تصعيد دموي بين "داعش" و"حاشا" بسوريا

تصعيد دموي بين
الثلاثاء ١٠ ديسمبر ٢٠١٣ - ٠٤:٢٧ بتوقيت غرينتش

انفجر الوضع بين تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) و"حركة أحرار الشام الإسلامية"(حاشا)، وذلك بعد تمهيد طويل وبطيء أثار الشكوك حول صحة التوقعات بضرورة نشوب نزاع مسلح بين التنظيمين.

وانفجرت بعد عدة حوادث اغتيال وقتل متبادلة لعناصر وقيادات من هذا التنظيم أو ذاك كان يجري استيعابها، أو لملمة آثارها وتداعياتها، قبل أن تؤدي إلى إشعال نار الحرب.

ولكن على ما يبدو فإن الكأس قد امتلأت، ولم يعد ثمة صبر على الاستيعاب واللملمة، فها هي نار الحرب تشتعل بين "داعش" و"حاشا"، وها هي بلدة مسكنة في ريف حلب تشهد أول معركة حقيقية بين الطرفين، سقط خلالها قتلى وجرحى وأسرى، والأهم أنه سقط حاجز "الإخوة" الذي كان يجري التذرع به لمنع عناصر كل طرف من الاندفاع في رد الفعل على استفزازات الطرف الآخر، لكن طوفان الدم غمر كل الحواجز، ولم يبق بين التنظيمين إلا الدم المسفوك بسبب أو من دون سبب.

قبل أيام تعرض مسلح بلجيكي ينتمي إلى "داعش"، على حاجز تابع لـ"حركة أحرار الشام" في منطقة حزانو بريف إدلب، للتعذيب حتى الموت وقتل في الحادثة نفسها "مسلح تونسي، بينما أصيب مسلحان آخران، فرنسي وسعودي.

وكانت هذه الحادثة مؤشراً مهماً على أن العلاقة بين التنظيمين تشهد أسوأ أيامها وأنها تستمر في التدهور يوماً بعد يوم متجهةً نحو النزاع المسلح الذي يبدو أنه لا بد منه، خصوصاً بعد تراكم قضايا الدم العالقة بينهما، بدءاً من مقتل أبي عبيدة النشي، إلى قطع رأس "محمد فارس مروش"، إلى حادثة حزانو وقتل البلجيكي والتونسي.

لكن ما شهدته، أمس، بلدة مسكنة التابعة لمدينة منبج بريف حلب، كان أمراً مختلفاً ومؤشراً جدياً على أن التصعيد بين "داعش" و"حاشا" قد يكون بلغ نقطة اللاعودة في العداوة والخصام.

فقد اندلعت منذ الصباح اشتباكات بين عناصر من "داعش" مع عناصر من "حاشا" هي الأعنف التي تشهدها مسكنة منذ أشهر، واستمرت الاشتباكات لعدة ساعات، سقط خلالها عدد من القتلى والجرحى من الطرفين، كما اعتقل كل طرف عدداً من مسلحي الطرف الآخر.

وكالعادة بدأ الأمر على أحد حواجز "أحرار الشام"، حيث طلب عناصر الحاجز من أبو جويرية من عناصر "داعش" تسليم سلاحه قبل عبور الحاجز، فرفض هذا الامر، فما كان من عناصر الحاجز إلا ان أطلقوا النار عليه وأردوه قتيلاً. وعندما شاع خبر مقتله، أعلن عناصر "داعش" الاستنفار العام في كامل البلدة وبدأت الاشتباكات بين الطرفين.

وقد علمت "السفير" من مصدر ميداني أن خمسة قتلى سقطوا لـ"داعش"، عرف منهم المدعو يسمى "أبو يوسف الأنصاري"، بينما لم تذكر أسماء قتلى "أحرار الشام". واكتفى المصدر بالقول إن الحركة فقدت قائدها العسكري في المنطقة وعدداً من العناصر معه.

إلا أن مصدراً من "حركة أحرار الشام"، أكد بدوره لـ"السفير" أن سبب الاشتباكات هو قيام عناصر من "داعش" باعتقال شخص (لم يذكر اسمه) بتهمة أنه "شبيح"، وكانوا يجرونه مقيداً من يديه ورجليه لتنفيذ العقوبة بحقه، وهي في مثل هذه الحالات القتل، فقام عناصر "حاشا"، بناءً على أوامر من قائدهم في المنطقة، بمنعهم من تنفيذ العقوبة، ما أدّى إلى اندلاع الاشتباكات.

وبحسب الحساب الرسمي لولاية حلب (التابع لداعش) فقد قام "أحرار الشام" بقتل ستة عناصر من "الدولة الاسلامية" وأسر عدد آخر في مسكنة. وعزت ولاية حلب ذلك إلى سببين، الأول: انشقاق 15 مسلحاً من "أحرار الشام" وانضمامهم إلى "داعش"، وأنه عندما علم قائد "أحرار الشام" بانشقاق العناصر، وغالبيتهم من أقاربه، أرسل رتلاً لاستعادتهم، أما السبب الثاني فهو قيام "داعش" باعتقال شبيح من عشيرة خفاجة، وهي العشيرة نفسها التي ينتمي إليها غالبية مسلحي "أحرار الشام".

يذكر أن هذه الاشتباكات بين "داعش" و"حاشا" تأتي بعد أيام فقط على تبادل الطرفين اتهامات بالخيانة والتخاذل في أعقاب فشلهما في إحراز تقدم في معركة الشيخ سعيد بحلب، والتي أطلقا عليها معركة "الفتح"، فاتهم كل طرف منهما الآخر بأنه سحب قواته من أرض المعركة من دون إعلام شريكه، ما أدى إلى سقوط عدد كبير من القتلى في صفوفه.

كما تأتي الاشتباكات بعد ساعات من الهجوم الأخير الذي شهدته منطقة باب الهوى على مستودعات الأسلحة التابعة لـ"هيئة أركان الجيش الحر"، وظهور مؤشرات على احتدام المعركة بين "داعش" و"الجبهة الإسلامية" بهدف فرض النفوذ والسيطرة على أهم منطقة حدودية مع تركيا، هي منطقة باب الهوى ومعبرها الاستراتيجي الذي لا غنى عنه.