أسمع، قبل أن تفجر نفسك.. أنت غریب!

أسمع، قبل أن تفجر نفسك.. أنت غریب!
الخميس ١٦ يناير ٢٠١٤ - ٠١:١١ بتوقيت غرينتش

وأنا أهمّ بالكتابة حول الوحدة والتقريب، تستحضرني أكثر من صورة ويتداعى الى مخيلتي أكثر من مشهد، من حرب الجمل وواقعة كربلاء (في افضل القرون على الاطلاق!) حتى ثورة البحرين والتفجيرات اليومية في العراق والقتل المستمر في باكستان وافغانستان، والارهاب الذي يضرب منذ اكثر من سنتين سوريا (في آخر الزمان!).. ولم يخرجني من استغراقي ذاك سوى خبر التفجير الانتحاري الذي أصاب صباح اليوم (الخميس) أهالي الهرمل في لبنان والذي أوقع عشرات القتلى والجرحى!

والسؤال الذي يعلق بكل تلك المشاهد، هو: هل الوحدة ركن من اركان الاسلام؟ وماذا اذا لم يؤمن بها أحد؟ ولماذا اتوحد مع من يريد أهدار دمي وقتلي ولا يعتبرني أساساً من المسلمين؟!
تساؤلات لابد أن أجيب عليها قبل أن أشهر ايماني بالوحدة الاسلامية.

 

هل الوحدة ركن؟

من خلال أستقراء بسيط لآيات القرآن الكريم (ولن أعتمد هنا على الحديث فقد يصححه بعض ويضعفه آخرون، في حين ان محكم القرآن لا يناله مثل ذلك) سنجد ان الوحدة من مسلمات العقيدة، بل ان القرآن الكريم يفتح أفقاً أوسع من خلال مخاطبة دائرتين أخرتين خارج نطاق الاسلام ويدعوهما الى توحيد الموقف والتعاون، وهما: دائرة أهل الكتاب، ودائرة جميع البشر على اختلاف افكارهم وانواعهم وتوجهاتهم.
"وان هذه امتكم امة واحدة وأنا ربكم فأعبدون"
"وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء..."
"وأعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا..."
"أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه..."
"والذين اتخذوا مسجداً ضراراً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين..."
"قل يا أهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم..."
"يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله اتقاكم".

والى جانب ذلك نجد نسبة كبيرة من العبادات لها طابع جماعي، بل ان العديد منها لايتم الّا بصيغة الجمع! لذلك قد لا نجد عناءً في اثبات وجوبها وضرورتها ...

لكن الأهم هو: مع من أتحد ومن هو أخي في الايمان والرسالة.. هل لابد ان يعترف هو ايضاً بذلك؟
هنا لابد ان نثقف انفسنا على هذا الشعور وهو ان كل من نطق الشهادتين، أخ في الاسلام، يصان دمه و عرضه و ماله وان اختلفت معه في الفرع وحتى صغريات الأصول.. لأن الاصل في الامة ونقطة الألتقاء بين مذاهبها واتجاهاتها وافرادها، نقطتين لاغير: الايمان بالله والايمان بنبوة المصطفى (ص).. بل اكثر من ذلك حتى ان كان هو لايعي و يفهم و يدرك ذلك!
لكن هل يصدق ذلك مع من يهدر دمي و يفجر نفسه بين المسلمين وقد ابتدع لكل منهم ذريعة من أجل قتله واستباحة حرماته؟!

ان كان على مستوى الفكر، يبقى السجال معهم فكرياً وبحدود ما يذهبون اليه، بمعنى مكافحة الفكر التكفيري من خلال تقديم نموذج راق وصحيح عن الاسلام المحمدي، اسلام الرحمة والتواصل والمحبة. وايضاً بتفنيد ألأسس التي يقوم عليها هذا الفكر وهي شاذة والحمد لله بين المسلمين.

 

 

غربة التكفير

ان الفكر التكفيري يشعر بالغربة بين المسلمين، وهم يعترفون بذلك وقد ألفوا في ذلك الكتب، وهو والحمدلله محصور بين فئات محددة وصل التطرف بها الى حدّ تكفير بعضها تحت عناوين متعددة.. وكأنها تفقس مسببات التكفير وتنتج ما هو جديد منها في كل يوم!!

لكن أموال البترودولار هي التي غررت ببعض الناشطين والناس وغسلت أدمغة بعض البسطاء والشباب، في فترة سبات عاشتها الحواضن العلمية والثقافية الاسلامية ولم تؤد دورها بشكل صحيح في بيان وسطية الاسلام والتوازن في شخصية الانسان المسلم...

ومما لا شك فيه، فأن بعض هذا التشويه للأسلام مصدره المشروع الغربي الذي يهدف من خلال نشر هذه الصورة المشوهة والمزيفة عن الاسلام الى تأكيد حضوره ونشر قيمه وفرض هيمنته وانجاح انموذجه في منطقتنا والعالم.

لكن يبقى التكفيريون قلة وندرة بين اكثر من مليار ونصف المليار مسلم، وأن علا صراخهم وزاد صخبهم وساعدهم في ذلك اعداء الاسلام.

 

فضيحة الجناة!

ورغم ان الحوادث التي شهدتها المنطقة خلال العقدين الاخيرين كلفت الكثير من الدماء والاموال والطاقات، وافقدت جميع البلدان الكثير من الفرص والامكانيات، الّا انها رغم سوءها، كشفت قبح الصورة الحقيقية للفكر التكفيري، الذي بقى لفترة طويلة متحفياً خلف شعارات التوحيد والاسلام والبدع وماشابهها.. لقد شاهد العالم بأسرة كيف يقطع أتباع هذا الفكر رؤوس الاطفال وكيف يشق صدور القتلى ويقضم الاكباد والقلوب، وكيف يلعب "المجاهدون" برؤوس قتلاهم كرة القدم ويحرقونها ويمثلون بالاجساد، وقد نهى رسول الله (ص) عن المثلة حتى بالكلب العقور!!

ظهروا على حقيقتهم وانكشفت منابعهم مصادر تمويلهم ومن يقف وراءهم ويدعمهم.. وشاهد العالم كله فجاجة تعاليمهم وابتعادها عن قيم الاسلام الحقيقية، قيم المحبة والسلام " فالمسلم من سلم الناس من يده ولسانه" ونبي الاسلام (ص) انما جاء رحمة لكل البشرية ولأنقاذها من الضلال بالهداية والقول الحسن "وجادلهم بالتي هي أحسن".. وهذه بحد ذاتها الخطوة الاساس في طريق القضاء عليهم ونهايتهم وتخليص العالم من شرورهم وهمجيتهم.

*  علاء الرضائي