قصدت الزميلة حنان ضياء بلدة القبيات في شمال لبنان، لتلتقي بجورج عبدالله، لمعرفة أدق التفاصيل عن آراء هذا الأسير المحرر والمناضل الکبير.

41 عاماً من الأسر، لا جريمة سوى النضال
جورج إبراهيم عبد الله، المناضل اللبناني، يعود إلى وطنه أخيراً بعد أن أمضى أكثر من أربعة عقود في سجون فرنسا بتهم سياسية مغلفة بالقانون. ولد عبد الله في بلدة القبيات عام 1951 لعائلة مارونية. ومنذ شبابه، اختار أن يكون صوتاً للمقهورين، فدعم القضايا القومية العربية ووقف مع فلسطين، ليس بالكلام بل بالفعل والميدان، في صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. واجه الاحتلال الإسرائيلي في لبنان عام 82، ليكون لاحقاً من مؤسسي الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية، رافعاً شعار مقاومة الإمبريالية والاحتلال.
في عام 1984، اعتقلته السلطات الفرنسية في ظروف ملتبسة، واتهمته بالتواطؤ في عمليات نُفذت نصرة لفلسطين، ليُحكم عليه بالسجن المؤبد عام 1987. قال حينها: "أنا مقاتل ولست مجرماً. مساري فرضته عليّ الإساءات لحقوق الإنسان في فلسطين".
رغم أنه استوفى شروط الإفراج منذ عام 99، رفضت فرنسا إطلاق سراحه تحت ضغط أمريكي وإسرائيلي. وطُلب منه تقديم الاعتذار علناً والإعلان عن خطئه، لكن كان جوابه الأسطوري:"لن أندم، لن أساوم، وسأبقى مقاومًا".
علی الرغم من التضامن، والمناشدات والاعتصامات أمام السفارات الفرنسية، رفضت دولة "ديمقراطية" باستمرار جميع المطالبات وأبقت مناضلاً خلف القضبان فقط لأنه قاوم.
ضرورة مواجهة مسيرة صوملة المشرق العربي تحت إشراف اسرائيل
وقال جورج عبدالله عن انطباعه الأول عندما وطأت قدماه الأراضي اللبنانية:"شعرت بالحرارة، وحرارة الشعب، وإحساس بأن شعبنا شعب مقاوم، شعب جدير بالحرية ولديه كل مقومات الدفاع عنها بكل أشكالها. فور وصولي، قبل الخروج من الطائرة، اللبنانيات واللبنانيون المرشدون في الطائرة، فور علمهم بوجودي، عبروا عن مشاعرهم، وكان هذا مصدر حرارة واطمئنان. في الواقع بداية، كانت رجال الأمن، وكانت وجوههم منورة، وعملوا الكثير من مشاعر المحبة. وما ان وصلت لقاعة المطار حتى وجدت كافة القوى الحية في لبنان تعبر عن مضامين نضالها، وبالتالي اراحتني لأنني وجدتها بشكل شامل، مما يؤكد مقدرة قوانا الحية على المواجهة والانتصار على سيرورة الصوملة التي تدفع بها القوى الإمبريالية لتحويل المنطقة بكاملها، منطقة المشرق العربي، لبؤر تتناحر وتشرف على إبادتها إسرائيل.
العودة الی لبنان بعد استشهاد قادة المقاومة
وعن شعوره حيال العودة للبنان، في ظروف دقيقة يمر بها لبنان بعد حرب مدمرة، وبعد فقدان العديد من قادة المقاومة، قال جورج عبدالله:" هناک وجهان لهذا الواقع، وجه مؤلم، مؤلم كثيراً لفقدان قادة تاريخيين، ووجه مشرق أن حركة الجماهير حينما تكون قيادتها في موقع الشهادة، هذا يعني أن هذه الحركة لا يمكن أن تهزم. عادة القادة أصحاب المفاهيم وأصحاب القيم الثورية يلتزمون بمواقع القيادة مهما كان الخطر. عندما تكون القيادات قيادات منافقة تهرب في الواقع، حينما نجد خيرة القيادات تحت الأرض، الآن نحن نقول أن النصر قادم لا محالة.
وأضاف جورج: الحركة تستطيع أن تقدم أمثال هؤلاء القادة، فقدانهم لا يخيفني قطعاً. رأيت رفاق هؤلاء القادة في الموقع المتقدم، هم من كانوا في طبيعة المستقبلين، وهذا موضع كل استقرار واطمئنان بالنسبة لي. حينما تجد رفاق السيد موجودين في الطليعة، حينما تجد رفاقه من الأحزاب الأخرى كتفاً إلى كتف، تقول الصوملة ساقطة لا محالة.
