و ینطلق هذا الاعتقاد من واقع ما یمارسُه بعض الجیران الخلیجیین من مغامرات غیر مفهومة ولا شأن لهم بها ، فی مضمار العمل ب "النیابة" علی تنفیذ الاجندات و الاحداثیات الاطلسیة و الاسرائیلیة تحت ذریعة الدفاع عن " الحریات" و "حقوق الانسان " و " القیم الدیمقراطیة " فی بلدان معینة، مع ان هذا التوجه یتناقض بشکل مشین مع الخروقات و الانتهاکات الصارخة التی یرتکبونها هم ضد شعوبهم المطالبة بتطبیق نفس هذه "المبادئ" فی دول بالمجلس المذکور مثل البحرین والسعودیة وقطر.
لقد اظهرت المواقف و الممارسات العملیة للمعنیین بهذه الرسالة من دول الجوار العربی و معها ترکیا اعتناقا تاما للاستراتیجیة الغربیة الهیمنیة، الامر الذی یعنی ان هذه الدول اباحت لنفسها ان تکون مطیة للاهداف الاستکباریة - وان تظاهر بعضها بخلاف ذلک - .
لکن واقع الحال یضع الحق بجانب الجمهوریة الاسلامیة فی النظر بعین الارتیاب والقلق الی "الدور الوظیفی" لهذه الدول علی صعید تفجیر الامن والسلام والاستقرار فی العالم العربی والاسلامی دون الحاجة لذلک ،الا ان تکون قد تجردت کلیا عن القیم والمبادئ الاصیلة التی تربی علیها ابناء الامة منذ القدم.
فمن المعلوم ان الغایة التی یتوخاها الغرب المتصهین تتضارب تماما مع المنطلقات العقائدیة والسیاسیة و الاقتصادیة والاستراتیجیة فی الشرق الاوسط ، ولا سیما فی منطقة الخلیج الفارسی – تحدیدا - وهذا الامر یستدعی التذکیر بالفروقات الجوهریة التی تطبع التناقض التاریخی بین الطرفین الاساسیین فی هذه المعادلة فی الشرق الاوسط والخلیج الفارسی، ای ایران من جهة و امیرکا من جهة اخری.
يكمن الاختلاف الجذري بين طهران وواشنطن، في ان الجمهورية الاسلامية تناضل من اجل الدفاع عن الحقانية والاستقلال والتطورالعلمی و التنموي لصالحها ، وایضا لفائدة العالم الاسلامي وشعوبه، فيما تصب مشاریع الولايات المتحدة واوروبا والکیان الصهیونی في بوتقة اخضاع دول المنطقة ونهب ثرواتها وخيراتها.
فاذا ما وضعنا هاتين الإستراتيجيتين في معيار التقييم والمفاضلة، فان من الطبيعي ان تنحاز قوى الخير والمحبة والتعايش السلمي في العالم الى الرؤية الايرانية کونها المعبر الحقيقی عن تطلعاتها المشروعة، خلافا للرؤية الاميركية التي تجسد الاطماع الانانية للرأسمالية الغربية والمشاريع التوسعية للصهيونية المجرمة.
*حمید حلمی زادة
في ضوء ذلك تبدو المسألة طبيعية ان تتنافر المصالح الاستراتيجية للجمهورية الاسلامية والقوى المقاومة والتحرریة المتحالفة او المتعاطفة معها، مع المآرب الاستكبارية لاميركا واعوانها ومرتزقتها، بلحاظ ان طبيعة التحولات المتسارعة في الشرق الاوسط، باتت تظهر علنا فصول المعارك المصيرية بين قوى الحق والباطل في الوقت الحاضر.
وعلى هذا الاساس واضح بأن "التحالف الاميركي ــ الاوروبي ــ الاسرائيلي"، قد استنفر اقصى امكاناته المادية والدعائية الجهنمية محاولا - عبثا - حسم هذه المجابهة لصالحه، و ذلک بالتواطؤ مع سماسرة البترول والمال والاعلام فی منطقة الخلیج الفارسی في سبيل تكريس الضغط والتخريب والفتن وتقوية دور الافكار والجماعات التكفيرية المتطرفة لاشاعة الموت والارهاب و العصبیات الطائفیة في العالم الاسلامي.
ورغم النتائج الکارثیة لممارسات هذا التحالف البغيض فان المشهد العام ينبئ حاليا عن انقياد غير منطقي ولا عقلاني من زعماء السعودية وقطر وتركيا للاستراتيجية الصهيوــ غربية، وسط تكهنات قویة بتحول المنطقة الى ساحة حرب دولية لن تخدم سوى الاهداف الشريرة لهذه "الاستراتيجية"، وهی ستنشر الحرائق والاضطرابات في العالم الاسلامي، فيما لن يضمن المتآمرون ابدا بقاء عروشهم وأنظمتهم المتواطئة اذا ما انفجر البركان وتناثرت حممه في مناطقهم.
وامام هذا الواقع المتوتر جدا، فان الحكمة تقضي بالعودة الى لغة العقل والمنطق وترجيح المصالح الحقیقیة للامة الاسلامية على المشاريع والاملاءات القادمة من وراء المحيطات والقارات، والايمان بان حماية الامن الاقليمي لن يأتي بواسطة الاستقواء بالقواعد والاساطيل الغربية والاستخبارات الاسرائيلية والباتریوت الترکیة، ولاعبرالتنفيذ الاعمى للبرامج الاميركية والاوروبية.
وازاء ذلك فان الشعور بالمسؤولية المبدئية والاخلاقية یستدعی ان تتضافر الجهود الخيرة من اجل مكافحة الاستراتيجية الاستكبارية الخادمة لمصالح "المحتل الصهيوني المتغطرس" باعتباره العدو المشترک للامة وثوابتها ومنجزاتها ، وذلك من خلال تعزيز التضامن الاسلامي والعربي وایقاف الفوضى والاضطرابات الساریة الان في سورية ولبنان والعراق خصوصا والعالم الاسلامی عموما، لان شعوب المنطقة لن تتحمل الى الابد نتائج المؤامرة الدولية واستهدافاتها التدميرية.
انها نصیحة اخویة صادقة نضعها برسم " قمة العرب الخلیجیین " و الشقیق الترکی من اجل المحافظة علی اواصرالجیرة والتعایش التاریخی والمصیر المشترک ، ومنع التفریط او التلاعب بها کرمی لعیون اعداء الامة الاسلامية ومخططاتهم الشیطانیة.