أحدث مقطع افتتاحي لبرنامج إخباري مركزي في إحدى القنوات الإسرائيلية ضجة كبيرة على الساحة السياسية والإعلامية، بعد أن بدأ المذيع النشرة بعبارة غير تقليدية قال فيها"مرحبًا بكم في الولاية الحادية والخمسين للولايات المتحدة الأمريكية."
العبارة جاءت بنبرة ساخرة وتهكمية، وقد اعتبرها مراقبون انتقادا خفيا لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في ظل ما يرونه من تزايد الاعتماد على واشنطن في القرارات المصيرية، خصوصًا تلك المتعلقة بالصراع في قطاع غزة.
حسب تقييم محللين إسرائيليين، لم يكن استخدام هذه العبارة مجرد خطأ أو زلة لسان، بل كان تعبيرا عن الواقع السياسي الذي تعيشه تل أبيب، حيث أصبحت الولايات المتحدة اللاعب الأساسي في توجيه مسار الحرب، ووقف إطلاق النار، وتوزيع المساعدات، بالإضافة إلى التأثير في القرارات الأمنية والعسكرية الحساسة.
ويرى عدد من المراقبين أن السخرية العلنية التي ظهرت في نشرة رسمية تمثل مؤشرا واضحا على الغضب الشعبي والإعلامي تجاه أداء حكومة نتنياهو، التي وُصفت بأنها فقدت استقلالية القرار الوطني، وتحولت إلى كيان تحت ما أطلق عليه بعض النقاد "الوصاية الأمريكية".
تأتي هذه الانتقادات في وقت تتصاعد فيه التوترات بين تل أبيب وواشنطن، على خلفية الضغوط الأمريكية لوقف العمليات العسكرية المكثفة في غزة، وفتح المعابر الإنسانية بشكل دائم لضمان إدخال المساعدات، بالإضافة إلى الخلافات المتعلقة بما يُسمّى "اليوم التالي" للحرب وإدارة قطاع غزة بعد انتهاء العمليات.
وفي الوقت نفسه، وجهت الإدارة الأمريكية انتقادات صريحة لرئيس الوزراء الإسرائيلي حول ما وصفته بتجاوزاته الإنسانية في غزة، فيما رفض نتنياهو هذه الانتقادات، مؤكّدًا أن الكيان الإسرائيلي يتخذ قراراته السيادية بشكل مستقل.
إلا أن بعض المراقبين داخل الكيان يرون أن تصاعد الخطاب الأمريكي وقيود البيت الأبيض على توريد أسلحة متقدمة كشف محدودية استقلالية القرار الإسرائيلي.
انتشر المقطع الذي تضمن العبارة الساخرة بسرعة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تفاعل معه الصحفيون والنشطاء الإسرائيليون بشكل واسع، واعتبر بعضهم أن العبارة تعكس الواقع المذل الذي وصلت إليه تل أبيب، بينما دافع آخرون عن العلاقة الإستراتيجية مع واشنطن، معتبرين أن هذه العلاقة تمثل دعامة أساسية لأمن الكيان الصهيوني منذ تأسيسه .
وأشار بعض المحللين إلى أن هذا المقطع قد يشير إلى تصدع الثقة بين الإعلام الإسرائيلي والحكومة، خصوصًا مع تزايد الانتقادات الموجهة لنتنياهو وفريقه الأمني منذ اندلاع الحرب في غزة.
حتى اللحظة، لم تصدر القناة التي بثّت النشرة أي بيان رسمي، كما لم يُصدر مكتب رئيس الحكومة أي تعليق، بينما اقتصر تداول وسائل الإعلام العبرية الأخرى للمقطع على النشر ضمن تقارير ساخرة دون تأكيد أو نفي ما إذا كان المذيع يهدف برسالته إلى توجيه انتقاد سياسي مباشر.
يُذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها نتنياهو لانتقادات داخلية مماثلة، فقد شهدت الأشهر الماضية تصاعد الخطاب الإعلامي المعارض له، خصوصًا مع توسع الفجوة بين الحكومة والمؤسسة العسكرية حول إدارة الحرب ومستقبلها