هل انتهى مجلس التعاون.. فشل قمة الكويت؟!

هل انتهى مجلس التعاون.. فشل قمة الكويت؟!
الثلاثاء ١٠ ديسمبر ٢٠١٣ - ٠٢:٠٩ بتوقيت غرينتش

لعل القمة الـ 34 لمجلس التعاون والتي تعقد اليوم في الكويت من أهم وأخطر الاجتماعات في تاريخ هذا المجلس الذي تأسس عام 1981 بسبب قيام الثورة الاسلامية في ايران وعدم قدرة صدام حسين على اسقاطها في نزهته الحربية، والذي تتهم ايران اليوم بالسعي لتفكيكه!!

مجلس التعاون تأسس ليسد الثغرة الامنية والعسكرية والسياسية التي تركها سقوط شاه ايران محمد رضا بهلوي أحد الدعامتين في الاستراتيجية الاميركية في المنطقة، وفي ظل فشل لحليفهم صدام حسين في عدوانه على الجمهورية الاسلامية وتحول ايران من موقع الدفاع الى الهجوم، هذا العدوان التي شاركت فيه جميع بلدان الخليج (الفارسي) بنسب متباينة وكان في مقدمتها السعودية والكويت.
وجاء تحول صدام حسين من حليف في المواجهة مع الجمهورية الاسلامية الى عدو بعد غزوه للكويت سببا في تقارب البلدان الخليجية اكثر من بعضها، مع انها اختلفت فيما بعد حول حصار العراق.. لكن اراضيها تحولت الى محميات من القوات الاجنبية وخاصة الاميركية التي زادت من عديدها لضمان تدفق البترول الخليجي وهيمنتها على عن طريق ذلك على الدول الصناعية الكبرى.
لكن مجلس التعاون هذا لم يكتب له النجاح كثيراً، وبقي مشتتاً في عين تكتله! أما الأسباب في ذلك فهي كثيرة، ومنها:
1 ـ عدم الاعتماد على القدرات الذاتية للدول الاعضاء مهما كانت صغيرة ومحدودة، والاتكال على الطاعمين الدوليين (الغرب وفي مقدمته اميركا)، وذلك بسبب ضعف الشخصية الخليجية الحاكمة وعدم ثقتها بالنفس، بسبب نشأتها الريعية ولاسباب تاريخية وسياسية.
فهي لاتشعر انها تمثل دولة (ارض وشعب ونظام سياسي وسيادة) بل مجموعة مصالح مرتبطة بالخارج وبالتالي هذا الخارج هو المسؤول عن حمايتها وحماية مصالحه!
2 ـ غياب التنمية الحقيقية الشاملة والتخلف الواضح على مستوى النظم الاجتماعية والسياسية.
ان عدم وجود مواصلات متطورة وتبادلات اقتصادية بينية ومراكز بحوث علمية وجامعات مرموقة، شكل عائقاً امام انسجام وتلاحم هذه البلدان. وقد زاد التباين السياسي في شكل ومضمون اظمة الحكم من الطين بلة! ففيما الكويت تتقدم بنظامها البرلماني رغم نواقصه، وعمان تعيش حالة دولة بكل معنى الكلمة من حيث الاعتماد على قدراتها الذاتية ووجود حراك جماهيري فيها، نجد ان الاخريات تتباين في مستويات الدكتاتورية حتى تصل الى الانغلاق المطبق في السعودية بسبب تحالف الاسرة الحاكمة مع التعصب الديني والتشدد القبلي.. فقيادة سيارة ممكن ان ينتهي بالمرأة الى الحجز او السجن حتى!
3 ـ الخلافات الشخصية بين الشيوخ والامراء والتي تصل الى حد التآمر على بعضهم والسعي لقلب الحكم واخراجه من يد شيخ او امير لاعطاءه بيد آخر.
4 ـ وشكلت النقطة الثالثة بحد ذاتها سبباً لاجراءات كيدية داخل مجلس التعاون نفسه بحق بعض البلدان الخليجية وخاصة عمان، التي حاول السعوديون والقطريون والاماراتيون الاضرار بها وأهمال مقترحاتها وسحب اي دعم لها، في حين ان هذه البلدان اغدقت عشرات بل مئات الميارات من الاموال في مغامراتها الخارجية ودعمها لبلدان عربية وأجنبية.
5 ـ التقابل بين البداوة والتحضر.. فبعض البلدان تغلب عليها البداوة، مثل السعودية وقطر والامارات واجزاء من النسيج الاجتماعي الكويتي والمنظومة الحاكمة والمجنسين في البحرين، بينما هناك بلدان حضرية مثل سلطنة عمان والشعب البحريني واجزاء واسعة من المجتمع الكويتي.. وقد تجلى هذا التباين الحضري البدوي في المواقف السياسية والانتماءات الحزبية وحتى المواقف الاقليمية! وعادة ما يرى الحضر انفسهم احق بهذه البلدان من البدو الذين جاءوا من عمق الصحراء ويحكمون اغلب هذه البلدان!!
6 ـ محاولات بعض الدول لتغيير تركيبة المجلس بضم بلدان اخرى لاسباب سياسية واصطفافات اقليمية، بلدان مثل: اليمن والاردن والمغرب...

