حرب النفط.. جبهة سعودیة - أميركیة جدیدة

حرب النفط.. جبهة سعودیة - أميركیة جدیدة
السبت ٢٢ نوفمبر ٢٠١٤ - ٠١:٥٧ بتوقيت غرينتش

جمیع الحروب التي حملها الغرب وقواه الاستعماریة علی منطقتنا العربیة والاسلامیة، بل والعالم بأسره، كانت حروب الجشع الرأسمالي والامبریالي التي اعتبروها نتاجا طبیعیا لتطورهم الاقتصادي !

حتی حروبنا الداخلیة ودعاوی القبائل بیننا لم تكن الاّ انعكاسا لمصالح الغربیین وان تعذرت بالوطنیة والایدولوجیا والتراث والمقدسات.. عفوا علی المصارحة بهذه الحقیقة المرّة... لكن ما الذي یریدوه منا.. توابلنا، قمحنا، قطننا، نفطنا، غازنا.. فالیاتوا ویاخذوه! من منعهم من الحصول علیه.. فلماذا یصرون علی تدمیرنا وسحقنا.. ولماذا یتحالف بعض الخونة منا مع هؤلاء الغزاة؟ !

بهذا المدخل أرید أن أتحدث عن الموقف السعودي الغریب والمشین في التباني مع الغرب لضرب اقتصادیات المنطقة ودخل البلدان المصدرة للنفط والذي لا یمكن ان یبرر مهما حاولت المملكة السعودیة ومن یقف وراءها التبریر لذلك اقتصادیا وبالنمو العالمي...
لان ما یتحدث به الغربیون أنفسهم یبطل الدعوی السعودیة، فهذا توماس فریدمان یقول في صحیفة نیویورك تایمز قبل اسابیع:
" هل أتخیل فقط، أم أن هناك حرب أسعار نفط عالمیة تجري بین الولایات المتحدة والسعودیة في جانب ضد روسیا وایران في الجانب الآخر؟"

اذن، هي حرب ضد روسیا وایران وفنزویلا والعراق والجزائر و... جميع الدول المصدرة للنفط.. حتی لو تضررت منها بعض شقیقات السعودیة نفسها، فهذه الكویت بدأت تتحرك لانقاذ اقتصادها بسبب انخفاض عائدات النفط وهذا العراق سیفقد ما یقرب خمس میزانیته بسبب هذا الاجراء السعودي وسیطال الضرر الامارات وسلطنة عمان ایضاً..

المبرر السعودي یدور حول: اولا، ابطال مشروع النفط الصخري الأميركي من خلال اظهاره باهض التكلفة مقارنة بسعر النفط الشرق أوسطي والروسي في حین ان البحث عن البدائل لن یتوقف أميركا مهما تعلمنت السعودية في موقفها! واكبر شاهد علی ذلك انبوب النفط الذي یجري مده من البیرتا الكندیة حتی انبراسكا وبطول ( 1200 میل) لینقل یومیا 830 ألف برمیل الی أميركا! وثانیا، تحسین اداء ونمو الاقتصاد العالمي، فهل یجب أن نضحي بمتطلباتنا الأساسیة ونظهر العجز ي ميزانياتنا لكي نحقق الرفاه للشعوب الغربیة وزیادة فوائد الرأسمالیین هناك؟!
 

في حین ان حقیقة الموقف السعودي، هو :
1. الضغط علی روسیا انتقاما لموقفها في الأزمتین الاوكرانیة والسوریة، وتقلیل عائداتها التي تعتمد بنسبة كبیرة علی صادرات النفط والغاز، بالتزامن مع العقوبات الأميركیة والاوربیة المفروضة علیها...
2.  الضغط علی ایران واستنزافها اقتصادیا مع بوادر تحسین اقتصادها نتیجة للاتفاق المبدئي مع 1+5 في نوفمبر الفائت والذي قد یتعزز في الایام القليلة القادمة...
3. الاقتراب من السیاسة والمواقف الأميركیة والغربیة عموماً بعد المشاكل التي اعترت هذه العلاقات أثر الاخفاقات السعودیة والغربیة في العدید من ملفات المنطقة.. حتی بلغ بها الوضع ان تضحي بمصالحها المباشرة ومصالح شقیقاتها الخلیجیات خدمة لأميركا والغرب!

والموقف السعودي النفطي لا یمكن فصله عن مجمل المواقف السعودیة التصعیدیة والذي قد یعبر عن مرحلة قاسیة من الصراعات لفك الخناق الذي تواجهه السیاسة الأميركیة في المنطقة والتخفیف عن الضغوطات التي تطال الكیان الصهیوني بسبب سیاسته العنصریة.. وجعل الصراع في النهایة لصالح القوی الغربیة والصهیونیة، وهو ما نراه في موقفها من الحلّ السیاسي في سوریا وازاء الوضع في الیمن وتجاه الملف النووي الایراني وانتخاب الرئیس في لبنان واخیراً مطالبتها مجلس الامن ادراج حزب الله ضمن قائمة المنظمات الارهابیة!

ان اغراق السوق النفطیة والاصرار علی سقف متصاعد من الانتاج رغم تدني سعر البرمیل الی ما دون الـ 80 دولاراً، وهو النزول الذي لم تشهده أسواق النفط العالمية منذ 2010، یبین عودة السعودیة والغرب الی لعب نفس اللعبة القدیمة في مواجهة ایران والعراق أيام الحديث عن الاحتواء المزدوج وما انتهى اليه الوضع من احتلال الكويت وتأصيل التواجد العسكري الغربي وانتشار الارهاب، الأمر الذي یستدعي معالجة تفوق مجرد الدبلوماسیة في اطار اوبك، بل لابد من نقل القرار النفطي العالمي من ید الولایات المتحدة وحلیفاتها الخلیجیات او التاثیر علیه باتجاه تعدیله وجعله واقعیا یلحظ مصالح الدول المنتجة وبعیداً عن التجاذبات السیاسیة، كما تدعي أميركا والسعودیة!

بقلم: علاء الرضائي