لا يا معالي الوزير .. "أنصارالله" ليسوا "داعش"

لا يا معالي الوزير ..
الأربعاء ٠١ أكتوبر ٢٠١٤ - ١١:٥٧ بتوقيت غرينتش

لا من باب التشفي ولا من باب التهكم ، بل من باب التعاطف ، اقول ان القيادة السعودية في موقف حرج جدا على صعيد علاقاتها الاقليمية والدولية بسبب ممارسات وسلوكيات التنظيمات المسلحة التي تعتنق الفكر الوهابي التكفيري ، الامر الذي يجعل هذه القيادة في وضع لا تحسد عليه بالمرة.

القيادة السياسية السعودية تعاني كثيرا منذ فترة ليست بالقصيرة من توأمها الديني ( القيادة الدينية المتمثلة بآل الشيخ احفاد محمد بن عبد الوهاب)، بسبب القراءة الشاذة للاسلام التي يعتمدها هذا التوام الوهابي، وهي قراءة قائمة على التكفير والاقصاء والعنف والتطرف، وهو ما يجعل الشاب الوهابي الطبيعي انسانا على اهبة الاستعداد للقتل وارتكاب ابشع الجرائم دون ان يرتد له طرف، وهو ما تجسد عمليا في سلوكيات كل التنظيمات السلفية بمختلف فروعها.

القيادة السياسية السعودية، والمتمثلة بآل سعود، تشعر بانها مدينة في بقاء ملكها لتوأمها القيادة الدينية المتمثلة بآل الشيخ، كما انها  تشعر بفضل الوهابية عليها، لاستخدام افكارها لتحقيق اهداف سياسية كما حصل في افغانستان عندما حاربت بالسلاح الوهابي الجيش الاحمر السوفيتي، وقبل ذلك تصدت بهذا السلاح للناصرية والقومية العربية، ويبدو انها نجحت حينها في استخدام هذا السلاح، ولكن وبعد سطوع نجم طالبان والقاعدة في افغانستان، بانت بشاعة الفكر الوهابي وتناقضه مع الفطرة الانسانية ومع الحياة بشكل اكثر وضوحا، عندها احست القيادة السياسية في السعودية، ان اصابع الاتهام تشير اليها مع كل جريمة ترتكبها التنظيمات الوهابية السلفية المسلحة في اي مكان بالعالم، لعلم الجميع ان الفكر الوهابي السلفي ما كان لينتشر كالوباء في العالم لولا وجود ارادة سياسية قوية تقف وراء مخطط نشر هذا المذهب الكارثي في العالم.

الطبيعة البشعة والاجرامية بل وحتى السادية للتنظيمات التكفيرية الوهابية، برزت وبشكل واضح مع الغزو الامريكي للعراق عام 2003 ، حيث تجسدت هذه الافكار على شكل تنظيمات مثل القاعدة واخواتها وبناتها، عاثت ومازالت تعيث فسادا في العراق، وبعد الازمة السورية اضيفت شقيقات اكثر وحشية من القاعدة الى اسرة القاعدة الدموية، مثل "داعش" و"النصرة"، وجميع هذه التنظيمات خرجت من رحم الوهابية التوام الديني لال سعود.

كما اخطات القيادة السعودية في افغانستان عندما اوجدت القاعدة هناك، وكما اخطات عندما اوجدت القاعدة في العراق، اخطات هذه المرة ايضا عندما اوجدت "النصرة" و"داعش" في سوريا ، فهذه التنظيمات التكفيرية الوهابية ورغم فشلها في تحقيق الاهدف السياسية للقيادة السعودية ، كشفت وبشكل واضح لا لبس فيه بشاعة وقبح المذهب الوهابي التكفيري ، فالممارسات التي تجاوزت حتى الوحشية ل"داعش" و "النصرة" في العراق وسوريا ولبنان والجزائر وباقي البلدان الاخرى، لم تدع مجالا للقيادة السعودية ان تستثمر نتائج فظاعات "داعش" و "النصرة " التي استفزت مشاعر شعوب العالم قاطبة، بل ومرة اخرى، اشارت جميع الاصابع وفي مختلف انحاء العالم الى مسؤولية السعودية فيما وقع ويقع من اجرام، باعتبارها الام الشرعية للفكر الوهابي!!.

