ما بين “جنيف النووي” و “جنيف 2″ من المتضرر وما هو الحل؟ ‎

ما بين “جنيف النووي” و “جنيف 2″ من المتضرر وما هو الحل؟ ‎
الأربعاء ١٣ نوفمبر ٢٠١٣ - ٠٣:٢٥ بتوقيت غرينتش

ما بين جنيف النووي و جنيف 2 من المتضرر وما هو الحل؟ ‎فرضت مشاريع التسوية المطروحة على خط: ايران- العواصم الغربية وروسيا- الولايات المتحدة الأميركية أسئلة عن قدرة المفاوضين على ايجاد حلول؟ كيف؟ ومتى؟ ولماذا؟ وعلى حساب من؟

يرجح دبلوماسيون مطلعون أن تنجح التسويات المطروحة حكماً لإيجاد استقرار شرق أوسطي يتيح استخراج مصادر الطاقة من عمق البحر الأبيض المتوسط ودوله، بعدما ثبت وجود كميات هائلة من الغاز والنفط. لكن الدبلوماسيين يختلفون في تقييم مسار مشاريع التسويات، وزمانها استناداً إلى عراقيل قائمة نتيجة الاعتراض السعودي والإسرائيلي على التقارب الأميركي- الإيراني.

يرفض الإسرائيليون بشدة تسوية العلاقات بين طهران والغرب دون أن يكون لاسرائيل حصة، على الأقل ضمان أمنها وشل قدرة حركات المقاومة التي تدعمها الجمهورية الاسلامية الإيرانية لمواجهة اسرائيل. منذ زيارة رئيس الدائرة السياسية في الأمم المتحدة جيفري فيلتمان إلى طهران شعر الإسرائيليون أن ثمة خيوطاً تنسج بهدوء بين الادارة الأميركية والمرجعية الإيرانية، إلى أن جاء إنتخاب الشيخ حسن روحاني رئيساً لإيران على طريق الانفتاح الدولي وزيارة الأخير لنيويورك والاتصال الذي حصل بينه وبين الرئيس الأميركي باراك أوباما وصولاً إلى اهتمام واشنطن بفتح صفحة جديدة مع القيادة الإيرانية. لم تخف تل أبيب القلق، ولم تجد آذاناً صاغية لهواجسها في الادارة الأميركية رغم طمأنتها أميركياً على كل صعيد، لكن تل أبيب لم تقبض ثمناً أو حصة.


الثمن الاسرائيلي

حاول رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو الضغط على العواصم الغربية بالمفرق، غير أنه لم ينجح في فرض شروطه إلى أن جاءت المفاوضات الاخيرة في جنيف.

يقول دبلوماسيون أن نتانياهو هدد بخلط الأوراق في حال عقد اتفاق غربي- إيراني، وحجز موعدا لزيارة موسكو في أول رسالة للأميركيين. يضيف الدبلوماسيون أنفسهم أن ما تسرب عن عروض نتانياهو محاولته إقناع الادارة الأميركية بإبقاء التوتر سائداً في الشرق ريثما يتم تصريف مخزون الغاز المتواجد أساساً بأسعار تستفيد منها واشنطن قبل إستثمار مصادر الطاقة في “المناطق العذراء” في البحر المتوسط وضفافه.

يرى الدبلوماسيون أن موسكو توافق ضمناً تل أبيب على هذا العرض مع تعديلات تخص الساحة السورية، خصوصاً أن الغاز الروسي يصدر الآن بأسعار جيدة إلى الدول الأوروبية.

الاقتراح قد يفرض تأخيراً في التسويات إلا في حال حجز مكان لإسرائيل في التسوية المطروحة، وهو يبدو مستبعدا بالكامل في طهران لاعتبارات عقائدية وسياسية عدة، علماً أن ايران كانت طرحت المفاوضات خطوة تلي خطوة لتفادي مثل هذا الربط.

ويرى الدبلوماسيون أن التأخير قد يصل إلى سبع سنوات أو أقل أو اكثر ، لكنه ات لا محالة استناداً إلى حجم الثروات الطبيعية في دول تمتد من فلسطين إلى طهران.
ماذا عن جنيف 2؟

يتداول دبلوماسيون مطلعون سيناريوهين مطروحين: الأول فرض الحل السوري قريباً والثاني استمهال استيلاد الحل ربطاً بالملف الإيراني.

يستند السيناريو الأول إلى رغبة الغرب بمحاربة المتطرفين في سوريا مع ايجاد عملية سياسية سورية كاملة، من ضمنها حكومة بصلاحيات واسعة والتسليم ببقاء الرئيس بشار الأسد ومشاركته في الانتخابات الرئاسية المقبلة، ويقول أنصار هذا السيناريو أن العواصم الغربية سلمت بعدم القدرة على الإطاحة بالنظام، لذلك تتسابق أجهزة الاستخبارات الأوروبية إلى دمشق للحصول على معلومات وإقامة تعاون وإبقاء الخطوط السرية مفتوحة، لكن دمشق تطلب عودة العلاقات الدبلوماسية علناً ثمناً لأي علاقة معها. ويتابع دبلوماسيون أن الخطوط الدبلوماسية قد تتدرج بالعودة إلى طبيعتها بعد انعقاد مؤتمر جنيف 2 مباشرة. ويستند أصحاب هذا الرأي إلى فرض الغرب على المعارضة السورية المشاركة في المؤتمر وإلا السير به بمن حضر.

اما السيناريو الثاني فيستند إلى الرفض السعودي للتسويات المطروحة دون ضمان حصة وافرة للمملكة في العراق وسوريا وأمن الخليج "الفارسي" دوماً، ويبدو حتى الآن أن لا حصة للسعودية، ما يعني مواصلة عرقلة أي تسوية تأتي على حساب الرياض، اذا لا حل محسوماً بعد والتأجيل سيد الموقف بعد عقد اجتماع بروتوكلي شكلي مرتقب في “جنيف 2″ لا تكون له أي قيمة عملية.

فهل يستطيع الأميركيون الضغط على السعوديين لتأمين مباركتهم للتسوية؟ أصحاب هذا الرأي يقولون أن واشنطن تعتقد أنها قادرة على فرض ما تريد في الرياض تحت طائلة فتح ملفات حقوق الإنسان والمرأة وسبل الحياة وتمويل المسلحين ورعاية متطرفين في ظل وضع داخلي سعودي حساس اليوم… لكن الدبلوماسيين أنفسهم يؤكّدون أن السعودية قد تتمرد على الأميركيين لعلمها بضعف واشنطن الآن مع قدرة المملكة على استعمال ورقة النفط.

بجميع الأحوال العرقلة تفرض التأجيل إلى مواعيد لاحقة في ظل تلاقي المتضررين السعوديين والاسرائيليين من التسويات المطروحة وقدرتهم على تأخير الحلول لا إجهاضها.

ما بين “جنيف النووي” و”جنيف 2″ خيوط متصلة، فإذا أردنا أن نعرف ما سينتج الثاني يجب أن نعرف ماذا سيجري في الأول؟

النشرة-عباس ضاهر