أخطاء قاتلة عجلت بانهاء حكم الاخوان في مصر

أخطاء قاتلة عجلت بانهاء حكم الاخوان في مصر
الثلاثاء ٠٩ يوليو ٢٠١٣ - ٠٧:٠٤ بتوقيت غرينتش

لايزال الكثير من المتابعين لاحداث مصر الساخنة يتساءلون حول الاسباب التي ادت الى تراجع الشعب المصري عن تأييده للاسلام السياسي وتصويته لصالح الاخوان المسلمين ، ومثلما خرج لاعلان التاييد خرج ايضا لسحب التاييد في ظل استمرار الثورة ، وعدم السماح للذين لم يقرأوا الثورة المصرية جيدا بالسماح لهم لكي يتجهوا بالثورة بالاتجاه الذي يبعدها عن اهدافها ومنطلقاتها وغاياتها .

الاخوان لم يحسنوا قراءة الثورة جيدا

رغم الامال العريضة التي عقدها الشعب المصري على تيار الاسلام السياسي ممثلا بالاخوان المسلمين ذات التاريخ النضالي الكبير ، والدور المشهود في الساحة رغم سني القمع والاقصاء والتهميش  ، الا ان الاخوان وللاسف لم يحسنوا قراءة متطلبات الوضع الجديد ، ولم يأخذوا محاذير هذا الوضع بنظر الاعتبار ، والدقة اللازمة في صياغة المواقف ، حتى ولو بالالتزام بطروحات ماكانت تقدمه جماعة الاخوان المسلمين في زمن المعارضة ، حيث جاءت ممارستها ومواقفها ومشاريعها وهي في قمة السلطة  دون مستوى ماكانت عليه في مرحلة النضال السلبي .

بين عقلية المعارضة وعقلية السلطة

البعض يندب على تجربة الاخوان القصيرة في السلطة بانها لم تغادر عقلية المعارضة وهي في السلطة ، وبالتالي لم تستطع ترجمة ماكانت تطمح اليه سابقا وهي في قمة الهرم القيادي في مصر .
وفي تقييم اخر يرى ان الاخوان لو كانوا قد تمسكوا بطروحاتهم في زمن ماقبل توليهم نظام الحكم لكان اجدى مما تبنوه فيما بعد ، حيث ان تاكيداتهم على الزهد بالسلطة وتمسكهم بتكريس الارادة الوطنية في مشاريع بناء الدولة ، وعدم التوغل اكثر من اللازم بالطروحات الدينية ، وجاء تاسيسهم لحزب العدالة والتنمية على هذا الاساس ، ولكي تكون يد القيادة الاخوانية مفتوحة في التعاطي  مع متطلبات الواقع  السياسي الجديد ، ولكن جاء التطبيق بعيدا عن هذا المسار الذي كانت قد رسمته جماعة الاخوان لنفسها في زمن المعارضة ، ووقعت اسيرة التفكير بكونها الاغلبية البرلمانية ، وبالتالي  عمقت بعض المخاوف والارهاصات لدى الشارع المصري ، في التمادي بمشاريع الاسلمة ، وعدم الحفاظ على تنوع وتعدد الاطراف المشاركة بالسلطة ، وكذلك عدم طمأنة الشارع المصري بمستقبل مشرق للحياة المدنية والمتنوعة ، بل واثارة مخاوفه من ممارسات لم تكن معروفة من قبل كالاعتداء على حريات الناس  بحجة التقيد بالشريعة والالتزام باوامرها ونواهيها وفق الطرق السلفية التي اخذت بالتحالف مع السلطة الجديدة وانسلخت من عرى التحالف بمجرد خروج السلطة من ايدي الاخوان كما شاهدنا ذلك جليا في موقف حزب النور ، وكذلك في حادثة قتل الشيخ حسن شحاتة وجماعته بجريرة التشيع خلافا لكل ماعرف عن الشعب المصري من اعتدال ووسطية  وقبول التنوع المذهبي والديني فضلا عن السياسي والثقافي ، وجاءت مواقف السلطة لتكرس المخاوف بدلا  من تبديدها ، وتعزز القناعات  السلبية بدلا من ازالتها  .

الاخطاء القاتلة للرئيس المخلوع

ولعل ماارتكبه الرئيس المخلوع محمد مرسي من اخطاء جمة طيلة  الاشهر القليلة التي حكم فيها كانت كافية للتعجيل بانهاء الشرعية الدستورية التي يتمتع بها ، وكانت اولى هذه الا خطاء الاعلان الدستوري المكمل الذي تضمن ما وصفه بالقرارات الثورية ، حيث جعل القرارات الرئاسية نهائية غير قابلة للطعن من أي جهة أخرى حتى ولو صدرت عن المحكمة الدستورية ، فضلا عن نقاط خلافية اخرى كانت موضع احتجاجات كثيرة .
وفي شهر حزيران الماضي وحده وقع الرئيس المخلوع في عدة اخطاء كارثية اخرى من المؤكد انها ساهمت  وعجلت بالتغيير الذي  حدث عبر الجيش   المصري الذي استطاع  ان يطرح نفسه كممثل عن ارادة الشعب ، ومكرسا لاهدافه وتطلعاته .
لعل اولى هذه الاخطاء انه لم يبد أي مرونة في التعاطي مع الفوران  الجماهيري  ضده ، وكان تمسكه بالشرعية في مجتمع حديث العهد بهكذا  شرعيات ، واصرار الجماهير المصرية على فرض شرعيتها الثورية واستمرارها بمشروع الثورة قد وضعت حدا للشرعية الدستورية التي شقت طريقها بصعوبة في حياة المصريين .
ومن الاخطاء االتي ارتكبها مرسي في حزيران الثورة التصحيحية ، انه بادر وبشكل مفاجئ في قطع العلاقات  الدبلوماسية مع سوريا ، وساهم في عقد مؤتمر لاعلان الجهاد استجابة لنزعات السلفية والوهابية ، واطلق من خلاله مصطلح النظام الرافضي ، فضلا عن مصطلحات مخزية تم اطلاقها في المؤتمر ، واتم سلسلة هذه المواقف غير المدروسة بالتهديدات التي اطلقها ضد اثيوبيا فيما لو راحت وراء تنفيذ مشروعها في بناء السد وخفض منسوب المياه في نهر النيل .
هذا غيض من فيض من الاخطاء التي ساهمت تراكمها في التعجيل بانهاء  الحكم الاخواني الذي لاشك يعد ضربة للاسلام السياسي الذي سيبقى في عملية التمحيص والاختبار حتى يظهر ويتمايز الاصيل من الدخيل ، والحكيم  من العقيم في مشاريع  الاسلام السياسي المتعددة .

* عبد الجبار كريم