"الثقة".. كلمة السر لإنجاح جنيف النووي

الثلاثاء ١٤ يناير ٢٠١٤ - ٠٩:١٠ بتوقيت غرينتش

ارتفعت يوم الاحد الثاني عشر من شهر كانون الثاني / يناير ، أعمدة الدخان الابيض من عواصم بلدان مجموعة 5+1 وايران ، تأييدا لما تم التوصل اليه من توافقات بين مساعد وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي ومساعدة منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي هيلغا اشميت ، وإيذانا بتطبيق إتفاق جنيف النووي ابتداء من 20 كانون الثاني يناير الحالي.

رغم كل ما قيل عن صعوبة المراحل التي سبقت وتزامنت واعقبت التوصل الى اتفاق جنيف، فانها ليست الا مدخلا الى مرحلة أعقد وأدق تستمر 6 اشهر، تكون "الثقة" فيها ضالة الجميع، فهي سر ديمومة اتفاق جنيف وبدونها لن تقوم له قائمة.


خلال الفترة التي ستبدأ في 20 كانون الثاني / يناير وتستمر ستة اشهر، سيكون الغرب فيها تحت المجهر الايراني، الذي سيراقب مدى جدية هذا الغرب في استعادة "الثقة" المفقودة ، عبر رصد كل شاردة وواردة تصدره عنه.
فترة الستة اشهر، عمر المرحلة الاولى من اتفاق جنيف، ستكون عبارة عن امتحان لمدى صدقية الغرب وفي مقدمته امريكا، في التوصل الى حل مشرف للبرنامج النووي الايراني ، يحفظ للشعب الايراني حقوقه النووية، كما تكفلها المعاهدات والمواثيق الدولية ، ويزيل، في المقابل، كل قلق يمكن أن يساور الغرب إزاء هذا البرنامج.


البعض ذهب بعيدا في تقصي أرباح وخسائر ايران أو الغرب جراء اتفاق جنيف، في محاولة لتأكيد مقولة ان جانبا ما يجب أن يكون الرابح والجانب الآخر سيكون لا محالة الخاسر. الا ان المتتبع الموضوعي لسير المفاوضات الصعبة والمعقدة بين ايران ومجموعة 5+1 وما تمخضت عنها من نتائج، يرى أن بنود اتفاق جنيف صيغت بالشكل الذي يكون فيها الجميع رابحا.


فإيران ستخرج رابحة وهي محتفظة بحقها في تخصيب اليورانيوم ، كما سيرفع الحظر الظالم الذي فرض عليها طوال الفترة السابقة، والغرب ايضا سيخرج هو ايضا رابحا من تطبيق الاتفاق، لانه سيكون عندها، كما يتصور هو، قد أحال دون انحراف البرنامج النووي الايراني صوب الاهداف العسكرية، لأن الغرب كان ومازال يعتقد، للاسف الشديد، او يحاول الايحاء للاخرين، بانه يعتقد صادقا ان ايران كانت تسعى لحيازة السلاح النووي طيلة الفترة الماضية ، وهو موقف بات واضحا للجميع غاياته واهدافه.


ومن اجل الوصول الى هذا الهدف ، هدف الجميع رابح ، ليس امام الاطراف التي وقعت على اتفاق جنيف الا ان تبني الثقة فيما بينها، وهي ثقة ، للاسف ضاعت تحت ركام هائل من السياسات والمواقف العدائية والظالمة للغرب ازاء الجمهورية الاسلامية في ايران وعلى مدى اكثر من ثلاثة عقود.


فإيران من جانبها، ومن اجل رفع هواجس وقلق الغرب وبناء الثقة معه ، ستعلق تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 بالمائة ، خلال فترة الستة اشهر، والمطلوب بالمقابل ان يرفع الغرب، لبناء الثقة مع ايران، جانبا من الحظر الظالم على الشعب الايراني الذي طال حتى الدواء والغذاء.


اخيرا ليس امام الغرب وايران من طريق يؤدي الى نهاية مشرفة ترضي الجميع، الا طريق بناء الثقة المتبادلة، فالثقة هي كلمة سر اتفاق جنيف، فبدونها ستعود أجواء الحرب تخيم على المنطقة، وهي حرب لن تكون في صالح أحد في حال وقوعها لاسمح الله، لذا على الجميع، ومن أجل إنجاح اتفاق جنيف، ان يتسلحوا بالثقة ومزيد من الثقة والثقة دوما.

*ماجد حاتمي