وحسب وكالة أنباء آسيا نقلا عن أحد المسلحين المنشقين عن كتيبته مؤخرا، أن المدعو محمد السنساوي روى لهم يوما بأنه بينما كان بين النائم والصاحي “أي في أحلام اليقظة” جاءه “جبريل” وطلب منه الذهاب معه لملاقاة رب العالمين، وأن الله خاطبه بعد أن أذن له بالدخول إليه في سدرة المنتهى بينما بقي جبريل في الخارج : يا محمد يا بن أحمد أنا وملائكتي ورسلي وعبادي الصالحين نضع أملنا بك لتخليص الناس في الأرض من الظلم، على حد زعمه.
وأضاف المسلح الذي روى الحادثة أن قائده السابق السنساوي كان يتعاطى المخدرات بكثرة، وربما هذا سبب هلوساته.
لكن الغريب أن تجري حادثة إدعاء النبوة في منطقة الدانا بريف إدلب، هذه المنطقة التي تعتبر معقلا من معاقل التطرف و تنظيماته، بدءا بما يسمى “كتيبة أبو البنات الشيشاني” الذي أعلن إمارته في منطقة “مشهد” المجاورة و كان له نفوذ في الدانا، حيث قتل فيها القيادي فيما يسمى “الجيش الحر” المدعو إسماعيل عرابي منذ أشهر مضت، و مرورا بجماعة الإرهابي “أبي عمر الكويتي” المتهمة بـ”الغلو في التطرف”، وانتهاء بممثل ما يسمى “الدولة الإسلامية في العراق و الشام” المدعو “أبو أسامة التونسي” والذي عينه المدعو “أبو بكر البغدادي” أميرا على المنطقة بعد سيطرته عليها من خلال تحالفه مع جماعة “أبو بكر الكويتي”، بحسب الوكالة.
ونقلت الوكالة عن مصدر خاص، أن”المدعو أبو عمر الكويتي دخل وبصحبته 7 شبان يحملون السيوف، إلى مكتبة المدعو وليد عبدالسلام في منطقة الدانا، و شرارات الغضب تقدح من أعينهم، و هددوا صاحب المكتبة بقطع رأسه إذا لم يقم بإحراق جميع دواوين الشاعر الكبير نزار قباني، و الإمتناع عن بيعها نهائيا بعد ذلك”.
وتابع المصدر "في هذه الأثناء كانت مدينة الدانا تنعم براية التوحيد –كما يحلو للجهاديين تسميتها- وهي ترفرف في سماء المدينة بلونها الأسود القاتم. بينما على الأرض كان جهاديون تابعون للأمير أبو أسامة التونسي ينتهكون براءة الأطفال في أبشع سلسلة اغتصاب شهدتها المنطقة".
واضاف "وقد تحرك أبو أسامة بعد تنامي أخبار الاغتصاب إليه، وألقى القبض على شبكة الشذوذ تلك، ولكنه سارع إلى حفظ القضية بعد أن اكتشف أن اثنين من عناصره من ضمن هذه الشبكة وأحدهما يحمل نفس جنسيته التونسية. ومنعاً للحرج فقد أشاع أبو أسامة عبر أنصاره الإعلاميين أنه سوف يقيم الحد على المتهمين وأحدهم سعودي الجنسية بحسب ما ذكروا، ولكنّ أحداً لم ير حدّاً يقام لا بحق سعودي ولا غيره، وانسلّ الموضوع إلى زاوية النسيان وكأنه موضوع عابر لا يتعلق بالشرف والدين والإيمان الذي نصبوا أنفسهم أوصياء عليه. بالنسبة لقيادات التطرف في المنطقة، فإن الأهم هو تثبيت السيطرة على جميع المناطق المحيطة بمعبر باب الهوى مدينة الدانا وبلدة مشهد وسرمدا وتل الكرامة وغيرها تمهيداً للسيطرة على المعبر نفسه والتحكم به وبما يدخل ويخرج منه من أسلحة ومخدرات وأشياء أخرى، بعيداً عن الكتائب الأخرى كأحرار الشام وأحفاد الصحابة التي تتشارك معها حالياً في السيطرة والتحكم".
وقال المصدر "في هذا الصدد حاول بالفعل عناصر من الدولة الإسلامية بتاريخ ١٠ حزيران الماضي اغتيال باسم شعبان قائد كتائب أحفاد الصحابة عبر زرع عبوة ناسفة في سيارته دون أن يعرف مصير شعبان بعد انفجار العبوة هل قتل أم أصيب فقط، والأنباء ما تزال متضاربة حول الموضوع. عندما يتجاور كل هذا التناقض في بلدة واحدة، وتجتمع أخلاط متباينة لا سبيل إلى اندماجها في رقعة ضيقة، فلا بدّ أن يحدث انفجار ما يعيد ترتيب الأمور أو يزيد من الفوضى. وهذا ما حدث في بلدة الدانا يومي الخميس والجمعة الماضيين. حيث شهدت المدينة اشتباكات عنيفة جداً بين عناصر الدولة الإسلامية من جهة وبعض كتائب ميليشيا الجيش الحر من جهة ثانية. ورغم أن الجيش الحر تمكن في البداية من حصار مدينة الدانا وكان على وشك الانتصار في المعركة، إلا أن وصول تعزيزات للدولة الإسلامية قادمة من سرمدا في اللحظة الأخيرة، قلب النتيجة لصالح "الدولة" حيث هرب عناصر الحر بعيداً عن المدينة التي أصبحت تتحكم بها بشكل مطلق الدولة الإسلامية".
احترقت دواوين نزار قباني أمام مكتبة وليد عبدالسلام وتطايرت قصائده دخاناً ورماداً في سماء المدينة التي تحتلها الراية السوداء، بينما لا يزال السنساوي يهلوس بنزول الوحي إليه، ولا يزال المتهمون باغتصاب الأطفال طلقاء أحرار آمنين من أي عقوبة، ولا يزال الأمير التونسي مصراً على تطبيق الشريعة الإسلامية، أما مدينة الدانا فلا تزال تحمل في داخلها كل التناقضات والأخلاط وصواعق الانفجار وتطل بها على معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا.
-