اتفاق لوزان.. هل خسرت ايران "قنبلتها" النووية؟!

اتفاق لوزان.. هل خسرت ايران
الجمعة ٠٣ أبريل ٢٠١٥ - ٠٢:١٢ بتوقيت غرينتش

الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأميركي باراك أوباما بعد انتهاء المفاوضات الماراثونية في لوزان السويسرية مع الايرانيين حول الملف النووي الايراني والعقوبات الاممية، وبالتالي اتفاق الاطار العام الذي يعد حصيلة لـ12 سنة من المفاوضات والصدامات (الى الآن ) كان موجهاً الى اعداء الاتفاق ومعارضيه من صهاينة وخليجيين، دون غيرهم.

نعم، فاللغة التي استخدمها الرئيس الأميركي والتي كان يبرر فيها “قوة” ما حصل عليه، وايضاً تأكيده على تعطيل مشروع “القنبلة النووية” الايرانية والخيارات التي لا تزال مطروحة على طاولته، كانت كميديا يراد منها اخراج المشهد المتوتر والمقلق والحزين لدي معارضي الاتفاق (الصهاينة والخليجيين ـ بأستثناء سلطنة عمان ـ) من حاله، مؤكداً على ان أمن “اسرائيل”و”أمن حلفاء أميركا في المنطقة“، من الثوابت التي لاينقضها الاتفاق!
لكن للنناقش خطاب أوباما من خلال مفردتين، هما: تعطيل مشروع “القنبلة“ النووية الايرانية والابقاء على “خياراته الاخرى“ على الطاولة:
1-  هل كان أوباما بجاجة لكل هذا الاسترسال حول “القنبلة النووية" الايرانية المزعومة؟
الجواب: نعم، من وجهة النظر الأميركية، لأنهم أصموا آذان العالم بهذه الفرية التي استخدموها لفرض عقوباتهم الظالمة والتي وصفها أوباما نفسه بغير المسبوقة!
لكن أوباما يعرف تماما.. ان لا وجود لقنبلة نووية الا في مخيلته ومخيلة نتنياهو ومن هم على شاكلتهم وان فتوى الامام الخامنئي، قائد الثورة، واضحة في هذا المجال، ثم ان وكالة الطاقة الذرية وجميع أجهزة المخابرات الغربية ومنها الـ CIA الأميركية، لم تستطع اثبات أية معلومة او دلالة على السعي الايراني لانتاج قنبلة نووية، لذلك فأنه استهلك نصف خطابه لوصف “بطولة“ وهمية، هي تعطيل مشروع ايران في انتاج سلاح نووي!
كان ذلك أقرب للمزحة منه الى الحقيقة والجدّ، رغم ان هناك من يصدقه مختاراً أو من باب الاضطرار!
واعتقد هنا ان مخاطبه في ذلك كان اضافة الى من ذكرناهم، اعضاء الكونغرس في الداخل الأميركي وايضاً الناخبين الذين يريد من خلال هذا “النصر“ الدبلوماسي أن يحصد أصواتهم لصالح حزبه بعد عامين من الآن ( انتخابات أواخر 2016).

2-  كرر أوباما الحديث عن خياراته في مواجهة ايران، والتي شرحها في ما بعد، وهي: اولاً، ضرب المنشآت النووية عسكريا، أي الحرب على حد قوله. ثانياً، الاستمرار بالعقوبات. وثالثاً الجلوس على طاولة المفاوضات واستخدام طرق الحل الدبلوماسي.. والغريب انه رفض الخيارين الأولين لأنها لن يوقفا المشروع النووي الايراني، بل سيزيدان من وتيرته وخطورته، حسب قوله.

فما كان عليه الّا اللجوء للخيار الثالث، اضافة الى ان خيار الحرب سيكون مكلفاً له ولأصدقائه وحلفائه في المنطقة، ولو كانت ايران ضعيفة ولا تستطيع الرّد لما تأخر أوباما وزعماء الكيان الصهيوني لحظة في ضربها، خاصة وان هناك من يدفع لهم فاتورة حربهم... لكن الخوف هو الذي جعلهم يترددون.
لذلك يا سيد أوباما تهديدك من نوع طحن الهواء واذا كنت لا تستطيع تنفيذه، فلك ان تحتفظ به في “درج“ الذكريات والاوهام.

