وأفادت الصحيفة أن مستوطنين، بينهم جنود نظاميون واحتياطيون في جيش الاحتلال، تم تجنيدهم من قبل إيران لتسريب معلومات ووثائق حساسة إلى إيران.
وبحسب التقرير، أرسل بعض المتهمين معلومات دقيقة عن أهداف استراتيجية، فيما سعى آخرون لإثارة الفوضى داخل الكيان، كما كلف بعضهم بتنفيذ عمليات اغتيال، إلا أن هذه المهام لم تنفذ في النهاية.
وتظهر هذه الكشوفات مدى نجاح الاستخبارات الإيرانية في اختراق الأوساط الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، رغم الادعاءات المتكررة بتفوق جهاز "الشاباك" في مواجهة التهديدات الإيرانية.
ورغم أن الإعلام العبري رسخ لعقود أن الاختراق الأمني لها يأتي من أيدٍ عربية حصراً، وأن الولاء اليهودي داخل الكيان غير قابل للاختراق، فقد كشفت الوقائع نجاح إيران في تجنيد مستوطنين يهود إسرائيليين، بينهم جنود احتياط ومسؤولون سابقون لديهم القدرة على الوصول إلى أسرار حساسة تتعلق بالبنى الحيوية ومنظومات الدفاع وغرف القرار الإسرائيلية.
ولا تزال قضية وزير الطاقة الصهيوني السابق غونين سيغيف، المعتقل منذ عام 2018، مرجعاً مفصلياً في هذا الملف، إذ كان أول مسؤول يهودي صهيوني رفيع يدان بالتجسس لمصلحة إيران، بعدما استدرج عبر شركة وهمية وتم نقله سراً إلى طهران وتدريبه على الاتصال المشفر، قبل الحكم عليه بالسجن 11 عاماً بتهم "التجسس ومساعدة العدو زمن الحرب".
ولا تتوقف السوابق هنا؛ فبحسب إعلام الإحتلال، نجحت إيران عام 2021 في تجنيد عامل نظافة إسرائيلي كان يعمل داخل منزل وزير "الأمن" الصهيوني حينها، بني غانتس، حيث قام بتصوير عدد من العناصر في أماكن مختلفة في منزل الوزير قبل أن يرسلها إلى جهة اتصال مرتبطة بإيران، بما في ذلك صور أجهزة الكمبيوتر الخاصة بالوزير".
وكشفت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية عن زيادة ملموسة في حجم محاولات التجسس الإيراني داخل الكيان، وذلك في ظل موجة توقيفات خلال الأشهر الأخيرة من عام 2025.
ومن أبرز ما سمح بنشره إعلامياً في الأشهر الأخيرة، ما كشفه موقع "واللا" عن 30 قضية تجسس تورط فيها 46 إسرائيلياً عملوا لمصلحة طهران، في ما تم وصفه بـ"أسلوب الانحدار في التجنيد"، إذ تبدأ المهام صغيرة مثل التصوير أو الشعارات، قبل أن تتدرج إلى محاولات تخريب أو اغتيال.
ولم تقتصر هذه العمليات على أفراد عاديين، بل شملت أشخاصاً في مواقع حساسة؛ فقد أوقفت الأجهزة الإسرائيلية عاملًا كان يعمل في مكتب رئيس أركان "الجيش" في "الكرياه" بتهمة تنفيذ مهام تصوير لمصلحة إيران، بعدما صور محيط منزل رئيس الحكومة السابق نفتالي بينيت الذي اخترقت مجموعة إيرانية حساباته الشخصية، ونشرت محتويات حساسة، مثل أرقام هواتف ومحادثات لشخصيات أمنية وسياسية بارزة، ما أثار قلقاً واسعاً في الأوساط الأمنية.
ووصلت الأيدي الإيرانية أيضاً إلى الوحدة "8200" التي أوقف جندي احتياط فيها في شهر تموز/يوليو الماضي.
وأعلنت إذاعة "الجيش" توقيف مواطن روسي نفذ مهام تصوير طويلة لموانئ إيلات وحيفا وأسدود، مستهدِفًا سفنًا وغواصاتٍ عسكرية، قبل أن يكشف أمره أثناء محاولته تصوير قاعدة رامات ديفيد الجوية.
وهذا ما يفسر ظهور رئيس بلدية "بيت يام" جنوبي "تل أبيب"، عبر فيديو مصور، في كانون الأول/ديسمبر 2025، وهو يحذر السكان من توسع محاولات التجنيد والاستخبارات الإيرانية داخل المجتمع، مؤكداً أن ما يجري ليس مجرد تهديد نظري، بل هو أمر واقعي وملامِس للحياة اليومية، ما دفعه إلى القول: "الإيرانيون وصلوا إلى بيت يام. هذا ليس مزحة".