عاجل:

الدور القطري منافسا للسعودي

الخميس ٢٩ ديسمبر ٢٠١١
٠٦:٢٨ بتوقيت غرينتش
الدور القطري منافسا للسعودي إذا جربت البحث على محركات البحث على الانترنت عن عبارة (الدور القطري..) ستجد (الدور القطري في غزة) و(سوريا) و(ليبيا) و(الثورات العربية) و(المنطقة العربية).. ألخ، والحقيقة أن هذا الدور القطري تعاظم بصورة كبيرة في المنطقة العربية والعديد من دول العالم بصورة كبيرة في السنوات العشر الأخيرة بعدما بجحت قطر في أن تضم لنفسها دورا في صنع السياسة الدولية أولا عبر المجال الإعلامي في صورة قناة الجزيرة والعديد من المواقع على الانترنت .

ربما يكون ساعدها على هذا أفول الدور المصري في عهد الرئيس السابق حسني مبارك وتقوقع مصر على نفسها في عهده، فضلا عن تقلص الدور السعودي نسبيا أبان أزمة انخفاض أسعار النفط التي أثرت على الدخل السعودي بأكثر مما أثرت على قطر برغم أن السعودية تتفوق في مدخرات صناديق ثورتها السيادية المالىة المتحصلة من النفط (240 تريليون دولار) مقارنة بقطر (70 تريليون فقط ).

    أيضا ساعد قطر على القيام بهذا الدور هو تبنيها النموذج التركي في السياسية الدولية بمعنى فتح أفاق للعلاقة بينها وبين الغرب والولايات المتحدة (استضافة قاعدة العيديد الأميركية العسكرية) من جهة، ومع حركات المقاومة الفلسطينية من جهة اخرى (استضافة قيادات حماس)، فضلا عن علاقات مع اسرائيل ايضا في صورة لقاءات شبه دورية بين وزير خارجيتها الشيخ حمد ومسئولين اسرائيليين، وهي سياسة جعلت قطر تتحرك في كل الملفات والقضايا دون حساسية أو قلق من اغضاب طرف دون أخر.

    كما أن قطر سعت لتوازن في علاقتها مع القوى الدينية المختلفة سواء شيعة لبنان او السنة، وأظهرت – من خلال استضافتها الشيخ يوسف القرضاوي– توجها اسلاميا معتدلا، في مواجهة التوجه السعودي الذي ينظر اليه الغرب على انه "وهابي متشدد"، ما يضع قيودا في بعض الاحيان على السياسة السعودية بعكس الموقف القطري الاكثر انفتاحا.

    أما الجديد الذي أثار تساؤلات فهو افتتاح أمير قطر جامع الدولة الكبير بالدوحة وصدور قرار أميري بإطلاق تسمية (جامع الإمام محمد بن عبد الوهاب) عليه والذي تم تشييده بطراز قديم وحديث، على مساحة تزيد على 175ألف متر مربع بمنطقة الجبيلات وسط مدينة الدوحة، والذي اعتبره البعض محاولة قطرية لمغازلة حتى أصحاب الفكر الوهابي السلفي بعدما ظهرت قوة هذا التيار في العديد من الدول مؤخرا خصوصا في ليبيا التي لعبت قطر دورا كبيرا في دعم المعارضة بالتعاون مع فرنسا وبريطانيا للتخلص من القذافي، وكذا في مصر بعد فوز حزب النور السلفي بقرابة 25% من مقاعد البرلمان.

    وهو تطور عزاه البعض الى رغبة القطريين في التحرك على هذا الطريق برغبة أميركية كي يسهل وجود وسيط بين الاميركان وهذه التيارات التي ربما يكون لها دور كبير في التاثير على الربيع العربي كما أن بعضها يرفض التعامل مع الأميركان، بعكس الاخوان الذين سبق أن جرت اتصالات بينهم وبين الأميركان بصورة عادية لنقل الهواجس الأميركية من تأثير الثورة المصرية على اتفاقية كامب ديفيد مثلا كما جرى خلال زيارة جون كيري لمقر حزب الحرية والعدالة (إخوان) أوائل شهر ديسمبر2011.

