وأضاف الداعية التركي الذي يعيش في اميركا والذي أصدرت محكمة تركية يوم أمس قرارا بإلقاء القبض عليه، في حوار خاص مع جريدة Süddeutsche Zeitung ""SZ"" الألمانية بأن الناخبين من حركة الخدمة، والتي اسسها هذا الداعية، قد "دعموا الحزب الحاكم في البداية إلا أنهم بعد ظهور هذا التغيير الملاحظ في مسيرة الحزب اتخذوا تجاهه موقفا مناقضا له بعدما "تبينت محاولة حزب العدالة والتنمية ربط كل شيء بالسلطة التنفيذية، عقب التخلص مباشرة من الوصاية العسكرية، وتعطيله عمل المؤسسات المراقبة القانونية، ونزعه استقلال سلطة القضاء، أسس وصاية الحزب".
وأردف غولن في حديثه الذي أجري قبل إصدار قرار اعتقاله: "اتخذنا موقفا معارضا في السابق ضد الوصاية العسكرية ونقف اليوم كذلك ضد وصاية الحزب الواحد، وبسسب ذلك تم وصفنا بالخونة".
وذهبت الصحيفة الألمانية في تقديمها للحوار إلى أنه بالرغم من مرور سنة كاملة، لمزاعم الفساد والرشوة "لا زال أردوغان حاكما لتركيا"، واعتبرت الجريدة أن أردوغان "بات في مأمن أكثر مما سبق. فأردوغان الذي تولى رئاسة الجمهورية منذ مئة يوم تقريبا، يقيم في قصر عظيم، ويشدد في القوانين أكثر، ويعرض كل من انتقده من الصحفيين للتحقيق".
ولفت الداعية غولن في معرض جوابه عن سؤال الصحيفة الألمانية عن دعم حركة الخدمة للحزب قبل أن تتغير الأمور، بالقول: "وعد حزب العدالة والتنمية في مرحلة تأسيسها بالديمقراطية وحقوق الإنسان، وعضوية الإتحاد الأوروبي، والقضاء على الفساد، والكف عن إقصاء المختلفين في الاتجاهات والأفكار، والتنمية الاقتصادية وغيرها... فأنجز الحزب في السنوات الأولى أعمالا وفق ما وعدوا، وبالتالي حصلوا على تأييد ودعم أفراد حركة الخدمة".
وزاد المتحدث: "بعد انتخابات الولاية الثالثة التي أجريت سنة 2011 أخذوا في ممارسة أعمال ضد المكتسبات الديمقراطية. على سبيل المثال، ممارسة الضغط على الإعلام، ومنح صلاحيات متميزة لاستخبارات الأمن الوطني، وتطبيق طرق وأساليب سياسية تلك التي مارستها دائرة الأمن والاستخبارات الألمانية الشرقية سابقا ضد المخالفين، والاستهانة بأحكام القضاء وقراراتها، وممارساتهم المرفوضة ضد المحتجين الذي عبروا عن مطالبهم في إطار ديمقراطي، وغيرها من الأمثلة".
وعن موقفه من مزاعم الفساد، والتي فجرت الحرب الشعواء بين حزب أردوغان وجماعة الخدمة، أشار غولن إلى أن "المرحلة القضائية والقانونية لم تفعّل كما هو المطلوب، ولم يستطع أحد الإطلاع على حقيقة الأمر. وإذا كانت في الغرب مثل تلك المزاعم لتساقطت الحكومات أمام تلك الاتهامات. فـ"أنقرة" وصفت تحقيقات الفساد تلك، مؤامرة دولية حيكت ضدها، كما هو عادة الأنظمة السلطوية".
وسألت الصحيفة عن إمكانية التصالح مع أردوغان، فأجاب غولن بأن جماعة الخدمة لم تعلن الحرب، "لذا، ينبغي عليهم أن يخطوا الخطوة الأولى للمصالحة. غير أن أردوغان إذا ما اعترف يوما ما أن ما قاله في لقائاته الجماهيرية وسائر اجتماعاته إنما كان عبارة عن أكاذيب وافتراءات، فآنئذ أرضى بالمصالحة".
وعن أمله في المستقبل بتركيا، اشار غولن إلى أنه لم يسبق له قط أن كان سعيدا على المدى البعيد، حيث طُلب وتوبع في تركيا بعد كل انقلاب عسكري. رغم كل ذلك فإن ما يعيشه حاليا لهو الأدعى للاستياء. "الجميل فيما يحدث حاليا، هو تميز الألماس عن الفحم شيئا فشيئا. فالعالم حاليا يستطيع أن يفهم تلك الحركة".
إلى ذلك عرفت السنة الماضية مواجهة بين الحكومة التركية التي يقودها حزب العدالة والتنمية وجماعة الخدمة التي يقودها الداعية التركي المعروف محمد فتح الله غولن، على خلفية تفجير مزاعم حول ملفات فساد ومحاولة الانقلاب على أردوغان فيما عرف باحتجاجات ساحة تقسيم.
وقد عانت الحكومة التركية من تبعات الخلافات السياسية حيث حسم أردوغان انتصار حزبه خلال الانتخابات البلدية وانتخابات الرئاسة التي بوأته رئاسة جمهورية تركيا في أول انتخابات مباشرة عرفتها تركيا، وذلك خلال الدورة الأولى.
وأبدى أردوغان عزمه على تجفيف جماعة الخدمة من تركيا خلال خطاب النصر من على شرفة النصر بمقر حزبه بأنقرة، وقال في خطابه بأنه أصبح رئيسا لكل تركيا باستثناء جماعة الخدمة التي تعهد بمواصلة الحرب ضدها.