بعد ان شعر العالم بضرورة القيام بعمل سريع لوقع انتشار الوباء "الداعشي الوهابي" في المنطقة والعالم، اضطرت السعودية وشقيقاتها الخليجيات لدخول التحالف الدولي لمحاربة "داعش"، لمماشاة السيد الامريكي الذي اقتضت الظروف ان يغير تكتيكاته في المنطقة، ولازالة  كل اثر قد يظهر دور هذه الدول في انتاج "داعش" و "النصرة".

الملفت في الاستراتيجية السعودية الجديدة، وجود محاولات سعودية مستميتة لوضع حركات تحرر كبرى قارعت الاحتلال والارهاب الصهيوني على مدى عقود مثل حزب الله في لبنان، وكذاك وضع حركات وطنية مشهود لها على وطنيتها وعلى مسؤوليتها تجاه شعبها وتضحياتها من اجل تحرره من الاستبداد والاستعباد مثل حركة انصار الله في اليمن، في خانة واحدة مع تنظيمات تكفيرية وهابية ارهابية مثل "القاعدة" و "داعش" و "النصرة" ، ومحاولة تسويق هذه الفكرة، على عقمها، الى الاخر، لاسيما الغربي.

وفي هذا الاطار تأتي التصريحات الاخيرة لوزير الداخلية السعودي الامير محمد بن نايف الذي اعلن في مؤتمر صحفي عقده في مكة المكرمة :"ان تنظيمات داعش والقاعدة والحوثيين تعلم جيدا حزمنا تجاه من يفكر في المساس بحدودنا، والمملكة ستواجه تلك التنظيمات بكل حزم اذا فكرت المساس بأمنها".

وفي اشارة الى التطورات الاخيرة التي شهدها اليمن قال :"يؤسفنا ما آل إليه الوضع في اليمن والذي يضر بمصالح الشعب اليمني ويعطي للقاعدة التي تتمركز عناصرها في اليمن وللحوثيين مجالا لتعريض أمن اليمن ودول الجوار للخطر".

نقول للامير نايف ان ما تقوم به، وما تقوم به باقي شقيقات السعودية وما تقوم به الامبرطوريات الاعلامية السعودية والخليجية، لايعدو كونه حرث البحر، فحزب الله لن يكون القاعدة وانصار الله لن يكون "داعش" و "انصار الشريعة"، فاين الثرى من الثريا، وان الفكر الذي يحرك حزب الله وانصار الله، يختلف اختلافا جذريا مع الفكر الذي يحرك تلك التنظيمات التكفيرية، فلا مكان للتكفير والذبح والتفخيخ والتمثيل بالجثث واكل لحوم البشر واغتصاب النساء وقتل الاطفال ودفن الناس احياءا وهدم المساجد والكنائس واغتيال العلماء والتنكيل بالاسرى، لا مكان لكل هذا الاجرام في ثقافة ولا في ممارسة حزب الله وانصارالله، وهذا امر بات واضحا وضوح الشمس في رابعة النار، فهذا تاريخ حزب الله الذي اذل الصهاينة واسيادهم، دون ان يقوم بممارسات وحشية سادية، كما ارتكبت القاعدة، وهذا تاريخ انصار الله الذي دافع ومازال يدافع عن كل اليمنيين كما يدافع عن انصاره من دون ان يمارس افاعيل القاعدة في اليمن والتي تدعي الدفاع عن اهل السنة، وجميعنا يتذكر الجريمة البشعة واللاانسانية التي ارتكبتها عصابات التكفير الوهابي في مستشفى العرضي في صنعاء عندما ابادت وبدم بارد المرضى والاطباء والمراجعين والموظفين والاطفال دون تمييز.

ليس صدفة، الا توافق اي جهة في العالم السعودية في تصنيفها الشاذ هذا، الا رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو، فهو الوحيد الذي يوافق الامير نايف فيما ذهب اليه، فاذا كان بالامكان تفهم خلفية موقف نتنياهو من حزب الله، الذي قهر جيشه واذله، ترى كيف يمكن ان نتفهم موقف الامير نايف من حركة انصار الله ؟ ، وهي حركة ينحصر اطار نشاطها السياسي داخل حدود اليمن، وترفض التدخل في شؤون الاخرين كما ترفض ان يتدخل الاخرون في شؤون اليمن، وهو ما اكدته التجربة التاريخية للحركة، فيما "داعش" تضرب كالسرطان في جميع دول المنطقة مهددة امن واستقرار مجتمعاتها، فاي انسان يملك ذرة من عقل او وجدان يمكن ان يضع هذه المتناقضات في سلة واحدة؟ .. ولكن الحقد والطائفية والتبعية تفعل ذلك.

*منيب السائح- شفقنا