العنصرية في «قانوني العودة والجنسية» الإسرائيليين

العنصرية في «قانوني العودة والجنسية» الإسرائيليين
الثلاثاء ٢٥ ديسمبر ٢٠١٢ - ٠٣:٠٨ بتوقيت غرينتش

صدر ما يسمى قانون العودة عام 1950 وينص في الفقرة الأولى على أن «كل يهودي له الحق في العودة إلى البلاد كيهودي عائد، والهجرة تكون بتأشيرة مهاجر... وتأشيرة المهاجر تمنح لكل يهودي...»

وعندما صدر هذا القانون علق بن غوريون عليه في الكنيست قائلاً: «إن «إسرائيل» لم تخلق حق اليهود بالعودة، بل أعلنته فقط، إذ إن هذا الحق سبق «إسرائيل» وإن جذوره في التاريخ الذي لم يفرق إطلاقاً الشعب عن وطنه» وأعلن بن غوريون إن «إسرائيل» ليست دولة يهودية لأن اليهود يشكلون الأكثرية فيها فقط، بل هي دولة اليهود حيثما وجدوا، ودولة كل يهودي يرغب في الإقامة فيها».
لقد تمت الموافقة على هذا القانون العنصري انطلاقاً من الزعم الصهيوني القائل إن «فلسطين هي وطن الشعب اليهودي» ويعد قانون العودة من أكثر قوانين «إسرائيل» عنصرية، بل إنه مصدر أساس لعنصرية هذا الكيان، ولا يوجد له مثيل في قوانين العالم على الإطلاق.
ويلاحظ من نص القانون أنه موجه إلى «جميع اليهود في العالم» يدعونهم إلى الهجرة إلى فلسطين بغض النظر عن جنسيتهم أو الشعوب والأمم التي ينتمون إليها وبغض النظر عن عدم  وجود أي علاقة أو صلة بينهم وبين فلسطين، وإنما على أساس أنهم يهود، وذلك لغزو فلسطين العربية وطرد سكانها العرب، وهذا هو أبشع أنواع الكولونيالية والاستعمار الاستيطاني والتمييز العنصري.
إن الهدف الأساس مما يسمى «قانون العودة» هو تشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين بلا حدود والاستيطان فيها وهو موجّه إلى يهود العالم، ولا يطبق على اللاجئين الفلسطينيين لأنهم من العرب كما أن «قانون العودة» يمنح أي مهاجر يهودي، من أي بقعة من بقاع العالم، «المواطنة الإسرائيلية» فور وصوله إلى أرض فلسطين.. أما أنا ابن بلدة سلمة – يافا في فلسطين، التي ولدت فيها من أب وأم فلسطينيين ولنا أراض وأملاك فيها، وذكريات طفولة وأواصر قرابة فلا يسمح لي بالعودة إليها تطبيقاً للبند /12/ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، على الرغم من أن مبادئ الشرعية الدولية، وقراراتها تقر بحقي في العودة إليها والسكن والإقامة فيها واستعادة أرضنا وممتلكاتنا تطبيقاً لمبادئ القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية وأسوة بالتعامل الدولي.
علق إسرائيل شاهاك على حصر «حق العودة» باليهود، قائلاً: «هل يحق «لإسرائيل» والتي  أنا أحد مواطنيها، أن تمنح أي يهودي حق العودة والسكن في حيفا ولو كان مولوداً في موسكو بينما هي تمنع هذا الحق على من ولد في حيفا».
يقود «قانون العودة» الذي يهدف إلى تجميع أكبر عدد ممكن من يهود العالم في فلسطين إلى زيادة طاقات «إسرائيل» العسكرية والاقتصادية، ويساعدها على تحقيق إقامة «إسرائيل الكبرى» من النيل إلى الفرات، وتالياً، فإن هذا القانون يقود إلى العدوان والتوسع والاحتلال والاستعمار الاستيطاني، وتهويد الأراضي العربية المحتلة، وتغيير وجهها العربي، ويقود أيضاً إلى حرق فاضح للحقوق الوطنية الثابتة غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني، ومنها حقه في وطنه وفي أملاكه وأراضيه، وحقه في تقرير المصير والعودة، كما يقود إلى انتهاك حقوق الإنسان الفلسطيني، ويعكس هذا القانون الفكر والممارسات العنصرية المسيطرة على الصهيونية ووليدتها «إسرائيل» ويظهر بجلاء سياسة التفرقة العنصرية التي يمارسها الكيان الصهيوني تجاه من هو غير يهودي، ولاسيما تجاه العربي الفلسطيني.
