في مشهد مهيب، ووسط أجواء روحانية تتعالى فيها أصوات التكبير وتخفق فيها القلوب بخشية، يُكمل ضيوف الرحمن رحلة الطاعة والامتثال، حيث يواصل حجاج بيت الله الحرام أداء مناسكهم في ذروة أيام الحج، يوم العاشر من ذي الحجة، الذي تتجلى فيه معاني الفداء والتضحية والتقرب إلى الله.
مع بزوغ فجر عيد الأضحى المبارك، بدأ الحجاج أولى مناسك هذا اليوم العظيم برمي جمرة العقبة الكبرى، الجمرة الأقرب إلى مكة، حيث يرمونها بسبع حصيات متتالية، يكبرون مع كل واحدة منها، اتباعا لهدي النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم. ويُعتبر رمي الجمار شعيرة تتكرر في الأيام التالية، حيث يستمر الحجاج في رمي الجمرات الثلاث في كل من يومي الحادي عشر والثاني عشر من ذي الحجة، ضمن ما يُعرف بأيام التشريق.
وعقب الرمي، يتوجه الحاج إلى تنفيذ ذبح الهدي، وهو واجب على المتمتع والقارن، ومستحب للمفرد. ويُذبح الهدي في منى، أو يتم توكيل الجهات المختصة بذلك أو عبر الحملات المنظمة.
ثم يأتي الحلق أو التقصير؛ فيقوم الرجال بالحلق الكامل للرأس أو تقصيره، فيما تكتفي النساء بأخذ جزء يسير من أطراف شعورهن، وبهذا يتحلل الحاج التحلل الأول، ويصبح بإمكانه ارتداء ملابسه العادية ورفع بعض محظورات الإحرام.
بعد ذلك، يتجه الحاج إلى مكة المكرمة لأداء طواف الإفاضة، أحد أركان الحج الأساسية، الذي لا يتم الحج بدونه، ليطوف سبعة أشواط حول الكعبة المشرفة.
وفي ختام مناسك هذا اليوم، يؤدي الحاج السعي بين الصفا والمروة، فيكتمل بذلك أداء شعائر يوم النحر، ويتحلل الحاج التحلل الكامل، ويعود إلى حياته العادية وقد أتم أعظم أركان الإسلام.
وبإتمام مناسك هذا اليوم العظيم، يطوي الحجاج صفحة من الطاعة والسكينة، راجين من الله حجا مبرورا وذنبا مغفورا.