    التدين المعتدل مقابل المتشدد.. والحقيقة أن هذه الخطوة القطرية الأخيرة ربما يكون لها علاقة بإصباغ سياستها بغلاف ديني معتدل مقبول في العالم العربي، ولدى الأميركان والأوروبيين بغرض تقديم قطر كمنافس لتركيا في المنطقة بعدما أصبحت العلاقة بين أنقره وكل من تل ابيب وواشنطن متوترة عقب أزمة سفينة مرمرة وانقطاع العلاقات الإستراتيجية التركية الإسرائيلية، وهنا من الطبيعي أن تتبنى قطر النموذج الاسلامي المعتدل في سياستها على الطريقة التركية –مع الفارق– بما يجعلها رقم كبير في المنطقة العربية ومحط للقاءات والوساطات السياسية الدولية ما يعظم دورها السياسي الاقليمي في نهاية المطاف على حساب دول اخرى خصوصا مصر والسعودية.

    ونشير هنا الى تقرير هام مقدم للإدارة الأميركية بشان التعامل مع "الإسلاميين" أو العالم الإسلامي، طرحه مركز دراسات "راند" RAND البحثي التابعة للقوات الجوية الأميركية فكرة بناء ما أسماه " شبكات مسلمة معتدلة"Building Moderate Muslim Networks ، والذي داعا لتصنيف "المعتدل" أو مقياس هذا "الاعتدال" بأنه الشخص أو الجهة التي لا تؤمن بالشريعة الإسلامية، وتتبنى الدعوة العلمانية، ويتبنى الأفكار الدينية التقليدية كالصوفية، والذي أعتبر المتمسكين بالشريعة الاسلامية متطرفين!

    هذا التقرير قام على فكرة وجود توجه أميركي جديد بشأن التعامل مع "المسلمين" عبر ما أسماه " إعادة ضبط الإسلام"، ليكون متمشيا مع "الواقع المعاصر" والدعوة للدخول في بنيته التحتية بهدف تكرار ما فعله الغرب لهدم التجربة الشيوعية، حيث يحدد التقرير بدقة مدهشة صفات هؤلاء المسلمين "المعتدلين" المطلوب التعاون معهم – بالمواصفات الأميركية- بأنهم الليبراليين والعلمانيين الموالين للغرب والذين لا يؤمنون بالشريعة الإسلامية ويطرح مقياسا أميركيا من عشرة نقاط ليحدد بمقتضاه كل شخص هل هو "معتدل" أم لا، ليقترح في النهاية -على الإدارة الأميركية- خططا لبناء هذه "الشبكات المعتدلة" التي تؤمن بالإسلام "التقليدي" أو "الصوفي" الذي لا يضر مصالح أميركا خصوصا في أطراف العالم الإسلامي (أسيا وأوروبا) .

    ويؤكد تقرير مؤسسة راند هذا -الذي يقع في217 صفحة منها145 صفحة تتضمن الدراسة والتوصيات والباقي هوامش وحواشي -أن هناك ثلاثة أنواع ممن يسميهم (المعتدلين) في العالم الإسلامي، هم: العلماني الليبرالى الذي لايؤمن بدور للدين، و"أعداء المشايخ"..ويضرب مثلا بهم بـ"الاتاتوركيين" –أنصار العلمانية التركية، إضافة الى المسلمين الذين لا يرون مشكلة في تعارض الديمقراطية الغربية مع الإسلام.