ويعطي هذا القانون (اليهودي) وضعاً متميزاً على غيره من البشر، إذ إن له الحق في أن يأتي إلى فلسطين ويحصل فوراً على الجنسية، لأنه يهودي، بغض النظر عن المكان الذي ولد فيه، وعلى الرغم من أنه لم ير فلسطين في حياته على الإطلاق، ولا يمت لفلسطين بأي صلة على الإطلاق، غير إيمانه بالاستعمار الصهيوني و«التفوق العنصري» وكراهية العرب.
ويجسد قانون العودة التفرقة العنصرية تجاه الفلسطينيين لأنهم عرب، وليسوا يهوداً، وينكر عليهم حقهم في العودة إلى وطنهم، وخصوصاً اللاجئين منهم الذين أرغموا عام 1948 وعام 1967 على ترك قراهم ومدنهم بسبب أعمال العنف والإرهاب والمجازر الجماعية التي مارستها ضدهم العصابات الصهيونية المسلحة وعلى رأسها بيغن وشامير وشارون ونتنياهو.
ويظهر مما سبق أن «قانون العودة» قد تمت صياغته لخدمة سياسة «إسرائيل» العدوانية والاستعمارية والتوسعية والعنصرية ولخدمة الهدف الأساس للصهيونية، وهو حمل أكبر عدد ممكن من يهود العالم على الهجرة إلى فلسطين، وطرد أكبر عدد ممكن من العرب الفلسطينيين منها، لإقامة «إسرائيل الكبرى» وعرقلة تقدم الأمة العربية ووحدتها، وفرض الهيمنتين الأميركية والإسرائيلية على الوطن العربي، وتدمير منجزاته وسلب ثرواته وتفتيت بلدانه والحيلولة دون تحقيق الوحدة العربية.
إن هذا القانون الإسرائيلي قانون عنصري ويجسد عنصرية الكيان الصهيوني والأحزاب والمؤسسات وكل شيء في «إسرائيل» ولا مثيل له في العالم على الإطلاق، حتى ولا في ألمانيا النازية إبان حكم هتلر، أو في إيطاليا إبان حكم موسوليني الفاشي أو في نظام الأبارتايد العنصري في جنوب إفريقيا.
لقد شجبت الجمعية العامة للأمم المتحدة في الدورة /22/ عبر القرار رقم /2331/ الصادر في تاريخ 18/12/1967 كل إيديولوجيا تقوم على أساس التعصب العنصري والإرهاب.
وينطبق هذا الشجب على الإيديولوجيا الصهيونية التي تعد المنطلق الأساس للقوانين والممارسات الإسرائيلية العنصرية في الكيان الصهيوني وجاء في القرار: «إن الجمعية العامة: تشجب شجباً حاسماً كل عقيدة، تقوم على أساس التعصب العنصري والإرهاب، بما في ذلك النازية، لأنها تشكل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان والحريات الأساسية لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه، وتدعو جميع الدول إلى اتخاذ التدابير الفورية الفعالة اللازمة ضد جميع هذه الإجراءات المنبثقة عن النازية والتعصب العنصري» لكن «إسرائيل» لم تستجب لدعوة الأمم المتحدة بإلغاء الإجراءات والقوانين والممارسات المنبثقة من عنصرية الصهيونية التي تميز بين اليهود والعرب (غير اليهود) لأن اللوبيات اليهودية والولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي وضعوا «إسرائيل» فوق الأمم المتحدة وفوق العهود والمواثيق الدولية وفوق القانون الدولي.
إن «قانون العودة» الإٍسرائيلي يشكل انتهاكاً واضحاً لميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقات الدولية الخاصة بتحريم العنصرية والتمييز العنصري، وهذا القانون يحقق تزويد «إسرائيل» بالطاقات البشرية اللازمة لحروبها العدوانية واحتلالها الأراضي العربية وتركيز الاستعمار الاستيطاني فيها وتهويدها، ونزع طابعها العربي، وذلك على حساب سكانها الأصليين وأصحابها الشرعيين - عرب فلسطين.
د. غازي حسين