الائتلاف السوري المعارض و تفاقم حالة الإستلاب السياسي

الائتلاف السوري المعارض و تفاقم حالة الإستلاب السياسي
الأحد ٠٤ مايو ٢٠١٤ - ٠٥:٥٠ بتوقيت غرينتش

لا يختلف اثنان حول حقيقة فشل القوى الدولية والاقليمية ، في تسويق الائتلاف السوري ، كمعارضة يمكن الاتكال عليها للتاثير على تطورات الازمة السورية ، ودفعها نحو تحقيق هدف هذه القوى والمتمثل باسقاط الرئيس السوري بشار الاسد.

لا يبدو ان هناك تناسبا بالمرة بين الدعم الهائل الذي يتلقاه الائتلاف السوري المعارض من قبل امريكا والغرب و"اسرائيل" والسعودية وقطر وتركيا ، وبين دوره وتأثيره ، الذي يصل الى حد الصفر، على الساحة السورية وتطوراتها، وهو ما أثار تساؤلات حول جدوى مواصلة الدعم الحالي والمكلف، لهذه المجموعة.

يعود السبب الاول والاخير الى نحول وضعف هذا الائتلاف المعارض رغم كل عمليات النفخ المادي والاعلامي ، الى طبيعة هذا الائتلاف ، فهو لا يمت بأي صلة الى المجتمع السوري ، فاغلب رموز هذه الائتلاف غادروا سوريا قبل عقود من الزمن ويحملون جنسيات الدول التي يعيشون فيها ، الا أنه جيء بهم الى الواجهة بارادة سياسية دولية واقليمية ، والا فهي غريبة عن كل ما هو سوري ، ويمكن تفهم هذا الامر من خلال تتبع المواقف الشاذة التي تصدر عن هذا الائتلاف ورموزه إزاء القضايا الخاصة بسوريا والقضايا الاقليمية.

مواقف الائتلاف وكبار رموزه من قضايا الامة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية ، كشفت حقيقة ان هذا الائتلاف يتحرك بارادة اقليمية لا تأخذ الواقع السوري بنظر الاعتبار، فهي تارة تؤكد على ضرورة اقامة علاقات طبيعية مع الكيان الصهيوني، ودعوة هذا الكيان الى التدخل عسكريا لاسقاط النظام السوري، في مقابل التنازل عن الجولان المحتل ، وليس خافيا مناصبة هذا الائتلاف العداء لمحور المقاومة، وتبنيها المطلق لقرارات ومواقف الرجعية العربية كالسعودية وقطر ازاء مجمل القضايا الاقليمية والدولية، وتناغمها حتى التواطؤ مع القاعدة والمجموعات التكفيرية.

ويمكن الاشارة الى آخر موقف من مواقف هذا الائتلاف والبعيدة كل البعد عن الروح الوطنية ويؤكد انفصاله عن المجتمع السوري بالكامل، ويكشف تطبيقه الحرفي توصيات الجهات التي انتجته ونفخت به وضخمته، وهو البيان الصادر قبل ايام عن الائتلاف السوري عقب قصف القوات العراقية قافلة مؤلفة من 8 صهاريج عند الحدود الحدود الدولية بين سوريا والعراق ، وهي تحاول نقل وقود من سوريا إلى تنظيم داعش الارهابي في محافظة الأنبار غربي العراق، فقد اعتبر "هادي البحرة" أمين سر الهيئة السياسية للائتلاف، ان الاجراء العراقي بانه اعتداء على الشعب السوري .. وأن الأسد حوّل سوريا إلى دولة مستباحة الحدود .. وان هذا النوع من الهجمات يشكّل اختراقاً للسيادة الوطنية .. وان حكومة المالكي تقوم بتصدير معظم التشكيلات الإرهابية إلى سوريا بالتنسيق مع نظام الأسد ... وان المالكي حليف استراتيجي لنظام الأسد!!.
هذا الموقف يؤكد ان الائتلاف تحول، وبارادة سياسية اقليمية، الى ناطق رسمي باسم داعش والقاعدة، وينفذ السياسة السعودية والاسرائيلية وبدقة متناهية، والا الم يتهم الائتلاف ورئيسه الجربا الحكومة السورية بأنها متواطئة مع داعش ضد الثوار؟ !!،  فكيف نفسر هذا الغضب الصادر عن الائتلاف لقصف القوات العراقية ، التي يدعي الائتلاف بانه حليف استراتيجي للاسد ، لصهاريج محملة بالوقود الى داعش في العراق؟، لماذا كل هذه الغيرة المفاجئة على سوريا وحدودها من قبل الائتلاف ، بينما هو يستجدي تدخلا عسكريا للكيان الغاصب لاقدس مقدسات المسلمين ، وهو الكيان الصهيوني ، لتدنيس الارض السورية بهدف إسقاط النظام السوري؟، اين ذهبت غيرة الجربا وهادي البحرة عندما قامت وتقوم القوات التركية وجيش الاحتلال الصهيوني ، بالتدخل العسكري المباشر في الحرب الدائرة على سوريا لدعم العصابات التكفيرية ؟، اليس من حق العراق الذي تقتل فيه داعش المجرمة كل شهر اكثر من الف انسان ، ان يدافع عن شعبه ضد عدو مشترك شرس، وهو تنظيم داعش الارهابي؟، الا يمثل هذا الموقف ، الموقف الرسمي لاسرائيل والسعودية وقطر وتركيا؟.

ان المتتبع لمواقف الائتلاف السوري ازاء الازمة السورية والتطورات الاقليمية والدولية ، يقف على حالة مزرية من الاستلاب السياسي ، افقدت هذه الجماعة القدرة على صياغة "أنا" ، حتى باهتة ، يمكن ان تشكل حالة سورية ، بعيدة عن املاءات قوى اقليمية ، لا تسعى لاسقاط النظام السوري فقط ، بل تحاول تفتيت وتشتيت سوريا وشعبها ، والانتقام ، لكل مخططاتها التي افشلتها سوريا في اطار الصراع الدائر مع أعداء الامة من الصهاينة والرجعية والعصابات التكفيرية.

نجم الدين نجيب - شفقنا