مبروك لايران هذا النصر ومبروك لشعبها وقيادتها هذا الاعتراف الأميركي بالقوة والسيادة، وان كانت ايران ليست بحاجة لأن يعترف لها أحد بذلك، لأن الواقع هو الذي يشهد بقوتها وذكاء رقادتها وصلابة رجالها.. ومبروك لجبهة المقاومة في كل المنطقة والعالم ومحبيها، فهذا النصر يشترك به السوريون واللبنانيون والعراقيون واليمنيون والفنزوليون ... وكل شرفاء واحرار العالم.. نصر يأتي على ايقاع نصرين آخرين في ساحة المقاومة والجهاد العسكري، أحدهما، تحرير تكريت من قوى الظلام، وهزيمة لداعمي الارهاب وموجهيه، وأخرى في اليمن الذي يتعرض لعدوان سعودي أميركي، حيث فشل رهان المعتدين بأعادة الهارب عبد ربه منصور هادي الى عدن، لأن عدن أضحت في قبضة القوات اليمينية واللجان الشعبية، وقد استطاعت القوات السيطرة على القصر الرئاسي ومقر علي محسن الاحمر، ولم يبق الّا الجيوب التي يجري تطهير المدينة منها.

هذه الانتصارات ستترك تأثيراً ايجابياً على محور المقاومة بشكل عام، لكنها ستزيد من هستيريا المحور الصهيوأميركي، الذي بدى منفعلاً أكثر، فيما يتعلق بأتفاق لوزان النووي (اتفاق الاطار العام ) وتحرير تكريت ومقاومة اليمن في وجه العدوان...
لذلك سيتجه الى المزيد من الدموية والقتل والتدمير، رغم انه حصل على تعهدات الراعي والسيد الأميركي بالحماية وبقاء الدعم، لكن هاجس القلق وعدم الثقة بدأت يتزايد لديه.

ان موقف حلفاء أميركا في أضعف أحواله في اليمن والعراق، لذلك وحسب خطة معدّة سلفاً، سيزداد الضغط على سوريا، خاصة وان المشروع الأميركي ـ الخليجي ـ التركي يقضي بدمج "داعش" و"النصرة" والاعلان عن تنظيم جديد يجمع ايضاً الحرّ وغيرهم من المرتزقة الذين يجري تدريبهم في تركيا والاردن والسعودية وقطر بأشراف أميركي ـ أوروبي، لفرض واقع جديد يعوض عن الهزائم في مناطق اخرى، وقد تجلت ملامح هذا المشروع الجديد من خلال:
1-  تهريب الولايات المتحدة لعناصر "داعش" المحاصرين في تكريت بأتجاه الموصل والرقة.
2-  اعلان متزعم جبهة النصرة، ابو محمد الجولاني، بأن ادارة ادلب سوف تكون مشتركة مع الفضائل الاخرى!
3-  ان تسلل داعش الى مخيم اليرموك جنوب العاصمة السورية دمشق تم بمساعدة جبهة النصرة!
فما معنى ان التنسيق بين "داعش" و"النصرة"، وبين المعارضة "المعتدلة" والمعارضة المتطرفة! الّا ان جميعها تنتمي الى نفس الوحل.. وهو ما قلناه وقاله غيرنا مراراً وتكراراً.
ولعل الموقف الاصعب للمحور الصهيوأميركي ـ حالياً ـ هو اليمن، لقد فشل القصف الجوي الذي استخدم حتى الاسلحة المحرمة دولياً في اضعاف قوة الحوثيين والجيش اليمني، فهل سسيجرؤ السعوديون واشقائهم الخليجيون على الدخول في برّ اليمن، أم سيكتفون بالقصف الجوّي والبحري وبتحريض ودعم القاعدة لتحقق لهم اهدافهم...؟ وهم يدركون جيداً ان القاعدة لايمكنها ذلك وان دخولهم مكلف وسينتهي الى هزيمة.. فلا خبرة في القتال لديهم ولا قوة الحوثي والجيش اليمني في المواجهة، خاصة وان اليمنيين يقاتلون على أرضهم..

اذا، هي فرصة لتغليب العقل والاستجابة لدعوات السلم، رغم اني اشك في قدرة اصحاب "الاستخراء" على التفكير العقلاني لأنهم يتحركون من منطلق الحقد والضغينة وردات الفعل، كما وصفهم صديقهم القديم جفري فيلتمان.. وهذا ليس ادعاء، تصوروا كيف كانت ايران ستتعامل مع قضية احمد علي عبد الله صالح (حسب الرواية السعودية للواقعة) لو كانت بدل السعودية؟!
وهذا الفرق بين التفكير العقلاني الواعي والتفكير "الاستخرائي" والانفعالي المبني على الضغينية والحقد...
لذلك على الجمهورية الاسلامية الايرانية وبعض القوى  الصديقة والشقيقة، مثل: الجزائر وسلطنة عمان وتونس، ان تسعى لحلحلة الاوضاع رحمة بالسعوديين والخليجيين قبل غيرهم.. على قاعدة وما أرسلناك الاّ رحمة للعالمين.
بقلم: علاء الرضائي