وأوضح انه تلقی خبر استشهاد السيد حسن نصرالله کنبأ صاعق، فلم يكن يتوقع أن يستطيع الاحتلال الوصول أن يصل إليه، فکانوا قد حاولوا سابقاً الوصول اليه ولکنهم لم يصلوا اليه. واعتبر کارثة استهداف السيد نصرالله خسارة كبيرة، لکن استشهاده مصدر افتخار واعتزاز لأنه كان في الصف المتقدم.
وقال جورج انه يحيي السيد حسن قائدًا للثورة والمقاومة، تحية إكبار وتقدير، سواء كان حيًا أو كان شهيدًا، فقد سقط على طريق تحرير فلسطين.

لماذا رفضت فرنسا الافراج عن جورج عبدالله عام 1999
انتهی حکم السجن المؤبد لجورج عبدالله، عام 1999، لکن فرنسا لم تفرج عنه، فأوضح عبدالله عن أسباب هذا الموضوع قائلاً:"في الواقع، تحرير المناضلين لا يتم بناءً أو استنادًا للسنوات. فرنسا لم تفرج بكل تاريخها عن أي مناضل عربي إلا إذا كان هناك مقايضة. بكل تاريخها، لم يفرج عن أي إنسان مناضل سياسي، عسكري، إلى آخره، بدون مقايضة. تأخذون أسيرًا، نأخذ بأسير.
وأکد ان مقولة "فرنسا ام الحريات"، ليست سوی دعاية، هي تزعم بها، تقول إنها أم اللسان، وأم فصل السلطات القضائية عن السياسية عن العسكرية، لکن علی ارض الواقع لاعلاقة لها بهذه المواضيع. المناضل العربي في السجون الأوروبية، والمناضل البشري في السجون الأوروبية، ليس فقط في فرنسا، يخرج حينما يصبح اعتقاله أكثر تكلفة من تحريره. حينما شعرت فرنسا أن تحرير جورج عبد الله هو خير وسيلة لتخفيف التحرك من أجل فلسطين، قررت الإفراج عنه. التضامن مع المناضل، سواء في فرنسا أو في أي موقع آخر، ينجح، ليس بوضعه في براد. ينجح حينما يكون رفاقه في الخارج، المتضامنون معه، ينجحون في وضع التضامن معه في صيرورة النضال ضد القوى الإمبريالية العاملة، وليس في معارك وهمية. يعني حينما يصبح المتظاهر الذي يطالب بجورج عبد الله، يعتبر هذا المطلب مدخلاً لإدانة حرب الإبادة، مدخلاً لإدانة الحرب الغاشمة على لبنان، على إيران، على العراق. وهذا ليس ما أقوله انا، بل هو ما يقوله القرار القضائي. يعني الحكم الذي صدر لديه مبررات. المبرر الأول أن وجود جورج عبد الله في السجن هو سبب للاضطرابات الوطنية وان الإفراج عنه هو أقل خطراً من بقائه. هذا هو السبب الأول، وهذا ذو معنى. هذا ينسف كل مقولات الحرية وفصل القرارات بين الإدارية والقضائية وغيرها. حينما يكون وجودك في السجن مرهونًا بتوقيع وزير."
جورج عبدالله، مناضل رافض للصفقات
وأکد جورج عبدالله انه رفض منذ مطلع الاعتقال، الدخول في أي مناقشات قضائية، موضحاً انه لم يرافع دفاعًا عن نفسه، في أي مرحلة من المراحل. وقد رفض الأعلان عن ندمه من أجل الخروج من السجن، معتبراً أن ما قامت به القوى الثورية في فرنسا هو عمل شرعي و ان أي قانون يتناقض معه، يُداس.
وأشار الی ان المدعي العام الفرنسي لم يطلب مؤبدًا له بل طلب الحكم الأعلى وهو ما دون تسع سنوات، لأنه لم يکن مدان بإدانات ميدانية مادية، بل کان له موقفًا مبدئيًا. أن ما جرى في فلسطين، وما يجري في لبنان، وعدوان عام 82، وغيره يحول كل الأهداف الإمبريالية، أهدافًا شرعية في أي مكان كانت. وعندما يقاتل جنود الامبريالية في لبنان، دفاعاً عن بلادهم بينما ما زالوا في أرضنا، إذا كان يحق لكم أن تقاتلوا دفاعًا عن بلدكم في بلادنا، أحری بنا أن نقاتل على أرضكم دفاعًا عن أنفسنا بوجهكم.