    ثم يقول بوضوح أن التيار المعتدل (في التعريف الأميركي) هم من: يزورون الأضرحة، والمتصوفون والرافضين للاحتكام للشريعة، والمؤمنون بحرية المرأة في اختيار "الرفيق" – وليس الزوج- وحق الأقليات الدينية في تولي المناصب العليا في الدول ذات الغالبية المسلمة، ويروج التقرير لتيارين دينيين إسلاميين فقط هما: "التيار الديني التقليدي" أي تيار رجل الشارع الذي يصلي بصورة عادية وليست له اهتمامات اخرى، و"التيار الديني الصوفي" –يصفه التقرير بأنه التيار الذي يقبل الصلاة في القبور (!)– وبشرط أن يعارض كلا منها ما يطرحه "التيار الوهابي" حسبما يقول التقرير.

    الدور القطري منافسا للسعودي.. من هنا يبدو الدور القطري كمنافس للدور المصري أو السعودية في تعاظم مستمر، فبعدما ربحت قطر قلوب الجنوبيين في لبنان عندما وقفت معهم في الغزو الإسرائيلي للجنوب عام 2006، ربحت قطر هذه المرة أيضاً قلوب الغزاويين عقب عدوان 2009، وربما بالمقابل خسرت السعودية كل رهاناتها في فلسطين ولبنان كما خسرتها في أفغانستان والعراق والصومال.

    فصنّاع الدبلوماسية السعودية لم يحققوا الكثير مقابل ما حققه القطريون، وجاء التقارب القطري مع كل الاطراف الدولية ليعطيها ميزة حتى أن خلافاً قطرياً ـ سعودياً برز منذ اليوم الأول للعدوان الصهيوني على غزة في السابع والعشرين من ديسمبر 2009، في رفض الجانب السعودي مبادرة قطرية خلال قمة مجلس تعاون دول الخليج [الفارسي] في عمان، والتي اعتبرتها الدوحة عودة لمنطق (الشقيق الأكبر) الذي دفع بالقيادة القطرية إلى التمرد عليه، وشق درب جديد لنزع الوصاية السعودية.

    أيضا نجحت قطر في لبنان في تثبيت موقع متميّز لها وسط قوى الممانعة في المنطقة، بالرغم من تحفّظات هذه القوى (حزب الله وسوريا والجزائر واليمن والسودان) على علاقة قطر بالكيان الإسرائيلي، وباتت قادرة على أن تلعب دوراً فاعلاً في القضايا الساخنة في المنطقة، بخلاف السعودية – وأيضا مصر في عهد مبارك- التي تقلّصت مساحة المناورة السياسية الخاصة بها، بفعل إصرارها على السير ضمن أجندة اعتبرها خصومها تصب مباشرة في صالح واشنطن وربما تل ابيب،فالسعودية وصفت عملية أسر الجنديين الإسرائيليين بأنها (مغامرة)، وحمّلت حزب الله مسؤولية العدوان الإسرائيلي على لبنان، وكررت نفس الخطأ في غزة مع المقاومة الفلسطينية المتمثلة في حركة حماس وحركة الجهاد وباقي فصائل المقاومة، وحملت حماس والمقاومة مسؤولية العدوان الإسرائيلي، في وقت تحصد الطائرات والدبابات والمدافع الصهيونية وبكل وحشية أرواح الأطفال والنساء والشيوخ وتهدم البيوت والمساجد والمباني العامة على رؤوس من فيها ما جعل الدور القطري يبدو أكثر قبولا لدى هذه القوى .

    الأمر نفسه حدث في حالة ليبيا حيث تحركت قطر مباشرة نحو المشاركة بالسلاح والمال في دعم المقاومة لاسقاط القذافي في حين كان الدور السعودي حذرا بسبب الخلافات القديمة بين البلدين، وتكرر الامر في حالة العديد من الثورات العربية الاخرى.

