قطر مشروع فتن وليس حلول

قطر مشروع فتن وليس حلول
الجمعة ٠٧ يونيو ٢٠١٣ - ٠٥:٠٩ بتوقيت غرينتش

كان واضحا منذ البداية ان الخلطة التي تتبناها قطر إعلاميا وسياسيا وماليا هي محاولة مدعومة من الخارج تستهدف في ظاهرها ايجاد تغييرات مطلوبة على الصعيد العربي ولكنها تكرس في جوهرها أهدافا معاكسة لما تدعيه، وهذا مايتضح جليا في ممارسات قطر بدعم قوى التشدد والتكفير في مختلف البقاع العربية والاسلامية امعانا في لخبطة الاوضاع وتعقيدها اكثر، ومحاولة جر قوى سياسية الى مبتغاها الجهنمي، على أمل إحداث تحولات تعيق ما تطمح اليه الشعوب العربية خاصة من نهضة شاملة تعيد بناء الواقع العربي المتردي.

المشروع القطري اليوم اتضح للقاصي والداني وبدأ يلاقي النكسات في اغلب الميادين ، كما نلاحظ ذلك على صعيد سوريا وتونس وليبيا ومناطق اخرى، وانتبهت كتائب القسام (الجناح العسكري لحركة حماس) لخطورة المنزلق القطري،  وضرورة التمسك بالثوابت الفلسطينية وداعميها الحقيقيين من امثال الجمهورية الاسلامية الايرانية وحزب الله اللبناني.

الفشل القطري دفع اطراف منافسة أخرى كالسعودية الى ملء الفراغ، ومحاولة استبعاد قطر من مشاريع التغيير التي تتبعها، واساليبها المفضوحة على هذا الصعيد ، رغم ان اللاعبين السعوديين لايقلون سوءا عن الدور القطري الذي بدا يتراجع مع تراجع لاعبين اقليميين اخرين كتركيا، التي تمارس مع قطر دورا مشتركا على صعيد دعم القوى المتشددة في المنطقة، وتبني السمسرة السياسية في ترويج وتسويق المشاريع الغربية والاميركية ، على امل ان ينالها بعض التكريم مما يتبقى من فضلات ماتبتلعه القوى الدولية المهيمنة من ثروات المنطقة وخيراتها.

قطر ودور السمسرة السياسية

برزت قطر في إطار دور السمسرة السياسية من بعد قيام أميرها الحالي بإقصاء والده عن السلطة عام 1995 وساعدها في ذلك امتلاك قناة الجزيرة وماكانت تبشر به انذاك من حياد إعلامي قبل ان تنتقل الى دور بث الاكاذيب وإثارة الفتن بمختلف انواعها ، كما ساعدها ايضا حجم قطر الصغير جغرافيا وبشريا بالاضافة الى تمتعها بامكانات مالية جيدة، وبالطبع ماكانت كل هذه الشروط تساعد قطر على تقمص الدور الجديد لولا الغطاء الاميركي الذي جعلت قطر تستضيف مرتين اجتماعات منظمة التجارة العالمية وتبني مشاريع سياسية وغير سياسية عديدة اكبر من حجمها وقدراتها وتاريخها.
ولعل اخطر مراحل الدور الذي تبنته قطر هي مرحلة التعاطي مع الجماعات التكفيرية والارهابية واستخدامها في ساحات عديدة وباشكال مختلفة تنسجم مع السياسات الاميركية والصهيونية في المنطقة، خاصة في شقها المتعلق بتأجيج الصراعات الطائفية والمذهبية في المنطقة العربية.
بدأت قطر هذه المهمة عبر تكريس قناة الجزيرة كغطاء إعلامي للجماعات المحسوبة على تنظيم القاعدة والحركات السلفية والوهابية، ومن ثم تطور الأمر الى ايجاد حواضن لهم ودعمهم بالمال والسلاح وكل امكانات المواصلة بما فيها الخبرات والمعلومات المخابراتية، فضلا عن مشايخ تجويز التكفير وإهدار الدم وممارسة الارهاب بأبشع صوره.
ان تعالي صيحات تونس باكورة الربيع العربي من فتنة مذهبية تقودها قطر والسعودية على اراضيها، وتنامي الدور السلفي في مصر، واستمرار الارهاب الممنهج في العراق،  وسحق الارهابيين بالجملة في سوريا، سوف تنعكس سلبا على الدور القطري آجلا او عاجلا ، وسيرتد عليها آثار هذه المراهنات الخطرة مثلما شاهدنا ذلك على يد العرب الافغان الذين نقلوا تجاربهم السيئة الى دولهم بعد أن عادوا اليها . 

امير قطر سمسار هاو وليس محترف

والأخطر في الامر أن السماسرة الجدد كالباعة المتجولين الذين لاعناوين ثابتة لهم، وان دورهم يملى عليهم ولايحددونه هم، وهناك سقف ومجالات محددة لهم سلفا  وبالتالي فان مساراتهم عرضة للتغيير في كل لحظة، ووعودهم لايمكن الوثوق بها ، بل ودورهم معرض هو الآخر  للالغاء في أية لحظة تقررها اميركا .
ومن هنا فان قطر لاتزال تعد سمسارا غير ثابت ، ومعرض  للالغاء في اي وقت ، ومن ثم يمكن ان تنقلب على  المشاريع التي تتبناها اليوم بشكل معاكس لما تتدعيها الان ، ذلك لانها تتبنى مهمة السمسرة كهواية وليس كاحتراف، ولم تحصل على ماركة السمسرة بعد، وبالتالي فانها يمكن ان تذهب ضحية السياسات التي تتبنتاها اليوم ، ومن هنا نرى كيف تنبري  قطر كداعمة لتغيير نظام القذافي في ليبيا، وكعدو رقم واحد ضد سوريا ، وكمدافعة عن السنة في العراق كذبا وتملقا بهدف إثارة النعرة الطائفية، انها نتائج السمسرة السياسية التي لاتتمتع بمصداقية حقيقية ودائمة. 

*عبد الجبار كريم