الانتخابات الرئاسية الايرانية.. ظاهرة كثرة المرشحين

الانتخابات الرئاسية الايرانية.. ظاهرة كثرة المرشحين
الأربعاء ١٥ مايو ٢٠١٣ - ٠٢:٠٧ بتوقيت غرينتش

انتهت قبل ايام مرحلة تسجيل اسماء المرشحين للانتخابات الرئاسية الحادية عشرة في ايران، اكثر من 650 مرشحاً، رقم غريب اذا ما اضفنا له الذين يحلمون بمنصب رئيس الجمهورية في ايران ولم يتسن لهم تحقيق هذا الحلم على مستوى الترشح على الاقل! لكن السؤال: لماذا هذا العدد من المرشحين، وبهذا الكم من الشخصيات المعروفة التي ينتمي بعضها الى تيار واتجاه سياسي واحد؟! أليس من الغريب ان تجد الشيخ هاشمي رفسنجاني ـ مثلاً ـ ينافس الشيخ حسن روحاني او الدكتور محسن رضائي او حتى محمد رضا عارف؟!

وفي جانب آخر تجد الدكتور علي اكبر ولايتي والدكتور حداد عادل والجنرال قاليباف والسيد ابو ترابي ومصطفى بور محمدي ومنوشهر متكي... ممن هم ضمن سياق واتجاه فكري وسياسي واحد يتنافسون على منصب لن يكون الا لواحد منهم؟!


الحقيقة هي ان هذه الظاهرة رصدت منذ فترة، حتى ان بعض السياسيين المخضرمين قال اننا سنواجه في هذه الانتخابات ما لا يقل عن 40 شخصية تتنافس بشكل حقيقي على منصب رئيس الجمهورية.. وقد وضعت اسباب عديدة للظاهرة منذ ان جرى رصدها.. واليكم بعض تلك الاسباب:
 

1 ـ يرى البعض ومن خلال اداء الرئيس الاخير الدكتور احمدي نجاد والذي لم يكن له منصب يذكر قبل وصوله الى سدة الرئاسة بأستثناء منصبين هما "محافظ اردبيل" و " رئيس بلدية طهران" ان مسألة التربع على كرسي رئاسة الجمهورية قضية بسيطة لاتحتاج الى "سوبرمان" سياسي كي يقود البلد، خاصة وان الدولة لا يقودها فرد بل مؤسسات ثابتة سواء على صعيد السياسة الخارجية او السياسة الداخلية والخطط الاقتصادية والتنموية... والدليل الذي يورده هؤلاء هو الدكتور احمدي نجاد.. فما بالك بمن هو اقدر وانفذ واشهر منه، او هكذا يتصور نفسه على الاقل؟! وبالتالي يرى البعض ان منصب رئيس الجمهورية ليس كما عبر عنه الدستور الاسلامي بأنه الشخص الثاني في السلطة بعد قائد الثورة.. بل هو مجرد " رئاسة تنفيذية"!!

2 ـ وبأختصار شديد.. غياب الحياة الحزبية في ايران.. فلو كانت هناك احزاب وكانت هناك برامج واضحة لما حصل مثل هذا التشتت في المواقف والتباين في الآراء ىاخل التيار والجماعة الواحدة... اذ ان كثرة المرشحين دليل على غياب البرامج الحقيقية عند الكثير منهم او على الاقل فقدان التمايز بين برامجهم!

3 ـ النقد الذي يوجه داخلياً الى حكومة الرئيس احمدي نجاد واداءها خاصة على صعيد الوضع الاقتصادي، وبالطبع الشعور بالمسؤولية تجاه الضغوطات التي تمارس على الجمهورية الاسلامية من قبل الغرب وحلفاءه الاقليميين من جهة اخرى، هو الذي جعل هذا الكم من المرشحين والشخصيات تنبري للمشاركة في انقاذ البلاد من سياسة الحكومة وطريقة ادارتها للبلاد حسبما يرى هؤلاء، وان كانت الحكومة فعلت الكثير ايضا بالاتجاه الصحيح.

وبغض النظر عن الاسباب التي اشرنا اليها، فأن تعدد وكثرة الشخصيات المترشحة للسباق الرئاسي 11، يبين حقائق اخرى يجب ان لا نغفل عنها لاكتمال صورة المشهد الايراني قبيل الاستحقاق الانتخابي، ومنها:


1 ـ ان اليد الايرانية مفتوحة في ادارة شؤون البلاد، فليس هناك رئيس ضرورة وشخصية استثنائية،كما هو الحال في معظم انظمة المنطقة، وان الرحم الايراني لم يعقم ابداً عن ولادة رجال بمستوى المسؤولية.. وهذا هو جوهر وصلب العمل الديمقراطي الحقيقي في اي بلد.

2 ـ ان الثورة والنظام ليستا ملكا لاحد او تنظيم دون سواه، بل هي لكل الاتجاهات باتساع رقعة الشعب الايراني، فحتى الذين لم يشاركوا رسميا (كتنظيمات) في عملية الترشيح كان لهم ممثلوهم! فهناك عارف وكواكبيان وغيرهما بالنسبة للاصلاحيين، فضلا عن تحالف الاخيرين مع الرفسنجانيين.

3 ـ امكانية توحيد الموقف الايراني عندما تكون القضية تمس بقاء النظام والثورة واستمراريتهما، وأن مسألة وجود البظام واداءه هي الاولوية عند الجميع من شخصيات وتيارات.

4 ـ كثرة المنقدين لاداء الرئيس والتي لايسلم منها سوى تيار الحكومة الحالية، وقد تكون السلطتين الاخرتين في البلاد الى شخص في راس السلطة الاخرى(التنفيذية) يمكنهما التعامل معه بشكل افضل ودون صدامات يومية.. وصلت احيانا الى حد الاعتكاف السياسي الذي قام به الرئيس احمدي نجاد قبل فترة.

 

واي كان الرئيس القادم، فهناك مسار محدد للدولة لابد ان يلتزم به من ياتي ليقون السلطة التنفيذية للسنوات الاربع القادمة، ولا يحق لاحد ان يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض، كما حصل في الانتخابات السابقة، لان الترشح يعني اقرار سابق بمشروعية المؤسسات التي تتولى ادارة العملية الانتخابية.. وهذا الامر يفهمه الجميع حالياً او على الاقل يبدو كذلك...

 

*علاء الرضائي