    الحاصل بالتالى هو أن قطر اختارت على مايبدو أن تمسك العصا من وسطها، لاتختار الموقف الوسطي، بل تفيد من حاصل جمع تحالفاتها الدولية والإقليمية وإمكانياتها المادية لمناكفة خصومها، الذين لا يرتضون لها أن تجني الأرباح فيما هم ينفقون رؤوس الأموال بانتظار لحظة الحصاد الأكبر.

    وهنا تبرز أكثر من نقطة تميّز لقيادة قطر، فهي غير محكومة بأيديولوجية دينية معينة وتعلب على كافة المحاور وتمارس انفتاحاً ذكياً على الأطراف كافة، وتختار موقعها في اللحظة المناسبة من كل القوى التي تنفتح عليها، وتقتنص الفرصة السياسية حين تفشل الأطراف الكبرى في إتقان اللعبة، أو تخرج منها خاسرة خائبة، كما تجيد فن (الانتظار الإيجابي) لتقتنص فرصة سياسية في توقيت ملائم، حتى باتت تقدم نفسها كلاعب رئيسي في الشرق الاوسط ينافس الدور المصري والسعودي ولديه من أدوات الانتصار الكثير إعلاميا وماديا بخلاف تجاربها السياسية الناجحة السابقة التي تفوقت فيها على مصر والسعودية !.

0% ...

آخرالاخبار

سوريا.. بعد إسقاط النظام صراع رفاق السلاح سابقا؟


موسكو تتهم كييف بإفشالها التسوية الأميركية لإنهاء الحرب


مخطط ‘عين جرّار’.. حزام ناري يطوّق أم الفحم ويعمّق عزلتها


كاميرا العالم ترصد اقتحام الاحتلال لقباطية بعد العملية المزدوجة + فيديو


نتنياهو: إنفصال 'أرض الصومال' يتماشى مع روح 'اتفاقيات 'إبراهام'


موجة فيروسات موسمية تجتاح لبنان وإجراءات وقائية مطلوبة


القناة 13 الإسرائيلية عن مصدر: منفذ عملية بيسان قال للمحققين إنه نفذ العملية بسبب سلوك المستوطنين بالضفة


مصادر سورية: قوات الإحتلال الإسرائيلي تطلق نيرانا كثيفة وعشوائية على رعاة الماشية في قرية كودنة بريف القنيطرة الأوسط


رسائل تفجير حمص تتجاوز البعد الأمني لضرب النسيج الاجتماعي + فيديو


زيلنسكي لموقع أكسيوس: معظم جوانب الاتفاقات الثنائية مع واشنطن أصبحت جاهزة


الأكثر مشاهدة

وزير خارجية ايران يهنئ بمناسبة ذكرى ميلاد السيد المسيح (ع)


مصادر لبنانية: طيران الاحتلال المسّير يستهدف مركبة في بلدة جناتا قضاء صور جنوب لبنان


وسائل إعلام إسرائيلية: المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف أبلغ الوسطاء أن المرحلة الثانية من اتفاق غزة ستبدأ الشهر المقبل


جيش الاحتلال يدّعي استهداف أحد قوات حزب الله في منطقة جناتا جنوبَ لبنان.


مصادر محلية سورية: تحليق مكثف لطيران استطلاع الإسرائيلي فوق منطقة وادي اليرموك غربي درعا والريف الأوسط والجنوبي من القنيطرة


الداخلية السورية: القبض على زعيم تنظيم داعش بدمشق في عملية أمنية بالتعاون مع التحالف الدولي


قوات الاحتلال تنسف مبانٍ سكنية شرق مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة.


14 دولة غربية تحذّر الاحتلال من التمدد الاستيطاني بالضفة وتطالب بوقفه


قوات الاحتلال تطلق قنابل إنارة في أجواء شمال شرق مخيم النصيرات، وسط قطاع غزة.


وسائل إعلام لبنانية: مسيرة إسرائيلية تستهدف للمرة الثالثة بلدة حولا جنوبي البلاد


قوات الاحتلال تقتحم مدينة نابلس من حاجز بيت فوريك