وأکد جورج عبدالله انه قال:"لن أندم، لن أساوم، وسأبقى أقاوم" وهذا ما سمح له أن يكون في الموقع الذي يقف فيه المناضل. فقضی 41 عامًا في موقع النضال. فالمناضل يناضل سواء كان في الأسر أو خارج الأسر.
وتابع:" انا کمناظل في الأسر ناضلت ضمن ظروف خاصة. لحسن الحظ أنني محاط بمناضلين ومناضلات سهلوا عملية حركتي وصمودي داخل صيرورة النضال. أتمنى وأتمنى بشدة وأكرر ذلك، أتمنى أن يلقى رفاقنا في الأسر في فلسطين جزءًا من التضامن الذي حصل لي. ما يتعرض له الثوار في السجون الإسرائيلية اليوم لا يوصف، وهذا برسم الشعوب، وبرسم المناضلين.
أداء الجماهير العربية والاسلامية والمصرية ازاء القضية الفلسطينية مخجل
ورأی جورج عبدالله ان اخطر ما تواجهه المنطقة حالياً هو الهجوم على الشعب الفلسطيني واللبناني والعربي والإسلامي في المنطقة، معتبراً أن الشعوب العربية والاسلامية والمصرية ازاء العدوان علی غزة وحرب الابادة الجماعية والتجويع ليست فقط مقصرة، بل مخجلة فعلًا.
وتابع قائلاً:"لينظر كل إنسان عربي، لينظر كل إنسان مسلم. أن تأتي طفلة عمرها 17 سنة من السويد، غريتا، لتأتي ريم الحسن بالثلاثينات، وتركب في مركب لا يتجاوز الأمتار القليلة، وكل منهم يحمل علبة حليب، في حين أن غزة توجد على بعد أمتار، ومخاطة ببحر من العرب والمسلمين ينتظرون کوب ماء. ترون على شاشات التواصل الاجتماعي، على التلفزة، أجساد لأطفال، هياكل عظمية ما زالت حية تنتظر قطرة حليب لتسأل اين العرب؟ اين المسلمون؟ من حقنا، ان نسأل ذلك. في فرنسا، كل يوم، في أكثر من مدينة، هناك مظاهرات تضامن کما في أوروبا بكاملها".
وأضاف ان شعب مصر يحمل مفتاح إنهاء حرب الإبادة. في مصر 104 مليون، بينهم 80 مليون مسلم. لو كان مليون واحد ممن يتلون الصلاة تقدم باتجاه حدود غزة، لانتهت معركة الابادة. إلى كل مصري، وكل عربي، وكل مسلم أن ينظر في المرآة ويری الأجساد الهياكل العظمية ترجف، ويرى في المظاهرات في السويد وغيرها، ويرى المتضامنون في البحر المتوسط على بعد أمتار، ويرى ماذا يفعل. ينظر إلى الأجساد، إلى الهياكل العظمية وهي ترجف وهو يأكل. مسؤولية جماهيرنا أكثر من مسؤولية الأنظمة، فالأنظمة خائنة. لا مجال للبحث فيها. هي أنظمة عميلة خائنة. ولكن المسألة ليست مسألة أنظمة بل هي مسألة جماهير. هذه الجماهير لها قوى تتحمل مسؤوليتها کحد أدنی لتصون شيئاً من كرامتها و معتقداتها.

الخطر الإسرائيلي، خطر وجودي للبنان
وأکد ان الخطر الإسرائيلي، خطر وجودي وهذا لا جدال فيه، مشيراً الی ان الخطر الوجودي تواجهه قوی وجودية في لبنان، فان لبنان في موقع الخط الأمامي، ومما يشرف لبنان أن لديه مقاومة قامت بالدفاع باسم لبنان، وباسم فلسطين، وباسم كل الأمة العربية وكل العالم الإسلامي، ووقفت في الموقع المتقدم وقدمت خيرة شهدائها، خيرة قادتها."
ودعم جورج عبدالله دور لبنان في حرب الإسناد لکنه أکد في نفس الوقت ان هذه الحرب من الممكن أن تعتبر مقصرة، فيمکن ان تکون هذه الحرب أكثر من ذلك.
