الفتق التركي أكبر من ان يُرتق

الفتق التركي أكبر من ان يُرتق
الخميس ١٥ يناير ٢٠١٥ - ١١:٣٤ بتوقيت غرينتش

سياسة الحكومة التركية ازاء الازمة السورية ، وخاصة علاقة هذه الحكومة مع التنظيمات التكفيرية وخاصة "داعش" ، اشبه ما تكون بسياسة النعامة ، ففي الوقت الذي يشهد العالم كله ، حتى حلفاء تركيا ، على تورط هذه الحكومة حتى اذنيها في الحرب الدائرة في سوريا ، وتحالفها الظاهر مع "داعش" ، نرى هذه الحكومة ما تنفك تنفي ، بسبب او بدونه ، اي علاقة لها ب"داعش" واخواتها.

حتى عندما احتلت "داعش" محافظات الموصل وصلاح الدين والانبار في العراق ، و اخذت تهدد بغداد ، ظل الرئيس التركي رجب طيب اردوغان يرفض ، ومازال يرفض ، تقديم اي مساعدة للتحالف ، الذي شكلته امريكا بعد غزو "داعش" للعراق ، لضرب "داعش" ، مشترطا على التحالف جعل اسقاط النظام في سوريا هدفا للتحالف قبل تقديم اي مساعدة ، بل انه طعن كورد "كوباني" (عين العرب) الذين حاصرتهم "داعش" بالقرب من حدود تركيا ، من الخلف ، عندما رفض تقديم حتى المساعدات الانسانية للمحاصرين في المدينة التي ليس لها منفذ على  العالم سوى المنفذ الحدودي مع تركيا.
تركيا لم تغلق الحدود الشمالية "لكوباني" لتكمل بذلك حصار "داعش" على المدينة فحسب ، بل حولت منفذ "باب الهوى" الحدودي الذي يربط "كوباني" بالاراضي التركية ، الى منفذ تستخدمه "داعش" لضرب الكورد ، وبان ذلك عندما نقلت عدسات الكاميرات التي تراقب القتال في "كوباني" ، تصاوير دخول سيارة "داعشية" من الاراضي التركية عبر "باب الهوى" ، لتنفجر في المنطقة الشمالية "لكوباني" !! ، هذا بالاضافة الى التدخل العسكري التركي الواضح والفاضح في الحرب الدائرة في سوريا لصالح "داعش" ، كما حصل في القصف المدفعي التركي للتغطية على دخول عناصر من "داعش" في مدينة كسب السورية القريبة من الحدود ،  واسقاط الطائرات السورية ، واقامة معسكرات تدريب لمقاتلي "داعش" داخل الاراضي السورية ، وفتح مستشفيات التركية امام جرحى "داعش" ، وتسهيل دخول المسلحين القادمين من مختلف انحاء العالم الى سوريا عبر الاراضي التركية ، واحتضان "المعارضة السورية " وتبني خطابا اكثر تطرفا من متطرفي "المعارضة" وحتى من باقي حلفاء الناتو ومن بينهم امريكا ، وتسليح "داعش" بمختلف انواع الاسلحة.
ان تسليح الحكومة التركية ل"داعش" يعتبر من اكثر فصول العلاقة بين تركيا و "داعش" فضائحية ، حاولت الحكومة التركية التغطية عليها دون جدوى ، ومن بين هذه الفضائح ، فضيحة قافلة الشاحنات التركية التي كانت محملة بالاسلحة الى "داعش" ، والتي اعترضها عناصر من الدرك التركي العام الماضي عند الحدود السورية ، بينما كانت تواكبها عربات تابعة للاستخبارات التركية!!.
وبعد انكشاف امر هذه القافلة  سارعت انقرة إلى لملمة القضية ، ونفت نفيا قاطعا بانها دعمت المجموعات التكفيرية وخاصة "داعش" ، وقامت بنقل المدعي الذي اشرف على العملية الى منصب اخر ، في حين لاحقت عناصر الدرك الـ19 الذين شاركوا في الكشف عن قافلة الاسلحة بتهمة التجسس.
فضائح الحكومة التركية الخاصة بتسليح "داعش" لم تنته عند هذا الحد ، ففي يوم الثلاثاء 13 كانون الثاني / يناير ، قام صاحب حساب "لازيبيم" على تويتر بنشر وثائق تؤكد ان الشاحنات كانت تابعة للاستخبارات التركية وطُليت للتمويه بالوان منظمة انسانية ، الامر الذي دفع الحكومة التركية في اليوم التالي اي يوم الاربعاء 14 كانون الثاني / يناير الى حظر تناول وثائق تثبت هذا الامر( تسليح تركيا ل"داعش") ، عبر وسائل الاعلام وشبكات التواصل الاجتماعي ،  وعمم المجلس الاعلى للاذاعة والتلفزيون، الهيئة المراقبة للاعلام التركي على كافة وسائل الاعلام وتويتر وفيسبوك قرارا قضائيا يهدد بملاحقات في حال نشر هذه الوثائق ، و وفقا لهذا القرار يجيز اغلاق مواقع الكترونية وحسابات على فيسبوك وتويتر تعمد الى نشر هذه الوثائق.
ان سياسة مسك العصا من الوسط واللعب على الحبلين لم تعد تنطلي على احد ، فتصريحات اردوغان النارية ضد مشاركة رئيس الوزرء الصهيوني بنيامين نتنياهو في مسيرة باريس المناهضة للارهاب ، لم تعد تقنع الاخرين ، وهم يرون كيف ارسل اردوغان رئيس وزرائه داود اوغلو الى باريس ليمشي جنبا الى جانب مع نتنياهو للتنديد بالارهاب !!، فحبل الكذب قصير ، اقصر مما يتصور اردوغان.
ان كل شعارات اردوغان وتصريحاته "النارية" ضد "اسرائيل" ، وموقفه من الهجوم الذي تعرضت له مجلة "شارلي ايبدو" ، ومشاركة نتنياهو في مسيرة باريس ، وقبل ذلك مواقفه من الازمة السورية ودفاعه عن  "الثوار"  في سوريا ، وتنظيرات منظر سياسته الخارجية  دواود اوغلو ، وتبريره المستميت لهذه السياسة والمواقف ، لم ولن ترتق فتق تركيا ، فهو فتق اكبر من يُرتق.


بقلم: ماجد حاتمي - موقع شفقنا