7 ـ تحول المجلس وبشكل علني الى منظومة مرتبطة بحلف الناتو وتبني جميع سياساته في الحرب والسلم، مما حول المنطقة الى ثكنة عسكرية غربية قابلة للانفجار في اية مواجهة محتملة.
8 ـ تباين الرؤى ازاء الملفات الاقليمية والدولية وكيفية التعاطي معها، ففي حين تتبنى بعض الدول كقطر في عهد الشيخ حمد والسعودية استراتيجية المغامرة والصدام نجد دولة مثل سلطنة عمان تنتهج سياسة سلمية بل وتشارك في حل الملفات الشائكة بدبلوماسية هادئة.. وقد وصل الامر ببعض الانظمة الخليجية الى المواجهة مع قوى اقليمية والتدخل في شؤون دول اخرى واعلان الحرب على بعضها بشكل مباشر وغير مباشر، مما ادى الى رفع مستوى التحديات التي تواجهها هي ايضا نظراً لضعفها وتدني قدرتها بالاساس.
واذا وضعنا كل هذه الاسباب جانباً فأن هناك هاجساً لدى بعض البلدان الخليجية التي تشعر انها قدمت اضافة في الواقع العربي والخليجي في بعض المجالات، وهو ان الاتحاد او الاندماج في هذه المنظومة سيؤدي الى فقدان تميزها ومصادرة قرارها من الشقيقة الكبرى (السعودية) المستفيد الوحيد من مشروع الاتحاد، والتي لا تخفي اطماعها في موارد واراضي وسيادة باقي البلدان.
وعلى خلفية ذلك نرى التراشق الدائم بين الاعلام القطري والسعودي، او بين الامارات والسعودية، او بين الامارات وقطر، مما يظهر على مستوى سياسات وقرارات مجلس التعاون، كمعارضة الامارات مشروع الاندماج الاقتصادي والوحدة النقدية التي طرحتها السعودية، او تخوف بعض الاتجاهات الليبرالية الكويتية من التقارب اكثر بين الكويت والسعودية...
ومن هنا، وبعد اعلان سلطنة عمان انسحابها من مجلس التعاون في حال اعلان الاخير الاتحاد بين اعضاءه عشية قمة الكويت، فأن القمة ستواجه مخاضاً عسيراً بين الاعلان عن الاتحاد والتفكك، ويرجح الخبراء بقاءه على ما هو عليه وتأجيل البت في مشروع الاتحاد الى حين انقشاع الاوضاع وما سيؤول اليه الاتفاق الايراني الاميركي والوضع في سوريا...

بقلم: علاء الرضائي
 

كلمات دليلية :