لماذا الجيش اللبناني مجرد من السلاح؟
وعن موضوع سلاح المقاومة قال جورج عبدالله: أنا أقول إن لبنان المقاوم هو عنوان الكرامة. في لبنان، كلنا نطمح لأن يكون لنا جيش يحمينا. لست هاوي سلاح، ولست هاوي ميليشيات، ولست هاوي تركيبات موازية. كلنا نطمح لأن يكون لنا دولة لدی قادتها شيء من الكرامة، تفرض وجود جيش لديه سلاح يتصدى للعدوان الأمريكي في كل لبنان يقولون لنا إن قادة الهيئة السياسية بكل مشاربها تقول لنا: أصدقاؤنا في أمريكا، أصدقاؤنا في فرنسا، أصدقاؤنا في لندن، أصدقاؤنا في تلك الدول. هذه الدول تنتج أسلحة. سؤالنا المطروح لهذه القوى: لماذا جيشنا مجرد من السلاح؟ جيشنا له مهمة كل الجيوش الوطنية: حماية الوطن، حماية كرامة المواطن، بحماية وطنه. أي حماية الحدود. لسنا هواة شيء آخر. جنودنا جنود شرفاء. رتباؤنا رتباء شرفاء، ضباطنا ضباط شجعان وشرفاء. يكفي أن يؤمنوا لهم السلاح الضروري. ليس مهمة الجندي والضابط أن يبحث عن السلاح. مهمة القيادة السياسية أن تتحمل مسؤوليته وتؤمن له مستلزمات المواجهة وتحمل مسؤولية الجيش. ليكن جيشنا في موقعه، ويكون شعبنا بمقاومته وشعبه وجماهيره يرفع بهذا الجيش للأمام."
وعن ضغط القوى الغربية علی لبنان من أجل تجريد المقاومة من السلاح، قال جورج عبدالله: القوی الغربية تقول لنا التالي: "أنتم لا يحق لكم أن تملكون سلاحا" هذا هو خطاب الدول الغربية بكاملها. ومن يقول غير ذلك يمارس الكذب والنفاق. هذا ما يقوله الأمريكي. يقول: لا يحق لكم كلبنانيين أن يكون لديكم جيش لديه مقومات الجيوش، لأنكم تشكلون خطرًا على العدوان. حينما اكتشف الجيش اللبناني مخزنًا للأسلحة، قالوا له: حذاري أن تستخدمه، إنه يشكل خطرًا على اسرائیل، دمّره. لم يقولوا له: سنعطيك سلاحًا تواجه به إسرائيل. قالوا: أنت مهمتك أن تلعب دور الشرطي، وترى من هو عدو إسرائيل وتجرده کي نأتي لنقتله؛ هذا ما قاله الغرب، وهذا ما يقوله.
وبيّن ان الغرب يريد أن يجعل الجيش اللبناني أقل من شرطي لدی إسرائيل، ليحتقره. الجيش اللبناني حينما يقول: هذا سلاح وجدته هنا سأستخدمه، قالوا له: لا، ليس فقط ستدمّره، بل سنعطيك براءة ذمة بأنك دمرته، لذی سنأخذ منك تصويراً عينياً. لا توجد إهانة أكثر من ذلك.
وأضاف جورج:"من يتحدث عن السيادة، فالسيادة تكون بجيشنا. نحن نريد أن يكون جيشنا حامي الوطن". هناك موقف يقول: نحن بوسعنا أن ندوسکم وندمرکم ولانفع بمقاومتکم. وهناك شعب يقول: سنقاوم، رغم كل موازين القوى. هناك أناس يقولون لنا: إذا سمحتم لأنفسكم بأن تقاوموا، سنبيدکم. نقول لهم: ستفشلون في كل شيء تقومون. يقولون للقادة الذين يحملون القرار السياسي: عينناکم في هذا الموقع كي تنفذوا هذه المهمة. نحن نقول لهم: لنا جنود ولنا ضباط، سنفعل المستحيل كي يستطيعوا أن يقوموا بمهامهم. سنفعل المستحيل. مقاومة وغير مقاومة، القوى الحية في لبنان ليست فقط مقاومة، القوى الحية هي بكاملها تريد جيشًا يحمي كرامة الوطن، وليس يحمي مزرعة، يحمي كرامة الوطن، أي يجعل من إسرائيل خارج حدودنا ولا تتجرأ على التطاول على سيادتنا بأي شكل من الأشكال. لن نقبل أن يمر بأي شكل من الأشكال صوملة المشرق العربي.
