العلاقات الايرانية العراقية استراتيجية قولاً وفعلاً

العلاقات الايرانية العراقية استراتيجية قولاً وفعلاً
الأحد ٢٢ أبريل ٢٠١٢ - ٠٤:٤٩ بتوقيت غرينتش

تتميز العلاقات بين ايران والعراق بالكثير من السمات التي ترفعها الى مراتب التلاحم والتكافل والتضامن. وتؤكد تطورات الاحداث في كلا البلدين صحة الحقيقة التالية: وهي ان القواسم المشتركة بين طهران وبغداد جعلتهما امام مسؤوليات وواجبات دينية واخوية واخلاقية تجاه احدهما والاخر من جهة وتجاه ما يدور حواليهما في دول الجوار والمنطقة والعالم من جهة اخرى.

ولاشك في ان الجيرة المتميزة للجمهورية الاسلامية الايرانية وجمهورية العراق، وضعت على عاتق الجانبين اعباء اقليمية ودولية  على مستوى تعزيز محور المقاومة والممانعة في مواجهة  التحديات الاستكبارية الغربية والصهيونية، بعدما اخذت هذه التحديات، تضيق الخناق على مقدرات الامة الاسلامية، وتحاول بشتى الوسائل اشاعة الفرقة والانقسامات والتناحرات ذات الابعاد المذهبية والطائفية والقومية في المنطقة.
وبما ان الاشخاص الرساليين يعملون برغبة امضى من اجل الاهداف التي يلتزمون ويؤمنون  بها، فان معطيات العلاقة الاستراتيجية والنموذجية بين ايران والعراق، والتي مضى عليها(9) سنوات، تعطي زخما اكبر لما هو آت وفي مختلف مجالات التعاون السياسية والاقتصادية والثقافية والسياحية وغيرها.
الثابت ان العلاقات المتميزة بين البلدان والشعوب، لايتم اختيارها بالاقتراع او عبر بطاقات (الحظ يا نصيب)، بل هي محصلة للتواؤم الروحي والمعنوي الذي يوفر اسباب التواصل والتراحم والتعاضد، الامر الذي تستند عليه المسيرة الايرانية ــ العراقية في التعاون على البر والتقوى واصلاح ذات البين، وتعزيز الاتحاد والانسجام والتراحم في ربوع المنطقة خصوصا والعالم الاسلامي عموما.
بالاضافة الى ذلك تمنح الثقة المتبادلة بين طهران وبغداد، كلا الطرفين طاقات خلاقة على مستوى تنسيق الوظائف والادوار لتسوية الخلافات التي تشهدها  المنطقة ولاسيما في سورية، التي تواجه حاليا تكالبا اميركيا واقليميا مسعورا، بسيء  بشكل كبير الى الاهداف المشروعة للمعارضين الحقيقيين، مثلما هو يشوه الخطوات الاصلاحية التي يطبقها الرئيس بشار الاسد لحماية بلاده وشعبه من مضلات الفتن واهوال الحرب الاهلية.
اذ لا يختلف البلدان على وجوب سيادة مبادئ الحرية والمساواة والتعددية وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية، باعتبارها قواعد اساسية لسلامة الشعب وكرامته في سورية وفي غيرها، لكن عندما تدخل النوايا والسلوكيات الطائفية على الخط، مثلما صنعت من قبل في العراق وايران ولبنان والبحرين وغيرها، فانه قد يكون من الصعوبة بمكان بلسمة الجراح وتصفية الاجواء واعادة المياه الى مجاريها.
ومع ذلك نقول: ما دمنا نحيا في ظلال الاسلام العظيم  والقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، فان الواجب يدفعنا الى عدم القنوط والتراخي، لاننا واثقون بان فصل الخطاب هو للامة الاسلامية المباركة التي تتابع ادق التفاصيل الجارية  وعندما يجد الجد فانها لن تتردد عن اقتلاع جذور الفساد والعهر السياسي والخطاب الطائفي والتطبيع مع العدو الصهيوني، وقد برهنت الامة على هذه الحقيقة في تونس ومصر وليبيا واليمن، ولانشك في ان قادم الايام يحمل الكثير من المفاجآت التي ربما هي ليست واردة في حسابات  من يسمون انفسهم "اصدقاء سورية" في اسطنبول او باريس او الدوحة او اسرائيل، فـ (البادئ اظلم) (وعلى الباغي تدور الدوائر).
وبمناسبة زيارة رئيس الوزراء  العراقي السيد نوري كامل المالكي الى الجمهورية الاسلامية اليوم (الاحد)، يتوقع المراقبون ان توفر المباحثات بين كبار المسؤولين الايرانيين والعراقيين في طهران، فرصا جديدة لتوطيد العلاقات الثنائية وتعزيز افاق  التعاون والتنسيق والتفاهم بين البلدين والشعبين الشقيقين.
فمن الواضح ان الدولتين اتخذتا مؤخرا خطوات رائعة شدت اليهما انظار  العالم. فقد احتضنت بغداد  القمة العربية الثالثة والعشرين بنجاح باهر بتاريخ (29/3/2012) ودحضت بذلك جميع الايحاءات المعادية التي طبلت ليل نهار للتشكيك  في قدرة  الحكومة العراقية المنتخبة ديمقراطيا على قيادة المنظومة العربية الرسمية لعام كامل، كما ان طهران الزمت الاطراف الغربية على الاعتراف بالبرنامج النووي الايراني خلال اجتماع  اسطنبول 14/4/2012، وشددت على ان تكون بغداد المحطة التالية لعقد الجولة الثانية من المفاوضات بين ايران ومجموعة (5+1) بتاريخ 23/5/2012.
وبشكل عام فان هذا التواؤم الثنائي الصادق برهن على ان العلاقات الايرانية - العراقية والقواسم المشتركة والاواصر الوثيقة بين شعبي البلدين ووحدة المصير وتواطؤ الاعداء الغربيين والصهاينة والاقليميين، كل ذلك يعني ان طهران و بغداد تسيران في الاتجاه  الصحيح. كما ويمكن اعتبار تزايد فرص التعاون و التشاور الثنائي، مدعاة لتأسيس شراكة حقيقية قوامها حسن الجوار والتناصح والتكاتف لفائدة رفعة البلدين والشعبين ، ولمصلحة الدفاع عن تطلعات الامتين الاسلامية والعربية.
حميد حلمي زادة