لمحاسبة الاحتلال والعمل على كسر الحصار الظالم على قطاع غزة

ونوهت ميس إلى أنه ليس المقصود بالفن الشهرة والأثر لأعمالي كشخص، بل للقضايا، لا يوجد إنسان لا يحب الشهرة واللمعان، لكننا في مجتمع فلسطيني مقيد ومحاصر ومقهور. ليس لدينا وقت لهذه الرفاهية من أجل الشهرة. هدفنا الآن هو الحفاظ على ثوابتنا والتمسك بها قدر المستطاع، وإيصال رسالة للمجتمع، وأن نكون مؤثرين بشكل إيجابي هذا هو ما هو المطلوب.

الفن ليس مجرد رموز أو ألوان

وحول سؤالها عن الصراعات التي خاضتها ميس لتثبت نفسها كفنانة فلسطينية؟

قالت ميس: اشتغلت على نفسي كثيرًا بدون مساندة أي شخص، لأنه كما قلت لك، الأب متوفى. فأنا دخلت هذا المجال وهو جديد علي. كنت من أول سنة، من أول كورس. نجحت في مستوى امتحان القدرات ودخلت الكلية. بدأت أحب الشيء، فصرت أحس أن الفن جميل. لماذا أنا لم أكتشف أن في داخلي فنانة ربما والدي توفي قبل أن يكتشفنا أو يرى فينا هذه المواهب، وبعد أن أنهيت الجامعة، صرت أفكر: "ماذا سأفعل بحياتي؟! حتى الذين يتخرجون من الرياضيات والهندسة والطب لا يجدون عملًا، فماذا سأفعل أنا كفنانة؟

وتابعت ميس: تقدمت لسلك التربية والتعليم لعدة سنوات، وكنت دائمًا أحصل على علامات عالية. كنت أحتل المرتبة الثالثة أو الثانية في المقابلات والامتحانات. لكن في النهاية، تم رفض ملفي بسبب التمييز الواضح والتجاوزات والواسطات والمحسوبيات. أنا لا أستطيع التعامل مع هذه الأجواء، وأساسًا لا أتخيل نفسي معلمة محصورة داخل أربعة جدران طوال العمر. أشعر بالاختناق ولا أتحمل ذلك، وبعد ذلك، بدأت أشق طريقي بنفسي. فتحت معرضًا صغيرًا اسمه "معرض ملاك للفنون والأشغال اليدوية" على اسم ولدي، بدأت أشارك في المعارض أينما كانت هناك فرصة، سواء عن طريق وزارة الثقافة أو المؤسسات المجتمعية. بدأ اسمي ينتشر وبدأت أعمل أكثر.

وأضاف ميس: خلال الانتفاضة عام 2000، تذكرت نابلس وما حدث. لم يكن هناك حركة، فقررنا أن نعمل. صرت أشتغل أكثر بالخشب، وساعدني زوجي لأنه مهندس. كنت أرسم وأطرز، وهو يصنع الإطارات ويشتغل بالخشب. أصبحنا نشارك في المعارض على مستوى أكبر وبدأت تأتينا طلبيات أكثر وعملت بعدها مع مؤسسات نسوية، ثم في سلك التربية والتعليم بالجامعات المفتوحة كمحاضرة، وبعدها كمصممة جرافيك في نفس الجامعة. ثم عملت في البلدية. لكن طوال هذه السنوات، كنت أعمل في المعارض باستمرار. لم أتوقف أبدًا، وكنت أعمل لوحدي مع دعم زوجي. لم يكن هناك أي دعم من أي مؤسسة.

وأوضحت ميس: الحمد لله، لم يكن لدي واسطات. أنا لم أتربَ هكذا أساسًا. المبادئ هي رصيدنا. صحيح أنني لا أؤمن بأن كل إنسان لديه مقومات يمكن أن توصله، وأنا كان لدي مقومات يمكن أن توصلني بسهولة، لكنني لا أريد هذا الوصول السهل الذي قد يأتي يومًا ما شخص ليملي علي رأيي.

وقالت ميس: أريد أن أصل بجدارتي، دون أن يعلمني أحد أو يضعني في خانة معينة. لا أريد أن يتحكم أحد في ريشتي أو مواقفي. أنا لا أقبل أن أتوقف عن كوني إنسانة حرة عندما يقيدني أحد.

وقالت ميس أصاب بالصداع عندما ترى جدارًا فارغًا بدون ألوان. هذه مشكلة خاصة عندما أرسم جدارًا لأشخاص وليس لمؤسسات أو بلديات. أحب أن يكون العمل مرتبًا وأنيقًا. أحب البياض، لكنني أريد أن أوصل رسالة بأي طريقة.

وحاليًا، نحن غير قادرين على إقامة معارض أو الخروج إلى العالم. تخيلي أن حلمي هو المشاركة في معرض عالمي، أو على الأقل عربي.ولا نستطيع المشاركة في معارض دولية لأننا كفنانين في فلسطين مقيدون فكريًا ومهمشون بشكل لا يوصف. يخافون منا، وبالتالي لا يريدوننا أن نخرج إلى الضوء.

ولفتت ميس: أتوجه إلى الجدار لأطرح أفكاري. فماذا نفعل وكيف نوثق الرواية الفلسطينية التي نريد أن تصل إلى العالم الفلسطيني والعربي كله والأوروبي.

التفاصيل في الفيديو المرفق ...

0% ...

آخرالاخبار

ترامب يتهم الديمقراطيين بتغيير قاعدة 'الفيلبستر' وتدمير المحكمة العليا


احتدام المعارك في كردفان وتحذيرات من تكرار مجازر الفاشر


نداء شعبي لـ"حملة مقاطعة داعمي 'إسرائيل' في لبنان" رفضا للتطبيع


مستشار قائد الثورة مخاطبا الإمارات: لصبرنا حدود


تصعيد إسرائيلي متواصل في الضفة.. شهيد واقتحامات واعتداءات المستوطنين


إنطلاق المرحلة 2 من مناورات القوات البحرية لحرس الثورة الإسلامية


منتخب إيران للتايكواندو یحصد ذهبيتين في بطولة العالم للشباب


اتفاق غزة بين الاعتداءات الإسرائيلية وخطة ترامب


بعد هلاك 'أبو شباب'.. داخلية غزة تدعو المرتبطين بالاحتلال للاستسلام


الرئيس الروسي.. سنواصل 'دون انقطاع' تصدير الوقود للهند