انتبهوا: هذا الحمل عقيم!

انتبهوا: هذا الحمل عقيم!
الإثنين ١٢ أغسطس ٢٠١٣ - ٠٦:٠٠ بتوقيت غرينتش

ليس صحيحا ابدا بأن اوباما كان فرصة اضعناها نحن الايرانيين وتحديداً بسبب سياسات الرئيس احمدي نجاد "الراديكالية والمتطرفة" كما اتهموه خصومه دوما ورفعوا من اصواتهم بعد انتخاب الرئيس روحاني اكثر واكثر لغاية في نفس يعقوب !

تماما كما انه ليس صحيحا ابدا بان مفاوضات السلام الفلسطينية الاسرائيلية " برعاية" امريكية يمكن ان تسفر عن توافق او تهدئة او انفراج ناهيك عن"تسوية "لقضية فلسطين التي يريد البعض ان يحولها من قضية حقوق تاريخية وجغرافية وسياسية ووجود الى مجرد نزاع حدود ايضا لغاية في نفس يعقوب !
الامر نفسه ينطبق على مجريات وحاليات الصحوة والكرامة والعزة العربية والاسلامية في شمال افريقيا عموماً وفي مصر اكثر تحديدا، اذ ليس صحيحا ايضاً بان الخلاف المستعر هناك هو بين اصحاب شرعية صناديق الاقتراع  "المرسية "وبين اصحاب خارطة الطريق "السيسية"  بقدر ما تكمن في جوهرها بين اصحاب الرهان على الوطن والوفاق المجتمعي وكيفية تحقيق الاجماع والتقاط العقل والوجدان الجمعي المصري وبين رواد الرهان على معادلات الخارج القريب منه او البعيد "وكمان" لغاية في نفس يعقوب !
لذلك نقول ونحن واثقون من قولنا هذا بان الخارج  الاجنبي ابتر وانه متخبط وانه متصدع وانه منقسم وانه لم يعد يملك استراتيجية ناهيك عن ان تكتيكاته ترتطم بالجدار الواحدة منها بعد الاخرى من ايران الى محور المقاومة الى مصر وشمال افريقيا الى فلسطين ام القضايا !
وعليه فان كل من راهن او لايزال يراهن على هذا الخارج من ارباب السياسة او الدبلوماسية في بلادنا فانه سرعان ما سيكتشف ، خاصة بعد "تسعة اشهر" امريكية اسرائيلية مشبوهة وملغومة  خطط لها في ليل مظلم بان هذا "الحمل" عقيم !
من جهة اخرى فان نشطاء متابعون للشأن الايراني يقطعون بانه ليس صحيحا بان مشكلة ايران مع المجتمع الدولي تكمن في ان احمدي نجاد لم يلتقط اشارات اوباما كما يعتقد ويروج البعض من اهل السياسة والدبلوماسية في بلادنا، ابداً المشكلة في ان اوباما نفسه لا يملك شيئا يعطيه لا لنجاد ولا لروحاني ، وبالتالي فان هذا الامريكي المتصهين يكذب في اطار ادبيات مخادعة لكسب مزيد من الوقت للكيان الصهيوني لا اكثر ولا اقل !
وللتاكيد على مانقول، دعونا نتذكر فقط ما فعله روحاني هذا نفسه الذي ابدى براعة ودراية وقدرة فائقة ومن بعده لاريجاني ، عندما كانا في موقع كبير المفاوضين النوويين يوما ما، حتى كاد العالم ان يسجل في حينه بان المسألة باتت قاب قوسين او ادنى من الحل بعد ان تمكن الشيخ الدبلوماسي من الاتيان بالثلاثي الاوروبي الى دارة بلاده في قصر سعد آباد !
يومها قدم روحاني كل ما يمكن تقديمه من "تنازلات محسوبة" ومحسود عليها الغرب عاملا وقتها بنصيحة هؤلاء انفسهم ممن اعتقدوا يومها ايضا بمقولة "الفرصة " اياها، الى الدرجة التي اوقفت فيها ايران كافة الانشطة النووية تطوعا كبادرة حسن نية تعبيرا عن  فكرة التقاط "الفرصة" !
فماذا حصل بعدها؟
الرد عند لاريجاني الذي قال صراحة قبل ايام: لقد ابلغني يومها احد الوزراء الاوروبيين الثلاثة بعد فترة قصيرة باننا كنا نفاوضكم وفي ذهننا ان نطلب منكم وقف كافة الانشطة وتسليمنا المشروع كاملا !
وهكذا افتضح امر الغرب الذي يعمل لدى الصهيونية العالمية ، وانه ليس اكثر من مدير عمليات تنفيذي عند اسرائيل !
الم يكن الامر كذلك مع الرئيس المقال محمد مرسي، وهي تجربة لا تزال حية امامنا ؟!
الم يعطهم  الرجل كل شئ ؟ من صديقي العزيز، الى الصديق الوفي، الى عدم المساس باتفاقية كامب ديفيد، الى عدم الاقتراب من ايران "البعبع" الى خوض الحرب على سوريا وقطع العلاقات معها وابقاء علم اسرائيل مرفرفا في سماء القاهرة !
فماذا حصد غير تركه يتخبط بين مربعي رابعة والنهضة و التيه عميقا في صحراء سيناء ؟!
ام تريدوننا ان نكذب حكاية المرحوم ياسر عرفات الصادمة والمأساوية والتي ادت الى اغتياله على يد الموساد بالسم المدسوس في عسل المفاوضات العبثية التي لا يتمكن احد احصاء "فرصها الملتقطة" كما لا يختلف اثنان في قدرات الراحل الفائقة في ما بات يسمى بتدوير الزوايا وحنكته وذكائه وتفننه في التكتيك والاستراتيجيا في التعاطي مع تلك "الفرص"!
اعرف ان الكثيرين من رواد مقولات العقلانية والحكمة والدراية سيستشيطون غضبا من كلامي هذا، وسيتهمونني بالسذاجة السياسية والغوغائية والشعبوية واعتماد الاحاسيس والعواطف وانعدام الفهم والادراك الاكاديمي والعلمي والاحترافي للسياسة والدبلوماسية وسيستحضرون مقولات كبار الساسة الغربيين والشرقيين في علم السياسة لادانة ما ذهبت اليه وتسخيفه !
لكن هذا لن يغير من عقيدتي الراسخة في وجدان ‘الناس بوك’ المتكرسة في تجارب من عايشتهم او عاصرتهم من زعماء وساسة كبار انتصروا وحققوا مكاسب كبرى لشعوبهم، فقط وفقط لانهم خذلوا منظري ‘ الفرص’ الوهمية الضائعة هذه، كما لم يستمعوا لنداءات الاستقواء ببندقية الناتو، فيما راهنوا بالمقابل على فرص اهل الداخل من ناسهم، والتقطوا فرص الالتحام مع حركة ووجدان واحاسيس شعوبهم، معجونا بعقلهم الجمعي وعشقهم لقيمهم الاصيلة الضاربة عميقا في تدينهم وعقائدهم، والمؤمنين حقا بان مصائر اوطانهم تكمن دائما في التقاط الفرص التي تمنحها لهم شعوبهم وليست تلك التي تأتي اشاراتها من الخارج والتي طالما ثبت انها ليست سوى اوهام من صنع خيال المنقطعين عن ارض الواقع كما ورد في قوله تعالى: ‘كسراب بقيعة يحسبه الضمآن ماء.. ‘!

* محمد صادق الحسيني