تركيا ومستقبل اردوغان على المحك

تركيا ومستقبل اردوغان على المحك
الأحد ١٥ فبراير ٢٠١٥ - ٠٧:٣٦ بتوقيت غرينتش

الاتهامات لتركيا بدعم الإرهابيين في سوريا والعراق ليست مجرد اتهامات ولا إفتراءات، بل تستند على حقائق ووقائع.

الى جانب تمرير السلاح الكيماوي الذي استُخدم في الغوطة الشرقية في آب/اغسطس 2013، تسهيل مرور المقاتلين القادمون من الزوايا الاربعة للعالم الى الأراضي السورية بحماية المخابرات التركية، تهريب النفط المسروق من سوريا والعراق الى الاسواق العالمية (شراءه بأسعار متدنية وبيعه بالسعر العالمي والمتهم الاول بلال إردوغان ابن الرئيس اردوغان بحسب تقارير غربية) وعلاقة إردوغان المريبة بالسعودي "ياسين القاضي" احد ابرز 13 شخصية سعودية متهمة بتمويل القاعدة والموضوع على القائمة السوداء للولايات المتحدة منذ ابريل/نيسان 2013، تمرير وسائل النقل الحديثة التي يستخدمها الداعشيون واقامة معسكرات تدريب بالتعاون مع الولايات المتحدة. احد الاتهامات المؤكدة لتركيا بدعم القاعدة كان في شهر يناير/كانون الثاني 2014. اكتشف الجيش التركي تمرير شاحنات تحمل سبع حاويات محملة بقذائف صاروخية بمرافقة المخابرات التركية، وعندما امر النائب العام في مدينة اضنة السيد عزيز طقجي بتفتيش ومصادرة الحاويات اعترض اردوغان مبرراً ذلك بعدم قانونية تفتيش الحاويات لانها تحت سلطة المخابرات، وتم عزله بأمر مباشر من اردوغان وتحويله مع 13 من عناصر الجيش للمحاكمة بتهمة "التآمر" التي تصل عقوبتها بالسجن لمدة اقصاها 20 سنة.
علاقة إردوغان بـ"ياسين عبدالله القاضي" وعلاقة الاخير بالقاعدة ليست جديدة. كشفت المخابرات الامريكية علاقة القاضي بالقاعدة بعد هجمات نيويورك 2001 وبأمر من وزارة الخزينة الامريكية جُمدت كل ارصدته في الولايات المتحدة. في ابريل/نيسان 2004 كشف تقرير في صحيفة وول ستريت جورنال ان "القاضي" حول مليون وربع مليون دولار من حسابه البنكي في جنيف الى مدرسة دينية في اليمن عبر شركة "مرام" في اسطنبول والتي تبين انها واجهة للقاعدة. شركة "مرام" للسفر أسسها "ممدوح سليم" الموقوف في الولايات المتحدة منذ 2004 لدوره في تفجير السفارة الامريكية في كينيا وتنزانيا عام 1998. والمدرسة اسسها الشيخ "عبدالمجيد الزندان" زعيم الاخوان المسلمين في اليمن. لم ينكر اردوغان علاقته بياسين القاضي، بل عبر عن ثقة تامة به "انا اؤمن به كما اؤمن بنفسي"، هذا ما قاله في لقاء تلفزيوني عام 2006.

في شهر يونيو/حزيران 2013، تعرض ياسين القاضي واسامة قطب (ممول اخر للقاعدة) لحادث سير في اسطنبول وكان برفقتهما ابراهيم يلديز مسؤول الامن لرئيس الوزراء إردوغان بعد اجتماع مع رئيس جهاز المخابرات التركي (MIT) كان بلال إردوغان اول من زارهما وبأمر من إردوغان الأب تم مسح اسميهما من سجلات المستشفى لانهما دخلا تركيا بطريقة غير مشروعة. اراد اردوغان اخفاء اي اثر لوجودهما في تركيا.

اضافة الى كل ذلك التواطؤ والعلاقة بالارهاب، التطورات الاخيرة المتعلقة بمدينة تل ابيض على الجانب السوري (شمال سوريا وتبعد 100 كيلومتر عن الرقة) ومدينة انجقلا المقابلة على الجانب التركي تدق ناقوس الخطر. الاخبار الواردة تقول بأن الحكومة التركية امرت بإخلاء الشريط الحدودي ونشر الدبابات على الجانب التركي المقابلة لمدينة تل ابيض السورية. لم يسعنا لحد الآن تأكيد المعلومات التي تقول ان هذه الاسلحة الثقيلة والدبابات تم نقلها الى تل ابيض لدعم تنظيم داعش الذي خرج من رحم القاعدة، وليس لحماية الشريط الحدودي التركي كما تدعي تركيا. المبرر الذي ساقه التركي، منع اقامة كيان كردي، لن ينجح بتسويقه.

التطورات الاخيرة أيضاً، معركة الجنوب السوري على المحاور الثلاثة القنيطرة – دمشق – درعا حيث يتقدم الجيش السوري والمقاومة، احدثت تحولاً جذرياً في موزاين القوى على الارض. والمبعوث الدولي دي ميتسورا حسم التجاذبات حول شرعية الرئيس بشار الاسد وانه جزء من الحل وليس جزء من المشكلة. في قمة بروكسل قرر الاتحاد الاوربي مراجعة استراتيجيته في المنطقة والنمسا طالبت بالوقوف الى جانب دمشق لمحاربة الارهاب. ومجلس الأمن اصدر القرار 2199 تحت الفصل السابع بتجفيف مصادر تمويل داعش وجبهة النصرة والقاعدة. تنظيم داعش يتقهقر في العراق ومعركة الموصل الكبرى تقترب.

بعد الهزائم التي مُنيت بها على كافة الجبهات - سقوط حلفاء تركيا في ليبيا وتونس ومصر ووضع الاخوان المسلمين على لائحة الارهاب في مصر ودول الخليج الفارسي، وبوادر اضطرار الاردن الخروج من التحالف المعادي لسوريا بعد جريمة حرق الطيار الاردني معاذ الكساسبة، اصبح التركي وحيدا ومعزولاً وستزداد عزلته بعد معركة الموصل الكبرى القادمة.

الخلاصة، المشروع الامريكي بتعميم النظام الاخواني التركي كترياق للاصولية الاسلامية وفقاً لتوصيف بريجنسكي، تحطم امام القلعة السورية. بسبب الانحراف الاهوج من "تصفير المشكلات" الى "تعميم المشكلات" وبسبب انتقال الخطاب الديني التركي من الاعتدال المقبول الى التطرف المذهبي والطائفي المرفوض خسر اردوغان معظم الاوراق التي كانت بحوزته، ولم يبق بيده سوى ورقة حلب وقد صارت ضعيفة جداً، لذلك هناك اهتمام تركي متزايد بلبنان يطال مناطق عديدة على امتداد الجغرافيا اللبنانية ربما لخلق خلايا نائمة تفجر الوضع من الداخل في تزامن مع اشعال الجبهة الشرقية وتفجير الوضع الداخلي في الاردن، لتأمين مقعداً لتركيا على طاولة الحل السياسي في المنطقة وقد اصبح مرفوضاً في المشرق العربي ومنبوذاً في اوربا.

رضا حرب - cgsgs