ففي الساعات الأخيرة انتشرت قوات من جيش الاحتلال، بين تلي الأحمر الغربي والشرقي في ريف القنيطرة الجنوبي، هذا المشهد لم يكن مجرد مناورة، أو تحركاً عابراً، كون هذه النقاط، في الجغرافيا، هي شرفاتٌ تطل بالنار والرؤية على مساحات جغرافية واسعة، فالتلان يشرفان على قرى تقع في مناطق تماس حساسة، ويشكلان عقدة مراقبة تُستخدم تاريخياً في أي عملية استطلاع أو تمهيد ناري في حال اندلاع اشتباكات.
وما إن تمركزت القوات هناك، حتى قُطع الطريق الواصل بين بلدتي كودنة والأصبح، وهي شرايين تربط القرى بعضها ببعض، وتمر بمحاذاة ما تبقى من حضور للادارة السورية في تلك المنطقة الجغرافية.
وعلى نحو متزامن، اندفعت دورية للاحتلال مكونة من أكثر من عشر آليات، عبر طريق جباتا الخشب ومن ثم اتجه الرتل نحو مزارع الأمل وعين النورية، وهي نقطة مرتفعة تطل على خان أرنبة، تحت حراسة كثيفة من طائرات استطلاع التي لا تغيب عن سماء الجنوب السوري. كما توغلت أربع آليات أخرى من قرية رسم الرواضي نحو تل كروم جبا، وهو تل مشرف واستراتيجي، يقطع الطريق بين القرى، ويراقب امتدادات واسعة في عمق المنطقة.
كل تلك النقاط من تل كروم وتل الأحمر ومزارع الأمل وعين النورية ليست مجرد مناطق متفرقة، بل كأنها خيوط تغزل معًا في مخطط جديد للاحتلال، في حركة تبدو متناغمة مع مسرحٍ أكبر، مسرح يُحرك فيه الكيان جنودها في لعبة لا أحد يعرف متى تنتهي، ولا كيف.