توقعات بسحب مقترح قانون مغربي يجرم التطبيع مع الاحتلال

توقعات بسحب مقترح قانون مغربي يجرم التطبيع مع الاحتلال
الجمعة ٢٤ يناير ٢٠١٤ - ٠٩:٥٢ بتوقيت غرينتش

تشير معطيات وتوقعات لمصادر برلمانية مغربية إلى احتمال سحب مقترح مشروع قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني نظرا لحساسية الموضوع، ولارتباطه بالثقل الدبلوماسي الدولي للمغرب.

وافاد موقع "القدس العربي" ان أولى بوادر سحب الدعم عن مقترح قانون تجريم التطبيع، الذي أعده "المرصد المغربي لمناهضة التطبيع"، جاءت بعد دعوة وجهها الحبيب بلكوش، القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة ورئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، قبل نحو شهر إلى الأحزاب التي تبنت هذا المقترح، وإلى مستشاري ملك المغرب محمد السادس، ورئيس الحكومة المغربية عبد الإله بن كيران، ووزراء الخارجية والداخلية، ورئيسي مجلس النواب والمستشارين، ورؤساء الأحزاب الثمانية الأوائل داخل البرلمان ورؤساء الفرق البرلمانية التي تقدمت بالمشروع لسحبه.
وقالت مذكرة المركز إن "المقتضيات الواردة في هذا المشروع خطيرة ولها انعكاسات سلبية على قضايا بلادنا الإستراتيجية والوطنية، خاصة أنه صادر عن أحزاب بعضها أدار والآخر لا يزال يدير الشأن الحكومي، بكل ملابساته وتحدياته وآثاره على وضع وعلاقات بلادنا. فضلا عن ضعف نجاعته تجاه القضية نفسها"، داعية الفرق المعنية إلى "مراجعة موقفها من هذا المشروع، الذي انطلقت ردود الفعل بشأنه بما لا يخدم مصالح بلادنا ودورها ومكانتها الدولية والإقليمية، والذي قد تكون له أيضا انعكاسات سلبية على علاقات المغرب مع الهيئات الأممية المكلفة بحقوق الإنسان".
وقد أعلن حزب الأصالة والمعاصرة مطلع الشهر الحالي على لسان ميلودة حازب، رئيسة فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، عن سحب مقترحه.
وينص مقترح قانون تجريم التطبيع على أنه "يعاقب كل من يساهم أو يشارك في ارتكاب أفعال التطبيع مع الكيان الإسرائيلي أو يحاول ارتكابها بعقوبة حبسية تتراوح بين سنتين وخمس سنوات، وغرامة تتراوح بين 100 ألف ومليون درهم (بين 12 ألف و120 ألف دولار)، فيما تسري أحكام هذا القانون على كل من اختار الجنسية الإسرائيلية".
وعرف المقترح التطبيع المعاقب عليه مع الكيان الإسرائيلي في "إنجاز أي عملية من العمليات التجارية المنصوص عليها في المدونة المغربية للتجارة مع الكيان الإسرائيلي"، مشيرا إلى أنه "يدخل في هذا الاتجاه كل شخص معنوي أو ذاتي مقيم بالمغرب أو خارجه، أو كان المطبع معه إسرائيلياً شخصاً ذاتياً أو معنوياً، أو تمت العملية بصفة عارضة أو متكررة مباشرة أو بالوساطة". وشدد المقترح على أن "يعاقب كل من ساهم أو شارك في ارتكاب أفعال التطبيع مع الكيان الإسرائيلي أو يحاول ارتكابها". كما يدخل ضمن عملية التطبيع التي يعاقب عليها المقترح "كل عملية مالية مع الكيان الإسرائيلي بما في ذلك العمليات البنكية والتأمينية، بالإضافة إلى كل خدمة من الخدمات المهنية أو الحرفية التي تتم مع الكيان الإسرائيلي، سواء كانت بالمقابل أو بالمجان".
وتتوقع مصادر برلمانية مغربية أن تسحب باقي الفرق النيابية مقترحاتها، خاصة بعد ردود الفعل السلبية التي أثارها، وتحذير زعماء يهود في الولايات المتحدة من تأثيرات هكذا قانون على الاقتصاد المغربي إذا ما تم إقرار المقترح. وكان شيمون صامويلز، أحد الزعماء اليهود الأمريكيين ورئيس مركز "سيمون ويسنتهال للعلاقات الدولية"، قد دعا في رسالة مفتوحة وجهها إلى العاهل المغربي إلى التدخل لإلغاء مقترح هذا القانون، معتبراً أن "من شأن المصادقة عليه أن تؤثر على صورة المغرب كبلد التسامح، والمعروف بعلاقاته المتميزة مع الجالية اليهودية عبر أنحاء العالم".