وأکد ان المقاومة مستمرة وستستمر إلى الأبد في لبنان وغير لبنان، فالمقاومة ليست شعارًا، المقاومة هي مبدأ مواجهة المغتصب. هذا المغتصب سيُقضى عليه؛ فعل ما فعل. البعض يقول: نفضل أن نعيش تحت بسطال هذا المغتصب، والبعض الآخر يقول: لا تقبل ببسطال أي إنسان آخر، لا هو ولا غيره، لا هو ولا سيده. نحن شعب ولا نساوم على كرامتنا. يقولون لنا: تنزعون كرامتكم ونترككم أحياء بشكل ما. يقول لنا الأمريكي: مطلوب منكم أن ترکعوا ركوعًا جميعًا أو نقتلكم.
مقارنة وضع لبنان اليوم ولبنان الثمانينيات
واعتبر جورج عبدالله ان وضع لبنان اليوم، أفضل بكثير، موضحاً ان الوضع أفضل لأن أبعاد الصراع واضحة أکثر، لأن مقاومة شعبنا لديها إس من الجلالة والقيمة ما لا يقاس. لدينا قادة شهداء، لدينا بحر من الدماء، ولدينا شعوب صامدة. طبعًا الوضع أفضل. لدينا مقدرة على فهم أن الكتلة الاجتماعية صاحبة المصلحة في التغيير في لبنان هي اليوم أقرب للتفاهم والتفاعل، ولا نقول دومًا معًا ومعًا فقط ننتصر بغض النظر عن الانتماءات الفرعية. هذه تجربة ثمنها كثير من الشهداء. الآن أكثر من أي وقت مضى معًا ومعًا منتصر. كافة تعابير القوى الحية في لبنان مطالبة بأن تجسد هذه السيرورة عمليًا. المسألة ليست مسألة تفاصيل. المسألة مسألة هذا الوطن هو وطن أم لا. إذا كان وطنا، كيف نبني دولته.
المناضلين أفشلوا مشروع الاستعمار الاستيطاني
وأکد جورج عبدالله ان مسيرة الانتصار التي خطها سماحة السيد نصر الله وسائر المناضلين ستبقى مُكملة. في الوطن العربي الكبير، هناک مقاومة دائمة، فشلت في اماکن ونجحت في أماکن اخری، ولكن أثبتت أنه بعد قرن، قرن كامل، فشل الاعداء فشلًا ذريعًا في مسألة الاستعمار الاستيطاني. قرن بكامله وحرب الإبادة مُعلنة، فحينما نتحدث عن الاستعمار الاستيطاني، هي حرب إبادة للناس الأصليين. نجحوا في أمريكا الشمالية، في أمريكا الشمالية لم يستغرق قرن. الأُسس التي بُنيت عليها الولايات المتحدة ما يقارب من 20 إلى 25 مليون من السكان الأصليين الأمريكيين قضي عليهم وأصبح الأوروبيون الذين أتوا من أيرلندا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا هم السكان.
وتابع ان حرب الإبادة هي حرب فاشلة تعبر عن الفصل الأخير من تاريخ الاستيطان المدعوم من الغرب الأمريكي. إسرائيل ما هي؟ هي امتداد عضوي للغرب الإمبريالي. الغرب الإمبريالي اليوم رغم إمبرياليته يقف شبيبته وتقول: نحن لا علاقة لنا بهم. حتى اليهود في الولايات المتحدة يقولون: هؤلاء ليسوا منا، نحن ليس منهم. يعني هذا الذي صُوِّر يومًا ما أنه واحة الديمقراطية لم يكونوا على عدم علم بجرائمه ولكن كانوا يتوقعون أن ينجح عبر جرائمه بأن يقضي على الشعب في المنطقة في منطقة الشرق الأوسط عامة وفي فلسطين بالتحديد. بعد قرن من الزمن من حرب الإبادة المُعلنة، الشعب الفلسطيني داخل فلسطين التاريخية أكثر عددًا من اليهود المستوطنين. يعني هناك 7 ملايين و 372 ألف فلسطيني، هناك 7 ملايين و 250 أو 55 إسرائيلي. بعد قرن من مطلع القرن العشرين أواخر القرن التاسع عشر حيث بدأ الاستيطان برعاية البريطانيين عدد الفلسطينيين في جوار فلسطين وخارج فلسطين نفس العدد. أي هناك الشعب الفلسطيني 15 مليون رغم حرب إبادة التي بدأت قبل قرن. نقول: أن حرب الإبادة هذه فشلت فشلًا ذريعًا لذلك هو الفصل الأخير من تاريخ هذا الكيان البغيض.