الناتو و الرجعية العربية هم من أغتال ليبيا

الناتو و الرجعية العربية هم من أغتال ليبيا
الأحد ٣٠ مارس ٢٠١٤ - ٠٧:٤٥ بتوقيت غرينتش

لسنا هنا في مقام الدفاع عن نظام معمر القذافي الذي حكم ليبيا اكثر من اربعين عاما، فانتهى وحيدا دون صديق، لا على الصعيد الاقليمي ولا على الصعيد الدولي، بسبب شخصيته غير المتزنة وغير المستقرة، التي انعكست على سياسته التي جاءت بدورها متقلبة وغير متوازنة.

الجريمة الكبرى التي وصمت جبين حكم القذافي لليبيا بالعار الابدي، هي جريمة تغييب الامام موسى الصدر ورفيقيه، في الوقت الذي كانوا ضيوفا عليه تلبية لدعوة وجهها اليه القذافي نفسه، وهي جريمة كشفت انحراف هذه الشخصية التي كانت تعتبر نفسها تجسد اخلاق العرب الاصلاء في النخوة والوفاء واحترامهم للعهود، فاذا بها ابعد الناس عن هذه الاخلاق واجرأها على الغدر والخيانة.

الفوضى التي تضرب باطنابها في ليبيا منذ اسقاط نظام القذافي عام 2011 بعد التدخل الواسع لقوات الناتو وعرب الناتو من الدول الخليجية على راسها السعودية و قطر، كانت نتيجة طبيعية لهذا التدخل السافر، الذي كان هدفه السيطرة على النفط والثروات الطبيعية من قبل الغرب، والانتقام من قبل النظام السعودي من القذافي شخصيا، الذي بان وانكشف بعد الطريقة التي قُتل فيها.

تقارير صاردة عن اجهزة استخبارات لدول كبرى ولمنظمات دولية، حذرت من تحول ليبيا الى صومال ثانية، في ظل غياب حكومة مركزية قوية او جيش وطني قوي يمكن ان يفرض سيادة وهيبة الدولة على جميع الاراضي الليبية، وهذه الحالة يمكن بالتالي ان تحول ليبيا الى بؤرة للارهاب، تهدد المنطقة والعالم.

المتتبع لتطورات الاحداث في ليبيا المتجهة الى حافة الهاوية، يرى وبوضوح وجود ارادة دولية لا تريد الاستقرار لهذا البلد من اجل وضع اليد على ثرواته وفي مقدمتها النفط، حيث يقف المجتمع الدولي متفرجا على مايجري هناك من فوضى وتفجيرات واغتيالات، بعد ان ساهم في رسم هذا المشهد الماساوي، وهذا بالضبط ما اشار اليه وزير خارجية النيجر محمد بازوم عندما قال: يتعين على القوى الكبرى، التي لعبت دوراً في الإطاحة بالقذافي، وبالتالي في زعزعة استقرار المنطقة، العمل على ضمان أن يسود الاستقرار والديمقراطية في ليبيا.

الفوضى هو العنوان الابرز للمشهد الليبي، بعد ان تحولت ليبيا، الى مرتع للمجموعات المسلحة تسرح فيه وتمرح، حيث فاقت الاخبار القادمة من هذا البلد اخبار الصومال غرابة، يوما نسمع ان ميليشيات مسلحة تحاصر وزارتي العدل والداخلية، ومليشيات تحتل وزارة المالية واخرى تحاصر وزارة الخارجية، وقنبلة تنفجرعلى مدرج في مطار طرابلس الدولي، ويعيث تنظيم أنصار الشريعة فسادا في مدينة سرت، حيث يفتك هذا التنظيم بالجيش ويسطو على خزائن الدولة، بينما السيارات المفخخة تحصد ارواح الناس في كل مكان والاغتيالات بالجملة لعسكريين وسياسيين، وتتضاءل هذه الجرائم امام عملية اختطاف رئيس الوزراء و وزراء اخرين، وتم تتويج كل هذه الجرائم بجريمة سرقة النفط الليبي وما فضيحة  الناقلة «مورنينغ غلوري»،  لم ولن تكن الاخيرة في خضم الفوضى التي تغرق فيه ليبيا، التي تحولت الى ملجأ لكل المجموعات الارهابية في المنطقة لاسيما المجموعات المسلحة المرتبطة بالقاعدة بعد طردها من مالي، اما تهريب الاسلحة من ليبيا الى مصر وسوريا ودول الجوار الاخرى فحدث ولا حرج.

ان الحالة المزرية التي وصلت اليها ليبيا، التي خرجت من دكتاتورية القذافي لتقع تحت وطأة دكتاتورية المجموعات المسلحة، يمكن ان تكون درسا لباقي شعوب المنطقة التي تستعين بالاجنبي لاسيما بالناتو والغرب، الذي لايرى في علاقته مع الاخر الا من خلال مصلحته التي تدور دوما حول النفط،  لاسقاط الانظمة الدكتاتورية، بدون ان تكن هناك قوى وطنية يمكن ان تملا الفراغ الذي سيتركه الدكتاتور الذي ابتلع الدولة، لذا سيكون انهياره انهيار للدولة، كما حصل في ليبيا، عندما استعجل الغرب بدفع من الحكومات العربية الرجعية وخاصة الخليجية، اسقاط نظام القذافي دون وجود بديل، فكانوا كمن اغتال ليبيا، عندما وضعوها لقمة سائغة بمتناول المجموعات المسلحة .

سامح مظهر- شفقنا