وعلق أحمد ويحمان، رئيس المركز المغربي لمناهضة التطبيع، على موقف حزب الأصالة والمعاصرة بالقول انه "يتضمن مفارقة وتناقضاً من خلال دعوته لسحب القانون من أجل تعميق النقاش".
واعتبر رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع أن "العديد من الإسرائيليين الذين يزورون المغرب على اعتبار أنهم يشتغلون في البحث العلمي هم في الواقع ينتمون إلى الجهاز العسكري للدولة العبرية". وقال ويحمان في ندوة صحافية احتضنها مقر صحيفة "أخبار اليوم"، لمناقشة مشروع قانون تجريم التطبيع، مخاطباً الناشط الأمازيغي البارز أحمد عصيد: "سبق للأستاذ عصيد أن استقبل عسكرياً في جبة طالب باحث قادم من معهد موشي ديان للأبحاث والدراسات. هذا ليس طالباً، بل عسكري صهيوني".
من جهته، رد عصيد خلال الندوة ذاتها قائلاً: "لا أعتقد بأن تجريم التطبيع هو عمل عنصري، بل هو عمل يمكن أن يمثل سنداً قوياً للقضية الفلسطينية وللمفاوض الفلسطيني في السياق الراهن". مضيفا أن "رفض التطبيع ليس رفضاً للآخر بقدر ما هو دفاع عن المستضعف، دفاع عن الشعب المضطهد والذي يعاني منذ عقود طويلة دون أن يوجد حتى الآن حل جذري ونهائي لقضيته". مشيرا إلى أن الإشكال هو في مستوى علاقة "مواطن – مواطن"، معتبراً سجن مواطن مغربي 5 سنوات لتعامله مع مواطن يهودي يحمل الجنسية الإسرائيلية وتغريمه مبلغ مليون درهم "ظلماً صريحا".
وفي ثاني أبرز رد فعل دولي على مقترح قانون تجريم التطبيع- الذي قطع كافة الأشواط اللازمة تشريعياً في انتظار المصادقة عليه- دعا فرانس تيمرمانز، وزير الخارجية الهولندي، العاهل المغربي إلى التخلي عن مشاريع القوانين المقدمة إلى البرلمان المغربي بتجريم الاتصالات مع الكيان الإسرائيلي.
وكانت أربعة فرق نيابية بالبرلمان المغربي لأحزاب العدالة والتنمية الحاكم والتقدم والاشتراكية (شريك بالائتلاف الحكومي) والاتحاد الاشتراكي والاستقلال (معارضة)، قد تبنت مقترح قانون يقضي بتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني، وقامت الفرق ذاتها بتسجيل المقترح لدى مكتب مجلس النواب في 30 من تموز/يوليو 2013 ليكون الأول لقانون مغاربي يناهض التطبيع، وبمبادرة من المجتمع المدني يشق طريقه إلى التشريع المغربي، حيث شددت الهيئات المدنية والحقوقية المناهضة للتطبيع بالمغرب على وجوب التعاطي الجاد للمؤسسة البرلمانية مع المقترحات حتى تأخذ مسارها التشريعي المطلوب.
وقد رصد الرأي العام المغربي، لاسيما الرقمي، بمزيج من الدهشة والاستنكار ما أفادت به تقارير صحافية من أن الجيش المغربي يقوم في الآونة الأخيرة بعقد عدد من الصفقات شراء معدات حربية عسكرية جديدة من بينها طائرات استطلاع إسرائيلية، حيث تزامنت تلك التقارير مع ختام الدورة الـ20 للجنة القدس الإسلامية التي عقدت للمرة الأولى منذ 12 عاماً برئاسة العاهل المغربي.
وشملت الصفقات عدداً من المعدات التكنولوجية العسكرية لمراقبة الحدود ومواجهة محاولات التجسس، حيث اقتنى المغرب من الکیان ثلاث طائرات استطلاع من نوع "هيرون"، على أن هذه الطائرات ليست الوحيدة التي قام الجيش المغربي بشرائها، حيث يدور الحديث عن شراء 4 طائرات أخرى من نوع "تورف"، وهي أيضاً طائرات تستعمل من أجل التجسس ومراقبة الحدود، في حين لم يعلن لحد الآن عن قيمة الصفقة.