في ذكرى ميلاد ريحانة رسول الله الامام الحسين (عليه السلام)

في ذكرى ميلاد ريحانة رسول الله الامام الحسين (عليه السلام)
الثلاثاء ١١ يونيو ٢٠١٣ - ٠٥:٥١ بتوقيت غرينتش

في اليوم الثالث من شهر شعبان المبارك السنة الرابعة من الهجرة زُفت البشری الی رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم، بميلاد الحسين عليه السلام،

فأسرع الی دار علي وزهراء عليهما السلام، فقال لأسماء بنت عميس: يا أسماء، هاتي ابني، فاستبشر (صلى الله عليه وآله) وضمَه اليه وأذن في أذنه اليمنی واقام في اليسری ثم وضعه في حجره وبکی، فقالت اسماء، فداك ابي وامي ممَ بکاؤك؟
فقال (صلى الله عليه وآله): من ابني هذا.
قالت: إنه ولد الساعة.
فقال (صلى الله عليه وآله): يا اسماء تقتله الفنة الباغية من بعدي، لا انالهم الله شفاعتي.
ثم تلقی الرسول الاکرم (صلى الله عليه وآله) أمر الله تعالی بتسمية وليده المبارك فالتفت الی علي (عليه السلام) قائلا: سمَه حسينا.
فالامام ابو عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام الشهيد بکربلاء، ثالث ائمة اهل البيت بعد رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم وسيد شباب أهل الجنة باجماع المحدَثين، وأحد اثنين نسلت منهما ذرية الرسول (صلى الله عليه وآله) واحد الاربعة الذين ياهل بهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) نصاری نجران، ومن اصحاب الکساء الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، ومن القربی الذين أمر الله بمودتهم، وأحد اللذين من تمسك بهما نجا ومن تخلَف عنهما ضلَ وغوی.
نشأ الحسين مع اخيه الحسن عليهما السلام في احضان طاهرة وحجور طيبة ومبارکة اُما وأبا وجدَا فتغذی من صافي معين جده المصطفی (صلى الله عليه وآله) وعظيم خلقه ووابل عطفه وحظی بوافر حنانه ورعايته حتی انه ورثه أدبه وهديه وسؤدده وشجاعته، مما أهله للامامة الکبری التي کانت تنتظره بعد أمامة ابيه المرتضی واخيه المجتبی عليهما السلام وقد صرح بامامته للمسلمين في اکثر من موقف بقوله صلی الله عليه واله وسلم الحسن والحسين إماما قاما أو قعدا وقال (صلى الله عليه وآله): اللهم إني احبهما فاحب من يجبَهما، وقال (صلى الله عليه وآله): أحب الله من احب حسينا ، وقال (صلى الله عليه وآله): حسين سبط من الاسباط.  
لقد التقی في هذا الامام العظيم رافدا النبوَة والامامة، واجتمع فيه شرف الحسب والنسب ووجد المسلمون فيه ما وجدوه في جدَه وابيه وامه واخيه من طهر وصفاء ونبل وعطاء فکان شخصيته تذکَر الناس بهم جميعا، فأحبوه وعظموه وکان الی جانب ذلك کله مرجعهم الاوحد بعد ابيه واخيه فيما کان يعترضهم من مشاکل الحياة وامور الدين، لاسيما بعد ان دخلت الامة الاسلامية حياة حافلة بالمصاعب نتيجة سيطرة الحکم الأموي الجاهلي المتعصب حتی جعلتهم في مأزق جديد لم يجدوا له نظيرا من قبل، فکان الحسين عليه السلام هو الشخصية الاسلامية الرسالية الوحيدة التي استطاعت ان تخلَص اُمة محمد (صلى الله عليه وآله) خاصة والانسانية عامة من براثن هذه الجاهلية الحاقدة الجديدة وأدرانها. 
فعن سلمان المحمدي (الفارسي) قال، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يقول: الحسن والحسين ابنايَ من أحبهما أحبني ومن أحبني احبه الله ومن احبه الله أدخله الجنة، ومن ابغضهما أبغضني، ومن أبغضني أبغضه الله ومن ابغضه الله أدخله النار علی وجهه -اعلام الوری-. 
وقد قال الخليفة الثاني عمر بن الخطاب للحسين عليه السلام: فإنما أنبت ما تری في رؤوسنا الله ثم انتم - صائص النسائي- .
وقال الخليفة الثالث عثمان بن عفان في الحسن والحسين عليهما السلام وعبد الله بن جعفر: فطموا العلم فطما وجازوا الخير والحکمة -الخصال-. 
وقال ابو هريرة: دخل الحسين بن علي وهو معتم، فظننت ان النبي قد بعث -بحار الانوار-.  
وقد اخذ يوما عبد الله بن عباس برکاب الحسن والحسين عليهما السلام فعوتب في ذلك وقيل له: أنت اسنَ منهما! فقال: إن هذين ابنا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أفليس من سعادتي ان آخذ برکابهما؟
-تاريخ ابن عساکر-.
ولد الامام الحسين بن علي (عليهما السلام) في بيت محط الملائکة ومهبط التنزيل في بقعة طاهرة تتصل بالسماء طوال يومها بلا انقطاع، وتتناغم مع انفاسة آيات القرآن الکريم التي تتلی آناء الليل والنهار، وترعرع بين شخصيات مقدسة لبنات شخصية نبي الرحمة صلی الله عليه وآله بفيض مکارم اخلاقه وعظمة روحه.
فکان الحسين عليه السلام صورة لمحمد صلی الله عليه وآله في اُمته يتحرك فيه علی هدی القرآن المجيد ويتحدث بفکر الرسالة المحمدية ويسير علی خطی جده العظيم ليبين مکارم الاخلاق ويرعی للامة شؤونها، ولايغفل عن هدايتها ونصحها ونصرتها جاعلا من نفسه المقدسة انموذجا حيا لما ارادته الرسالة فکان عليه السلام نور هدی للضالين.. وسلسبيلا عذبا للراغبين ..وعمادا بستند اليه المؤمنون ..وحجة يرکن اليها الصالحون .. وفيصل حق إذا يتخاصم المسلمون .. وسيف عدل يغضب لله ويثور من اجل الله، وحين نهض کان بيده مشعل الرسالة الذي حمله جده النبي صلی الله عليه وآله يدافع عن دينه ورسالته العظيمة.  
فسلام عليه وعلی الائمة الهداة الميامين من آبائه وأبنائه، سلاما دائما مع الخالدين.

تصنيف :